الصين تزاحم اليابان على ثاني اقتصاديات العالم
بخطى متأنية، لكن ثابتة، تتقدم الصين لانتزاع المركز الثاني بين القوى الاقتصادية في العالم لتحلّ محل اليابان. فقد بلغ معدّل نسبة النمو 8.7 في المئة عام ٢٠٠٩، حسب آخر أرقام نشرت قبل أيام، ما يمكن أن يقود إلى ناتج قومي يبلغ ٤٩١١ مليار دولار.
ويرى المراقبون أن هذه النتائج، التي وصفوها بأنها «باهرة»، وخصوصاً أنها جاءت بعد أزمة مالية عالمية عاصفة، هي نتيجة «سياسة تخطيط لعبت على حبال الرأسمالية من دون الوقوع في شباكها». إذ يتوافق معظم القيّمين على الاقتصاد الصيني «الموجّه»، رغم انفتاح سوق الصين، على أن «الأزمة هي أولاً وأخيراً أزمة الرأسمالية الفاحشة». وتشير كل الأرقام إلى أن «سياسة التوجيه» خففت من وقع الأزمة على الاقتصادي الكلي للدولة الناهضة. ففي الفصل الأخير من العام المنصرم، وفيما النمو لم يتجاوز واحداً في المئة في الدول المتقدمة الغربية، سجلت الصين 10.7 في المئة، بعدما كان نموها قد تراجع في الفصول الثلاثة السابقة إلى معدلات تجاور 6.1 في المئة.
وبات الناتج القومي في الصين قريباً جداً من جارتها اليابان (٤٣١٠ مليارات دولار) التي يمكن أن تتجاوزه الصين «خلال أسابيع» حسب تصريح لحامل جائزة نوبل للاقتصاد روبرت مانديل، الذي يتوقع أن تتجاوز الصين خلال عقدين «مجمل الناتج القومي لمنطقة اليورو».
ويأتي تفسير هذا النمو المتواصل، رغم الأزمة العالمية الخانقة، بسبب ارتفاع الاستهلاك الداخلي، وهو ما يسميه بعض الخبراء عامل «البرادات والسيارات». إذ إن امتلاك المواطنين الصينين للبرادات يمثّل عامل نقص في مضمار الاستهلاك، وكذلك الأمر في مجال امتلاك السيارات الخاصة. وقد اعتمدت السلطات الصينية على «تشجيع الاستهلاك» وأعطت أوامرها للمصارف المملوكة من الدولة لتطبيق «سياسة كرم وانفتاح» لتسهيل حصول المستهلكين على قروض استهلاكية. وجاءت النتيجة أن المصارف أقرضت ١٤٠٠ مليار دولار، ذهبت في سبل إنعاش المشتريات في السوق الداخلية. يضاف إلى ذلك «خطة لمشاريع تنموية» أطلقتها المؤسسات العامة بلغت قيمتها ٥٩٠ مليار دولار، وقد انعكس هذا زيادة في الإنتاج الصناعي بنسبة 18.6 في المئة لتعوّض تراجع الاستيراد من الأسواق العالمية. كذلك، إن الاستثمارات الداخلية ازدادت بنسبة 30.5 في المئة في المدن الكبرى، ما كوّن «اقتصاد استقطاب» انعكس على نمو أعمال البناء وتجارة العقارات، مع ما يستتبع ذلك من طلب على مواد البناء والتجهيزات.
رغم هذا، فإن التخوف من «استفحال النمو» بما يصعّب السيطرة عليه، هو الهاجس الحالي للسلطات المالية، التي تتابع تطور أسعار العقارات، التي تمثّل أول المؤشرات لاتجاه الاقتصاد نحو مرحلة التضخم. إلا أن ما يبعد شبح التضخم هو «ضبط السوق الداخلية»، وخصوصاً ضبط أسعار السلع الاستهلاكية ذات الأولوية، وفي مقدمتها السلع الغذائية.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد