مجزرةالكنيسة تثير غضباً دولياً و«القاعدة»تهدّد بتحويل كنائس المنطقة إلى مقابر
تحوّلت كنيسة سيدة النجاة للكلدان الكاثوليك في بغداد إلى ما يشبه ساحة حرب، ارتكبت داخلها واحدة من أبشع المجازر بحق المسيحيين في العراق منذ الغزو الأميركي في العام 2003، ذهب ضحيتها 46 شخصاً، وأصيب 60، أي حوالى جميع من كان بداخلها أمس الأول. وتبنّت «دولة العراق الإسلامية» التابعة لتنظيم القاعدة الهجوم، مطالبة الكنيسة القبطية المصرية الإفراج عن مسلمات «مأسورات في سجون أديرة» في مصر، مهدّدة بتحويل الكنائس في المنطقة إلى مقابر إذا تواصل هذا الأمر.
وظهر أمس هول المجزرة والرعب الذي عاشه المصلّون لحوالى أربع ساعات داخلها، بعد أن اقتحم عناصر من «دولة العراق الإسلامية» الكنيسة. وهذا الهجوم، الذي وقع عشية عيد
جميع القديسين، يعتبر أحد الهجمات الأكثر دموية التي تستهدف مسيحيي العراق، وقد يزيد من هجرة هذه الطائفة التي تراجع عدد أبنائها من 800 ألف إلى 500 ألف منذ الغزو الأميركي في العام 2003.
وأعلنت مصادر أمنية عراقية، أمس، مقتل 58 شخصاً، وإصابة 78، في احتجاز الرهائن في الكنيسة والعملية التي شنتها القوات العراقية لتحريرهم. وقال مصدر في وزارة الداخلية «قتل 46 شخصاً من المصلّين خصوصاً من النساء والأطفال، وأصيب 60، حالة 20 منهم خطرة». وقتل 12 شرطياً وأصيب 15. كما قتل خمسة «إرهابيين».
وبدت الكنيسة كساحة حرب، حيث غطت الدماء الأرض والجدران واخترقها الرصاص وتناثرت داخلها الأشلاء. وكانت العملية انطلقت أمس الأول بتفجير سيارة وهجوم لمسلحين على سوق الأوراق المالية، في ما ظهر انه محاولة للفت الأنظار عن الهجوم الرئيسي على الكنيسة، حيث احتجزوا حوالى 120 مصلياً.
وقال المتحدث باسم القوات الأميركية الخاصة الكولونيل تيري غوندور إن القوات العراقية الخاصة قررت اقتحام الكنيسة بعد سماعها لإطلاق نار في الداخل. ونفى الجيش الأميركي أن يكون جنوده شاركوا في الهجوم على الكنيسة، مؤكداً أن دوره اقتصر على تقديم الاستشارة بعد انطلاق العملية.
وقال مسؤولان عسكريان عراقيان إن المسلحين قتلوا حوالى 30 شخصاً عندما بدأت القوات العراقية باقتحام الكنيسة. وقال مصدر في الشرطة إن عملية الإنقاذ التي قامت بها قوات عراقية كانت صعبة للغاية. وأوضح «المهاجمون كانوا بين الأطفال مع أسلحتهم. معظم الضحايا قتلوا أو جرحوا أثناء اقتحام القوات الأمنية المكان». وقالت مصادر أمنية إن العديد من الضحايا قتلوا في تبادل لإطلاق النار بين الشرطة والمسلحين.
وقال احد الرهائن، البالغ من العمر 18 عاماً، إن «رجالاً يرتدون ملابس عسكرية اقتحموا الكنيسة وقتلوا كاهناً على الفور. لقد احتميت داخل قاعة صغيرة حيث كان يوجد أربعة مصلين آخرين». وأضاف «بعدها بقليل، دخل اثنان من المسلحين إلى القاعة وأطلقا النار في الهواء وعلى الأرض ما أدى إلى جرح ثلاثة ثم دفعوا بنا إلى صحن الكنيسة. حصل بعدها تبادل إطلاق نار وسمعنا دوي انفجارات». وقالت فتاة، كانت ضمن الرهائن، «في حين كنت أحاول الخروج في الظلام خطوتُ فوق جثث».
