هل أنت حقا معنا؟

18-01-2010

هل أنت حقا معنا؟

في مطعم فاخر التقت ايزابيل زوجها لعشاء رومانسي ، فاليوم الذكرى الرابعة لزواجهما ، و ألغى الزوج و هو  رجل أعمال كل مواعيد المساء بحيث يكون هو وهي فقط ، و لكن يبدو أنهما لم يكونا لوحدهما.
تقول ايزابيل : " في اللحظة التي رأيت هاتفه الجوال على الطاولة شعرت بالغيظ و كان موصولا بموقع "تويتر" على شبكة الانترنيت و قال أن ذلك من أجل عمله، و ما هي سوى  دقائق حتى  بدأ الشجار :" إني أرفض محادثة في ثلاث جهات ، فان كنت تتحدث معي فإني أتوقع أن تنظر في عيني و لكنك تكتب عبارات لا معنى لها و ترسلها عبر أثير السماء"
ايزابيل تزداد يوما اثر يوم استياء من اعتماد شريكها على تقنيات الجوال التي يعتبرها بوابه إلى  عالم حقيقي جديد من الاتصالات و الحياة الاجتماعية و الموسيقا و مقاطع الفيديو و أهداف كرة القدم و أشياء أخرى كثيرة في لائحة لا تنتهي ، وبالأصل كانت تعاني من أجهزة الهواتف المحمولة المتطورة و زاد الطين بلة الآن إمكانية الوصول عبرها إلى موقعي "فيس بوك" و " تويتير".
 لقد أظهرت إحدى الدراسات في العام الماضي تزايدا كبيرا في عدد الأشخاص المعتمدين بشكل شبه كامل على الهواتف الجوالة و الوسائل الرقمية.و ذكرت الدراسة أنك ستندهش إن عرفت عدد من ينامون و هواتفهم بجانب أسرتهم ، و قد يستلمون رسالة مرة أو مرتين خلال الليلة ، بل إن إحداهن اضطرت إلى إخفاء هاتفها في نبته موجودة في الحمام بسبب اعتراض زوجها الشديد على تعلقها الليلي بالهاتف، و هناك حالات وصلت للطلاق حين شعر أحد الطرفين أن الآخر لا يعير الانتباه الكافي للتفاعل البشري الطبيعي.
لاحظ أحد مستشاري العلاقات الشخصية هذه الظاهرة فقال بأن البعض يرون بأنهم لا ينالون اعتبارا كافيا ، فيشعرون و كأنهم منبوذون مع تمضية شركائهم الكثير من الوقت على الهاتف في بناء علاقات اجتماعية و اللعب أو العمل ، و الأسوأ أن هذه الوسائل متنقلة بحيث تبدو المشكلة أكثر انتشارا، فيمكن القول أن هذه الوسائل كلية الوجود ، إذ أنها في  كل مكان و لهذا تبدو خبيثة .
تعترف إحدى الزوجات أن زوجها يشتكي دائما من وجود هاتفها المحمول في غرفة النوم فهو لا يستطيع تحمل الضوء الذي يومض فجأة في الغرفة و كأنه أشعة ليزر عند استلام رسالة، و انتهى بها الأمر إلى وضع  الجهاز تحت الوسادة.و هكذا تبدو هذه التكنولوجيا  و كأنها مصممة لمباغتة مستخدمها و إثارة غضب شريكه .
يقول مارتين ايليوت و هو طبيب نفسي مختص بالعلاقات :" يبدو أن هذه التصميمات الجديدة تنشط جزء من الدماغ يريد أن يكون منهمكا تماما ،و مثل ألعاب الكمبيوتر، بإمكانها خلق حالة غريبة في المستخدم بحيث يكون معك و لكنه ليس معك "
انه مشهد تراجيدي ذاك الذي يضم زوجين و أطفالهما في إجازة و لكن عيني الأب ملتصقتان إلى قطعة الكترونية صغيرة ، فهو حاضر و غائب في وقت واحد ، فالتكنولوجيا التي وضعت لتقليص المسافات بين الناس هي في الواقع تبعدنا أكثر فأكثر عن أولئك الذين نحن بأمس الحاجة لاهتمامهم بنا.
كان فيليب مهووسا بهاتفه المحمول إلى أن توصل إلى اتفاق مع زوجته على إغلاقه في الليل و تمضية الوقت مع أسرته، أما في الإجازات فقد وافق مكرها على استخدامه لمدة ساعة فقط خلال النهار، إذ كان عليه تغيير عاداته السابقة بعد أن وصل غضب زوجته إلى أعلى حد و لكنه في الواقع يفتقد "محبوبه"كثيرا.
صحيح أن  الطبيب ايليوت يرى أن حل المشكلة قد يكون بتحديد مكان و أوقات استخدام الهاتف المحمول ، غير أن الحل الحقيقي يكمن في زيادة وعي المستخدم لما يقوم به ،فبداية يجب أن يدرك إلى أي حد يؤثر سلوكه على الآخرين و يقول ايليوت:" تلمس شيئا من الغرور في هذا التصرف ، انه ذاك الاعتقاد بأن ما يقوله مهم جدا بحيث لا يمكن تأجيله ، هذا مع  افتقاده للإحساس العميق بمشاعر من حوله"
فالموضوع متعلق بإدراكك للخيارات التي تقوم بها ، و عندما تستلم مخابرة أو رسالة و أنت مع شخص ما فانك في الواقع تعطي الأولوية للغائب على حساب الحاضر .
وأخيرا ننصحكم بعدم السماح لهواتفكم المحمولة بالدخول إلى غرف نومكم وان أردتم الدليل على صحة هذه النصيحة عودوا بذاكرتكم إلى اعتراف  مادونا بأنها هي و زوجها ينامان وهواتفهما المحمولة تحت وسادتيهما و قالت بأن الأمر لا علاقة له بانعدام الرومانسية و لكنه تصرف عملي ، و لكن ما حدث هو أنهما انفصلا بعد ستة أشهر.
هيا ،اتخذ قرارك الآن و أطفأ ذاك الضوء الأخضر الذي يومض في الظلام و كأنه مخلوقات فضائية مخيفة.


ترجمة رنده القاسم
عن The Times


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...