مصر: اعتقال العقل المدبر لفتنة إمبابة والأزهر
واصلت السلطات المصرية، ومعها قوى «ثورة 25 يناير»، أمس، جهودها لاحتواء الفتنة الطائفية التي أطلت برأسها من منطقة امبابة في القاهرة، يوم السبت الماضي، حيث أعلنت الحكومة عن توقيف «العقل المدبر» للهجوم على كنيسة مارمينا، وسط حديث عن حملة اعتقالات طالت عدداً من السلفيين في امبابة، واتهامات لفلول الحزب الوطني المنحل بتوتير الشارع المصري، فيما دعت اللجنة التنسيقية لقوى الثورة إلى تظاهرة مليونية جديدة في ميدان التحرير بعد غد الجمعة للتأكيد على الوحدة الوطنية.
في هذا الوقت، قرر النائب العام المصري تمديد حبس الرئيس المخلوع حسني مبارك 15 يوماً إضافياً تمهيداً لإحالته للمحاكمة بتهم الفساد وقتل المتظاهرين، فيما أصدرت محكمة مصرية حكماً بالسجن خمسة أعوام على وزير السياحة الأسبق زهير جرانة بتهم فساد، في خطوة هي
الثانية من نوعها بعد صدور حكم بحبس وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي الأسبوع الماضي.
وأعلنت الحكومة المصرية، في بيان مقتضب نشرته على صفحتها في موقع «فيسبوك»، إن «وزارة الداخلية ألقت القبض على العقل المدبر الذي خلق شرارة التصادم بين المسلمين والمسيحيين في امبابة» من دون ان تكشف عن هويته، مضيفة أن «14 آخرين ممن شاركوا فى أحداث الفتنة المؤسفة تم توقيفهم كذلك»، بالإضافة إلى 190 شخصا آخرين سبق أن ألقي القبض عليهم وأحيلوا للنيابة العسكرية.
وفي هذا الإطار، ذكرت صحيفة «اليوم السابع» أن قوات الأمن شنت حملة اعتقالات واسعة في امبابة، أسفرت عن اعتقال مجموعة من السلفيين، يزيد عددهم على العشرين فرداً، بالإضافة إلى عدد من المواطنين ممن يشتبه في تورطهم في أحداث الفتنة. ونقلت الصحيفة عن «مصادر مطلعة» أن أبرز المعتقلين من السلفيين هو الشيخ أشرف أبو أنس الذي ظهر في شريط مصور دعا فيه إلى إحراق كنائس إمبابة احتجاجا على احتجاز مسلمة داخل كنيسة مار مينا بحسب زعمه.
بدورها، نقلت صحيفة «المصري اليوم» عن مصدر عسكري قولها إن ثمة معلومات مؤكدة تفيد بتخطيط رموز الحزب الوطني المنحل لإدخال مصر فى حرب أهلية، عبر إشعال الفتنة الطائفية، وآخرها ما حدث فى إمبابة. وأوضح المصدر أن رموز الحزب قرروا استخدام أعضاء في الحزب في ارتكاب أعمال تهدف إلى إفشال الثورة ونشر الفوضى وإشعال الحرب الأهلية، حتى تتسنى لهم العودة لممارسة أنشطتهم التي يجرمها القانون، مشيراً إلى ان هؤلاء كانوا ينتفعون من الحزب المنحل قبل الثورة، فى صور نهب ورشى كانت تدر عليهم دخلاً كبيراً، وبعد الثورة توقف دخلهم عند رواتبهم فقط.
وأكد المصدر أن القوات المسلحة ستلقي القبض على المتزعمين لهذا المخطط تباعاً، لأنه يستحيل القبض على كل المتورطين من الحاقدين على الثورة دفعة واحدة بسبب ضخامة عددهم.
وفي ما يعكس حال التوتر الأمني التي تشهدها مصر، بعد أحداث امبابة، أثار اختفاء فتاتين في مدينة الأقصر أصواتا منددة بالفلتان الأمني، ليتبيّن بعد ساعات أن الفتاتين توجهتا إلى القاهرة لشراء ملابس لهما من دون علم أهلهما.
في هذا الوقت، واصل آلاف الأقباط، ومعهم عدد من المسلمين اعتصامهم، أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون، لليوم الثالث على التوالي، مطالبين بسرعة محاكمة المتورطين فى الأحداث الطائفية.
ودعت اللجنة التنسيقية لجماهير «ثورة 25 يناير» جموع الشعب المصري للخروج فى مسيرات مليونية يوم الجمعة في ميدان التحرير في القاهرة والميادين الكبرى في كافة محافظات مصر تحت شعار «جمعة الوحدة الوطنية والتطهير»، مشيرة إلى أن هذه التظاهرات تأتي لمواجهة مؤامرات أعداء الثورة من فلول النظام السابق والحزب الوطني المنحل والبلطجية والمجالس المحلية الفاسدة لقيامهم ببث الفتنة الطائفية بين أبناء مصر.