وقال أسقف السريان الكاثوليك بيوس كاشا، خلال تفقده الكنيسة، «إنها مجزرة حقيقية»، موضحاً «الأمر الأكيد أن أبناء رعيتي جميعاً سيغادرون العراق»، فيما اعتبر النائب المسيحي يونادم كنا إن العملية الفاشلة لتحرير الرهائن تثبت أن قوات الأمن تفتقر للقدرة على إحلال السلام، مضيفاً إن المسلحين يستغلون عدم الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة. وقال المالكي، في بيان، إن «الجريمة الإرهابية الجبانة يراد منها زعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الفتنة والفوضى وإبعاد العراقيين عن وطنهم».
وقالت «دولة العراق الإسلامية»، في بيان نشر على مواقع إسلامية على الانترنت، «أقدمنا نحن جنود وكتيبة الاستشهاديين في دولة العراق الإسلامية على هذا العمل استجابة لنداء الله تعالى ولنداء المستضعفات من المسلمات المأسورات بأيدي عبّاد الصليب في مصر كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين». وتابع «مطلبنا بسيط وواضح: أسيراتنا عند أبناء ملتكم في مصر مقابل أبناء ملتكم المحتجزين عندنا في الكنيسة». ويشير البيان إلى المصريتين القبطيتين وهما زوجتا قسين قبطيين سرت شائعات واسعة حول اعتناقهما الإسلام، الأولى في العام 2004 والثانية في تموز 2010.
وهدّد البيان المسيحيين في الشرق الأوسط، قائلاً «إن جعلتم كنائسكم سجوناً للمسلمات فسنجعلها مقابر لكم بإذن الله، ولن تكون النهاية بقتل الرهائن فحسب بل ستفتحون على أبناء ملتكم باباً لا تتمنونه أبداً، ليس في العراق فحسب بل في مصر والشام وسائر بلدان المنطقة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية حسام زكي إن مصر «تدين بشدة العمل الإرهابي الهمجي»، مؤكداً «رفض مصر القاطع الزجّ باسمها أو بشؤونها في مثل هذه الأعمال الإجرامية».
وأدان البابا بندكت السادس عشر الهجوم. وقال «أصلي لكل ضحايا هذا العنف الأخرق الذي يصبح أكثر ضراوة لأنه ضرب أبرياء كانوا يتجمعون في بيت الرب.. بيت المحبة والمصالحة». وأعلن وزير الهجرة الفرنسي اريك بيسون أن فرنسا على استعداد لاستقبال 150 شخصاً، وفي الدرجة الأولى من «الأشخاص الذين أصيبوا في الهجوم وعائلاتهم». وأدانت واشنطن ومجلس الكنائس العالمي وروسيا والأردن والبحرين الهجوم على الكنيسة.
في هذا الوقت، خطا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خطوة جديدة إلى الأمام نحو بقائه في منصبه، عبر انضمام حزب «الفضيلة» الذي يشغل سبعة مقاعد في البرلمان إلى تحالفه. وأعلن مكتب المالكي في بيان نشر إثر لقاء مع أمين عام «الفضيلة» هاشم الهاشمي أن هذا الحزب أعلن رسمياً دعمه لمرشح «التحالف الوطني» المالكي لمنصب رئيس الوزراء.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في مؤتمر صحافي مشترك مع «رئيس حكومة» إقليم كردستان برهم صالح، في القاهرة، إن الجامعة العربية تنوي فتح ممثلية لها في مدينة أربيل، فيما شدّد صالح على ضرورة تشكيل حكومة شراكة في العراق. ورحّب بمبادرة الملك السعودي عبد الله بدعوة القادة العراقيين الى الاجتماع في الرياض بعد الحجّ موضحاً «انها رسالة محبة وحرص على العراق ومستقبله».
ورحبت القاهرة بدعوة الملك السعودي للعراقيين لعقد محادثات تستضيفها الرياض من أجل التوصل الى حل في شأن تشكيل الحكومة.
كما أيدت كل من الاردن واليمن الدعوة.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد