مصارف سوريا تحت الضوء
«الاضطرابات السياسية التي بدأت في سوريا في مطلع آذار 2011، أثّرت على اقتصاد البلاد وقطاعاته المختلفة». هكذا يستهلّ تقرير «Deloitte» تقويمه لوضع المصارف التجارية الخاصة العاملة في سوريا في الربع الأوّل من العام الجاري.
وفي ظلّ تأخّر نتائج أداء القطاع حتّى منتصف العام الجاري لتحديد الآثار الحقيقية للاضطرابات التي تشهدها البلاد على المصارف الخاصة، تبدو الأرقام المسجّلة في الربع الأوّل الدلالة العلمية الوحيدة لتحديد التحوّلات التي طرأت منذ نهاية عام 2010 الذي «استمرّت خلاله المصارف الخاصّة بالنموّ والتوسّع».
وعن الأداء في الربع الأوّل من العام الجاري يقول التقرير: «رغم أنّ معظم المصارف استمرّت في تحقيق أرباح خلال فترة الأشهر الثلاثة المنتهية في 31 آذار 2011، يُلحظ أنّ الأصول المجمّعة الإجمالية لتلك المصارف تراجعت من 650 مليار ليرة سورية إلى 624 مليار سوريّة (13.14 مليار دولار)» أي بنسبة 4%.
تفاصيل الردّة
وفي ما يتعلّق بحركة الودائع، التي تُمثّل مؤشّراً أساسياً للثقة بالقطاع وبالأوضاع الاقتصاديّة العامّة، فقد «تراجعت بنسبة 18%، حيث هبطت من 521 مليار ليرة (10.97 مليارات دولار) إلى 427 مليار ليرة (8.99 مليارات دولار) بنهاية الفصل الأوّل» مقارنة بنهاية عام 2010.
أمّا التسهيلات الائتمانيّة (القروض) فقد بلغت في الربع الأوّل، بحسب بيانات التقرير نفسه، 273 مليار ليرة (5.75 مليارات دولار). وتصدّر «بنك عودة ـــــ سوريا» (BASY) البنوك الأخرى، وفقاً لهذا المؤشّر، إذ بلغت القروض التي منحها 41 مليار ليرة سورية (864 مليون دولار)، يليه «بنك بيمو السعودي الفرنسي» (BBSF) بـ37 مليار ليرة (780 مليون دولار).
وفي التفصيل، تراجعت أصول 8 مصارف خاصة في سوريا من أصل 14 مصرفاً عاملاً في هذه السوق؛ وسُجّل التراجع الأكبر لدى «بنك عودة ـــــ سوريا» بنسبة 9%. فيما ارتفعت أصول 6 مصارف، سُجّل النموّ الأكبر لدى «بنك البركة» بنسبة 22%.
ومن جهة أخرى، تراجعت ودائع 8 مصارف أيضاً فيما تقلّصت ودائع 6 مصارف. وسُجّل التراجع الاكبر لدى مصرف «فرنسبك ـــــ سوريا» بنسبة 19%، فيما سجّل «بنك البركة» أعلى معدّل نموّ بلغ 63%.
وتأتي ردّة الفصل الأوّل في أداء المصارف الخاصّة في سوريا بعد سنوات من النتائج الطيّبة أمّنتها مسيرة الإصلاح التي فتحت المجال أمام المصارف الأجنبية لتُطلق عملها في الاقتصاد السوري.
انطلاق المسيرة
وانطلق إصلاح القطاع المصرفي في سوريا في آذار 2001، حين صدر قانون إنشاء وعمل المصارف التجارية الخاصة (يحمل الرقم 28). وبعد 4 أعوام صدر مرسوم تشريعي لتنظيم عمل المصارف الإسلاميّة. وتتابعت التشريعات خلال عقد كامل حيث شكّل هذان التشريعان الأرضيّة لازدهار القطاع الخاص في الصيرفة السوريّة. ظهر ذلك في نموّ عدد المؤسّسات العاملة بنسبة 367% بين عامي 2004 و2010، ليبلغ 14 مؤسّسة في العام الماضي. بينها 11 مصرفاً تقليدياً وثلاثة مصارف إسلاميّة.
وبحسب البيانات التي يتضمّنها تقرير «Deloitte» عن القطاع وأدائه حتّى عام 2010، نمت الأصول الإجمالية للقطاع بنسبة 93% بين عامي 2007 و2010، إلى 650 مليار ليرة سوريّة (13.68 مليار دولار. كلّ دولار يساوي 47.4 ليرة سورية).
غير أنّ نمط النمو السريع المسجّل خلال السنوات الماضية هدأ قليلاً في عام 2010، «حيث بلغ نموّ الأصول الإجمالية 28%، وهو أدنى من المعدّل المسجّل في العامين السابقين»، حين بلغ النموّ 30% و34% في عامي 2009 و2008 على التوالي.
ومع نموّ الأصول نمت القروض الممنوحة بنسبة 287% بين عامي 2007 و2010، لتمثّل 50% من ودائع الزبائن بنهاية العام الماضي مقارنة بنسبة 29% فقط في أوّل الفترة. واللافت في هذه القروض هو أنّ 86% منها موجّه إلى قطاع الأعمال، فيما 14% من القروض الإجمالية هي قروض شخصيّة.
وقد استحوذ القطاع الصناعي على 46% من القروض الموجّهة للقطاعات المختلفة، ارتفاعاً من 36% في عام 2008؛ فيما بلغت حصّة قطاع التجارة 31%، والنسبة الباقية (23%) هي للقطاعات الأخرى.
أمّا ودائع الزبائن الإجماليّة فقد بلغت 522 مليار ليرة سورية (نحو 11 مليار دولار) بنهاية العام الماضي، مسجّلة ارتفاعاً بنسبة 28.5% مقارنة بنهاية عام 2009، حين كانت 406 مليارات ليرة. ويتصدّر «بنك بيمو السعودي الفرنسي» السوق من حيث الودائع، بنسبة 20%، يليه «بنك عودة ـــــ سوريا» و«بنك سوريا والمهجر» بنسبة 16% لكلّ منهما ثمّ «بنك سوريا الإسلامي الدولي» بنسبة 13%.
قروض متعثّرة
ويبدو أنّ النموّ الكبير في حركة الإقراض، صاحبه نمو في معدّلات القروض المعثّرة. فقد بلغت قيمة تلك القروض 9.12 مليارات ليرة بنهاية العام الماضي، مقارنة بـ4.75 مليارات ليرة بنهاية العام السابق، أي بنسبة نموّ بلغت 92%، وهو مؤشّر سيّئ، وتحديداً لأنّ القطاع فتي نسبياً.
أمّا الأرباح الصافية بعد الضرائب فقد بلغت في العام الماضي 3.84 مليارات ليرة في العام الماضي، مع العلم أنّ 4 مصارف تكبّدت خسارة في العام الماضي، بلغت 639 مليون ليرة. وبالمقارنة مع عام 2009، فإنّ الأرباح الصافية (محسومة منها الخسائر) قد بلغت 2.34 مليار ليرة، فيما بلغت الخسائر في ذلك العام 1.05 مليار ليرة تكبّدتها 5 مصارف.
وهكذا تكون الأرباح الصافية الإجمالية للقطاع قد نمت بنسبة 64.1%، فيما تراجعت الخسائر بنسبة 39%.
--------------------------
57 % نسبة نموّ قروض المصارف الخاصّة في سوريا في عام 2010 مقارنة بالعام السابق، لتبلغ 263 مليار ليرة سورية (5.5 مليارات دولار)
210 عدد فروع المصارف التجارية الخاصة (تقليديّة وإسلاميّة) العاملة في سوريا. يتصدّر هذا المؤشّر «بنك بيمو السعودي الفرنسي» بـ36 فرعاً
10 مليارات ليرة سورية الحدّ الأدنى لرساميل المصارف التقليدية المحدّد بمرسوم رئاسي صدر العام الماضي. ويرتفع الحدّ إلى 15 مليار ليرة للمصارف الإسلاميّة
أصول المصارف الإسلاميّة لا تُمثّل أصول المصارف الإسلاميّة سوى 15.3% من إجمالي أصول المصارف الخاصّة العاملة في سوريا، بحسب تقرير «Deloitte». فهي بلغت في نهاية العام الماضي 99.3 مليار ليرة سورية (2.09 مليار دولار). بيد أنّ نموّ أصول تلك المصارف نمت بنسبة أسرع من الإجمالي المسجّل، 33.1% في مقابل 28.5%. وهذا التفاوت في معدّلات النموّ أدّى إلى ارتفاع حصّة أصول المصارف الإسلامية من الأصول الإجمالية بواقع 9 نقاط مئويّة تقريباً، من 6.5% فقط في عام 2007.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد