"المستقبل" يبدأ هجوماً مضاداً على ميقاتي
رحلة تأليف الحكومة اللبنانية لم تنته بعد. الرئيس المكلف بدأ منذ يوم أمس المشاورات الجدية، وافتتحت القوى السياسية البازار التقليدي الذي أكدت مصادر معنية بالاستشارات أنه سينتهي قريباً. واستمر الرئيس نبيه بري أمس متفائلاً بتأليف الحكومة قبل نهاية الأسبوع
أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أمس، لليوم الثاني على التوالي، أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي «ستخرج هذا الأسبوع إلى الحياة المشرقة والمباركة». ورغم ذلك، فإن بعض الأوساط السياسية لا تزال ترى صعوبة في التوصل إلى تأليف الحكومة قبل الأسبوع المقبل. وتلخص أوساط الأكثرية الجديدة أجواء المشاورات الدائرة حول تأليف الحكومة بالقول إن الرحلة الجدية لتأليف الحكومة بدأت منذ يوم أول من أمس، بعدما حُسم أن قوى 14 آذار لن تشارك في الحكومة. وبرأي مسؤول رفيع المستوى في الأكثرية الجديدة، فإن رحلة التأليف تخطت عدداً كبيراً من العقبات، وباتت مطالب جميع القوى معروفة لدى الرئيس المكلف الذي بدأ «إسقاط الإشارات والإحداثيات على الخرائط». ويؤكد المسؤول ذاته أن التوجه العام حالياً يقضي بتأليف حكومة من 24 وزيراً، إلا إذا اقتضت تلبية مطالب مختلف الأطراف السياسية رفعَ عدد المقاعد الوزارية إلى ثلاثين. ورأى المصدر عينه أن كل العقد الأساسية تمّ تخطيها، لكونها باتت قابلة للنقاش والحل.
ولفتت مصادر معنية بالمشاورات إلى أن العقدتين الرئيسيتين اللتين يجري البحث فهما اليوم تتمثلان بتوزيع المقاعد الوزارية المسيحية وبالتمثيل النسبي للعاصمة. في الأولى، تكمن العقدة الرئيسية بين الرئيس ميشال سليمان والتيار الوطني الحر، مع الأخذ في الاعتبار أن الرئيس المكلف ستكون له حصة من المقاعد الوزارية المسيحية، وأن الرئيس نبيه بري يطالب بتوزير النائب ميشال موسى. وفي النقطة الأخيرة، تؤكد مصادر معنية بالمشاورات أن برّي جاد في هذا المطلب، إلا أنه لا ينظر إليه كما لو أنه «نصف الدنيا». وأكدت المصادر أن الحل بين سليمان وعون ليس مستحيلاً، ويمكن التوصل إليه من دون «كسر أي منهما»، حتى في ما يخص حقيبة الداخلية التي يصر سليمان على إبقائها ضمن حصته، والتي يطالب بها عون. ويجري البحث عن مخرج بين الرجلين، كمثل تسمية شخص يقف في الوسط بينهما، أو أن تُسنَد إلى وزير من حصة النائب سليمان فرنجية.
أما التمثيل السُّني لبيروت، فقد اقترب من الحسم بعدما أكد النائب تمام سلام أمام وفد من اتحاد العائلات البيروتية أنه سيشارك في حكومة ميقاتي. إلا أن مصادر بيروتية أكدت أن سلام سينسحب في نهاية المطاف، علماً بأن مقربين منه لا يزالون يؤكدون أن «تمام بيك» سيكون وزير التربية في الحكومة المقبلة.
ويوم أمس، نفى الرئيس المكلف تأليف الحكومة نجيب ميقاتي عبر مكتبه الإعلامي أن يكون في وارد زيارة دمشق، لأنه لا يريد مغادرة لبنان قبل الانتهاء من تأليف الحكومة.
وبدأ العماد ميشال عون أمس رحلة حج إلى مرقد القديس مارون في بلدة براد الحلبية، حيث سيقام قداس اليوم يحضره آلاف اللبنانيين. وأكدت مصادر سياسية أن عون سيلتقي الرئيس بشار الأسد. وفيما تراهن بعض قوى الأكثرية الجديدة على تدخل سوري يسهل تأليف الحكومة، دخلت السفيرة الأميركية مورا كونيلي أمس على خط الاستشارات، فوزعت السفارة بياناً ذكرت فيه أن كونيلي عقدت اجتماعاً «مع رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وبحثت معه التطورات السياسية الأخيرة في لبنان. وشددت على أن الولايات المتحدة ستحتاج إلى النظر في تشكيلة الحكومة الجديدة وبيانها الوزاري وأدائها قبل أن تتخذ أي قرار في شأن العلاقات الثنائية الأميركية ـــــ اللبنانية». ورأت كونيلي أن «أي حكومة تدعي أنها ذات صفة تمثيلية حقيقية لكل لبنان ستدرك استحالة التخلي عن الجهود التي تبذلها المحكمة (الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري) لوضع حد لحقبة الإفلات من العقاب على الاغتيالات في البلاد».
في هذا الوقت، بدأ تيار المستقبل هجوماً مضاداً على الرئيس نجيب ميقاتي، تمثل في الدعوة إلى عقد المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى غداً، فيما انتقل الأمين العام للتيار أحمد الحريري إلى طرابلس لمباشرة لملمة آثار الانتكاسة المستقبلية الأخيرة في الشمال.
وكانت الصالونات السياسية قد تناقلت امس أن المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى سينعقد غداً في جلسة استثنائية، بناءً على ضغوط مارسها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري على مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، بهدف الخروج ببيان يحرج الشخصيات السنية التي تنوي المشاركة في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. إلا أن مصادر معنية بالدعوة أكدت أن الرئيس سعد الحريري لم يكن صاحب الفكرة، بل إنها عُرضَت عليه بعد عودته من أوروبا، «بصفته شاغل المنصب الأعلى لدى المسلمين السنة في لبنان». وستوجه الدعوة، بحسب المصادر ذاتها، إلى جميع أعضاء المجلس، وأولهم ميقاتي. وتؤكد المصادر أن الاجتماع سيناقش «الثوابت الطبيعية التي يؤمن بها أهل السنة في لبنان، رغم ابتعادهم عنها خلال السنوات الماضية، وأبرزها عروبة لبنان بعيداً عن شعار «لبنان اولاً»، والعلاقة مع سوريا والقضية الفلسطينية، واتفاق الطائف وتثبيت النظام اللبناني». ونفت المصادر أن يكون هدف الدعوة هو إطلاق نوع من الحرم السياسي بحق من سيشاركون في الحكومة، متوقعة التطرق إلى القضية الشكلية في تسمية رئيس الحكومة.
وقالت مصادر في تيار المستقبل إن الهدف من زيارة الحريري هو «شدشدة براغي كوادر التيار وقواعده، في منطقة تعدّ خزانه الرئيسي في لبنان، بعد المتغيرات السياسية الأخيرة، والإعداد للمرحلة المقبلة من خلال تهيئة قواعد التيار لممارسة نهج معارض لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي». ولفتت مصادر التيار إلى أن «الهدف من زيارة الحريري إلى طرابلس، وليس إلى أي منطقة أخرى، هو عدم ترك الساحة الطرابلسية والشمالية فارغة أمام حلفاء الأمس وخصوم اليوم، الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي تحديداً، بل توجيه رسالة إليهما مفادها أنه ليس بإمكانهما التحرك كما يحلو لهما في مناطق تعدّ مركز ثقل للتيار، وعلى حسابنا».
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد