غضب البعثيين العراقيين في سورية يتزايد
اذا كان حزب البعث، الذي قاده صدام حسين، محظورا في العراق فان باب مكتبه في قلب العاصمة السورية دمشق مشرعة على مصراعيها.
يشير المتحدث باسم الحزب خضير رشيد الى صورة صدام حسين المعلقة على الحائط قائلا: "هذا بطلنا".
قد يكون الديكتاتور مات، لكن انصاره في دمشق يصرون ان حزبه حي لا يموت.
يقول خضير رشيد: "لدينا ملايين الاعضاء في العراق يعملون من اجل القضية".
والقضية كما يقول هي تحرير العراق من المحتلين الامريكيين بالمقاومة المسلحة.
ويقول: "لدينا الكثير من السلاح، ونصنع القنابل ونعمل بفاعلية بشكل سري".
ومن الصعب معرفة الدور الحقيقي الذي يلعبه حزب البعث في التمرد المسلح في العراق.
لاشك انه كانت لدى الحزب شبكة واسعة وقوية من الاعضاء السابقين، ولو من قبيل ان الجميع كان عليهم الانضمام اليه في زمن صدام حسين.
ويقول المتشككون انه رغم اتساع العضوية في حزب البعث لكنه اصبح ميتا عمليا ومفلسا اخلاقيا ولا مكان له ايديولوجيا، او بمعنى اخر اصبح شيئا من الماضي.
الا ان الحكومة العراقية تقول ان البعثيين يشكلون خطرا.
ويتهمهم رئيس الوزراء نوري المالكي بانه يعملون مع القاعدة ويقول ان قيادة البعث في دمشق كانت وراء سلسلة من التفجيرات الكبيرة التي استهدفت مؤخرا مبان حكومية في بغداد وقتلت المئات من المدنيين.
يقول خضير رشيد: "تلك كذبة، نحن لا نعمل مع القاعدة ولا نستهدف المدنيين اطلاقا. فصراعنا المسلح هو فقط ضد قوات الاحتلال في العراق".
وفي الجانب الاخر من العاصمة السورية، في استوديو تلفزيون "الرأي" الانيق، يجتهد العاملون لتوصيل رسالة مماثلة.
يقول مالك المحطة مشعان الجبوري: "لو رايتك في زي الجيش الامريكي ساقتلك".
وبث شاشة التلفزيون خلف مكتبه تؤكد انه لا يمزح.
يقول الجبوري: "اظهر على التلفزيون واقول للناس على اي منكم يريد مالا او سلاحا لمحاربة الامريكيين ان يتصل بي".
وتاريخ مشعان الجبوري لا يقل اثارة عن ارائه. فقد كان مؤيدا قويا لصدام حسين، ثم انشق عنه وعمل مع الامريكيين واصبح نائبا في البرلمان بعد الغزو.
وهو الان يكرس كل جهده لمحاربة القوات الامريكية، ويقول انه سيمول كل من يشارك بالتمرد بمن فيهم البعثيون وان كان يرى ان الجماعة جزء صغير مما يسميه "المقاومة".
وبغداد وواشنطن منزعجتان من سماح الحكومة السورية لاشخاص مثل خضير رشيد ومشعان الجبوري بالعمل من دمشق.
من جانبها، تحب سورية ان تذكر الولايات المتحدة والحكومة العراقية انها تتحمل عبء استضافة اكثر من مليون لاجيء عراقي.
يقول سمير التقي المحلل في مركز ابحاث موال للحكومة السورية: "هناك مئات الالاف من مؤيدي النظام السابق بين هؤلاء اللاجئين، فماذا نفعل ... نعتقلهم جميعا؟".
ويقول ان ما يدفع الكثير من البعثيين الى مزيد من التشدد هو فشل الحكومة العراقية في ضمهم للعملية السياسية.
يشعر اغلب العراقيين في سوريا انهم ضحية الاقصاء السياسي والطائفي
وكانت احدى اكثر المشاكل اثارة للجدل عشية انتخابات الاحد هي مسألة استبعاد المرشحين الذين يعتقد انهم موالون لصدام حسين.
واغلب هؤلاء من السنة وهم يعارضون نوري المالكي الشيعي.
يقول بيتر هارلنج من مجموعة الازمات الدولية انها ليست فقط الحكومة العراقية التي لم تدفع باتجاه المصالحة المطلوبة بل الولايات المتحدة كذلك.
ويقول: "اعتقد ان المسؤلين الامريكيين في العراق استمرأوا القاء مسؤولية فشلهم على الاخرين، للادعاء بان العنف مدفوع من الخارج. لكنني اعتقد ان عدم حدوث تقدم على طريق المصالحة هو العامل الرئيسي وراء العنف".
يقول سمير التقي: "تحتاج الحكومة العراقية لحل مشكلاتها مع شعبها، فهي تعزل قطاعا كاملا من المجتمع".
ينتشر الغضب، الناجم عما يصفه كثيرون في دمشق بانه سياسة الاقصاء التي يتبعها المالكي، في كل مكان في سوريا حتى في شقة ام امير المزدحمة على اطراف دمشق.
لانها كانت محاسبة في محطة سكة حديد في بغداد، كان عليها ان تنضم لحزب البعث، ولهذا السبب فقدت وظيفتها مع رحيل صدام.
ثم في 25 يناير/كانون الثاني طرق رجال ميليشيا شيعية باب دارها واجبروها هي وبناتها على مشاهدة قتلهم لابنها البكر محمد، وعمره 18 عاما، ثم مزقوا جسده امامهم.
تنتحب ام امير قائلة: "بقينا لثلاثة ايام محبوسين في البيت نخشى الخروج لدفنه، دفن اجزائه".
والشيء الاكثر قيمة في شقتهم هي صورة محمد فوق جهاز التلفزيون.
وتقول ان ابنتها زينب البالغة من العمر 10 سنوات لا مستقبل لها في سوريا كلاجئة، لكنها لا تستطيع العودة بها الى العراق لانها سنية وعضو سابق في حزب البعث.
ويشعر الالاف من العراقيين في سورية بذات الشعور.
ربما يكون القليل منهم له علاقة باعمال العنف في العراق، لكن البعض يعتقد ان اعدادهم ستزداد ما لم يبذل السياسيون في بغداد جهدا اكبر للابتعاد عن سياسة الاقصاء السياسي والطائفي.
المصدر: BBC
إضافة تعليق جديد