وتتكون اللجنة التنســيقية لجــماهير الثورة المصرية من ست حركات هي: «ائتلاف شباب الثورة»، وجماعة «الأخوان المسلمين»، و«الجمعية الوطنية للتغيير»، و«مجلس أمناء الثورة»، و«تحالف ثوار مصر» و«ائتلاف مصر الحرة».
وبدأت جماعة «الإخوان» في امبابة في تشكيل «لجنة حكماء» دائمة من أهالي ورموز المنطقة لإزالة الاحتقان بين أطياف أهالي المنطقة، وعودة الحياة من جديد إليها، والسعي لتأسيس علاقات قوية مع الكنائس. وأشارت الجماعة إلى أن إعادة الأمور إلى طبيعتها فى المنطقة ليست بالأمر السهل والقريب، لكنها أوضحت أن جهوداً حثيثة تبذل لإزالة الاحتقان.
من جهته، قرر حزب «التجمع» اليساري تنظيم وقفات تضامنية مع الأقباط وبدء حملات لجمع توقيعات موجهة للمجلس العسكري لإصدار المراسيم اللازمة لتأكيد الوحدة الوطنية وتلبية متطلباتها.
وأعلن الداعية الإسلامي الشيخ محمد حسان ان شيخ الأزهر احمد الطيب وافق على لقاء وفد يمثل رموز التيار السلفي في مقر المشيخة لبحث سبل التوافق على خطاب ديني موحد لمواجهة التطورات التي تمر بها مصر حاليا، ولتحقيق الاستقرار والأمن وللاتفاق على برنامج عمل يؤسس لتفعيل دور الأئمة خلال تلك المرحلة.
من جهة ثانية، قرر النائب العام المصري تجديد حبس الرئيس المخلوع حسني مبارك 15 يوما على ذمة التحقيقات الجارية معه في اتهامات بالفساد والتحريض على قتل المتظاهرين «تمهيدا للتصرف في القضية».
وأشارت النيابة العامة إلى أن «محققين من مكتب النائب العام عبد المجيد محمود انتقلوا صباح اليوم (أمس) إلى مستشفى شرم الشيخ لاستكمال استجواب الرئيس السابق في حضور محاميه في بعض الاتهامات المتوافرة في الأوراق، وانتهت إلى تجديد حبسه للمرة الثانية تمهيدا للتصرف في القضية»، مشيرة إلى أن النائب العام «سيعلن خلال الأيام المقبلة التصرف النهائي في التحقيقات مع مبارك»، ما يعني الإعلان عن إحالته للمحاكمة أو حفظ التحقيقات.
في هذا الوقت، قضت محكمة جنايات الجيزة بحبس وزير السياحة الأسبق زهير جرانة ورجلي الأعمال هشام الحاذق وحسين حبيب سجواني (إماراتي الجنسية)، لمدة خمس سنوات في قضية خصخصة أرض مملوكة للدولة بما أضر بالمال العام، وغرمتهم مبلغا يزيد على 293 مليون جنيه (49,35 مليون دولار)، كما حكمت برد الأرض.
وهذا ثاني حكم بالسجن الغرامة يصدر ضد وزير في نظام مبارك، إذ سبق أن أصدرت محكمة مصرية، الأسبوع الماضي، حكماً بسجن وزير الداخلية حبيب العادلي لمدة 12 عاماً في قضية فساد أيضاً.
وأدين جرانة بالتربح وتربيح الغير والإضرار المتعمد بالمال العام، فيما صدر الحكم على الحاذق وسجواني غيابياً. وفي بداية الجلسة نادت المحكمة على جرانة بالاسم إثباتا لحضوره فلم يرد في ما بدا أنه كان يتوقع الإدانة. وبعد صدور الحكم تعدى جرانة وأقارب له بالسب على هيئة المحكمة وصحافيين تعرضوا للرشق بزجاجات المياه.
ونسبت النيابة العامة لجرانة تخصيص خمسة ملايين متر مربع في محافظة البحر الأحمر للحاذق الذي يرأس مجلس إدارة «شركة الجمشة للتنمية السياحية» بسعر دولار واحد للمتر، أي أقل من السعر السائد وقت البيع وهو ثلاثة دولارات. كما نسبت له تخصيص 20 مليونا و703 آلاف متر مربع في المنطقة ذاتها لشركة «داماك» التي يرأس سجواني مجلس إدارتها بسعر دولار واحد أيضا للمتر.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد