من سوريا إلى اليمن وليبيا.. بانوراما عربية واقليمية تظهر عمق الازمة الدولية
انحسرت المتابعات الاعلامية والدبلوماسية المباشرة للاوضاع في سوريا خلال الساعات القليلة الماضية لتتجه الانظار إلى اليمن حيث تميز اليوم الامني باشتعال اكثر من جبهة واشتداد موجة العنف بين مؤيدي النظام من جهة ومعارضيه من جهة ثانية. كما تركزت المتابعات على الوضع الليبي في ظل انقسامات حادة بين صفوف الثوار، تلك الانقسامات والتباينات في وجهة النظر التي تتحول إلى اشتباكات في ما بين فصائل الثور، وكل ذلك تحت انظار قوات "الناتو" التي لم تنجح بعد في توحيد الرؤية الليبية وتشكيل حكومة مؤقتة تأخذ على عاتقها ادارة البلاد بانتظار الانتخابات الديمقراطية المفترضة. وإلى جانب هذه المتابعات، انصبّ الاهتمام في الوقت ذاته على التوتر المتصاعد في المتوسط بين تركيا من جهة وقبرص التي اعلنت عن البدء في عمليات التنقيب عن الغاز من خلال شركة اميركية متخصصة من جهة ثانية، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول تنامي الدورالتركي والسيناريوهات التي تنتهجها انقره بدءا من تبنيها موقف الغرب من الملف السوري مرورا بالفتور السياسي والدبلوماسي مع تل ابيب، والذي يطرح اكثر من علامة استفهام حول جديته وتداعياته.
في انحسار المتابعات الاعلامية الدولية للملف السوري، يشير متصلون بعواصم القرار إلى ان المجموعة الغربية باتت على قناعة بضرورة تبريد الملف السوري بعدما تعذر السير به قدماً باتجاه تغيير المعادلة الداخلية من خلال اسقاط النظام، الأمر الذي ولّد قناعة راسخة بان الحل المتاح راهنا هو من خلال تسوية ما، وهذا ما يتم العمل عليه بكواليس السياسات الدولية.
من جهة ثانية، يشير قادمون من العاصمة السورية إلى أنّ قوات الجيش والامن لاسيما قوات الامن والاستطلاع تمكنت من فرض معادلة جديدة على الشارع السوري بعد ان تمكنت من القضاء على قسم كبير ممن تصفهم بالمسلحين والارهابيين، وهي اي قوات النظام تستفيد من الانشغالات الدولية الطارئة للامعان في محاصرة الخلايا الارهابية وملاحقتها، وذلك بعد ان تمكنت من اقفال الكثير من المنافذ التي يأتي عبرها السلاح والعناصر والاموال واجهزة الاتصال، حتى ان هؤلاء يكشفون ان الاجهزة الامنية السورية تمكنت من محاصرة العديد من الخلايا الاستخباراتية الاميركية والعربية والخليجية بوجه خاص، وهي تعمل في هذا الوقت على مطاردتهم وشل حركتهم.
وفي موازاة التبريد اللاحق بالازمة السورية، سجل المرصد العربي انفجارا في الوضع اليمني ادى إلى دخول اميركي على الخط من خلال بيان اصدرته السفارة الاميركية في صنعاء امل في انهاء العنف خلال اسبوع، وذلك من خلال تسوية سياسية، ما يوحي بان الازمة هناك تسير وفق خط تصاعدي يتماشى ويتماهى مع الخط الذي تسير فيه الازمة الليبية المرشحة للتفاعل في ظل خلافات كبيرة بين فصائل الثوار، بما ينذر بحرب استنزاف طويلة الامد، لاسيما ان مؤيدي نظام القذافي ما زالوا يعملون على استعادة بعض المواقع الاستراتيجية التي تسمح لهم باستعادة بعض من زمام المبادرة.
في المقابل طغى الخلاف التركي القبرصي على ما عداه، خصوصا انه يأتي في ظل توتر كبير في العلاقات التركية الاسرائيلية، ما استدعى تدخل وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون لاصلاح ذات البين بين الدولتين من غير ان يغير شيئا في ظاهر الامور، وذلك في ظل اعتقاد بعض العارفين بكواليس السياسات الكبرى بان ما يجري بين الدولتين يقع من ضمن سيناريو يسمح لتركيا بالاستئثار بالورقة السنية تمهيدا لتوظيفها في اوقات لاحقة.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد