زلزال هاييتي يدفن عاصمتها ومئة ألف من سكانها
ضرب زلزال بقوة 7 درجات على سلّم ريختر عاصمة هاييتي، بورت أو برانس، مسبباً أضراراً فادحة يرجَّح أن تخلّف عشرات آلاف القتلى وتعيد كل الجهود التي بُذلت لإعادة بناء الدولة منذ عام 2004 إلى نقطة البداية.
وأعرب رئيس هاييتي، رينيه بريفال، الذي نجا بعدما دُمِر قصره الرئاسي، عن خشيته من مقتل الآلاف، داعياً العالم إلى تقديم مساعدات للمنكوبين. أما رئيس وزراء هاييتي جان ماكس بيلريف، فأعرب عن خشيته من أن تتجاوز حصيلة قتلى الزلزال «100 ألف قتيل».
والزلزال، الذي لم يبعد مركزه سوى 15 كيلومتراً من العاصمة، هو الأسوأ خلال آخر قرنين. ولفّت آثار الزلزال، الذي ضرب ظهر أول من أمس، المدينة بمعطف من الغبار والدخان، ثم تلته بعد عشرين دقيقة هزتان ارتداديتان تخطت قوتهما خمس درجات، قضت على ما بقي من البنى التحتية. واستمرت الهزّات الارتدادية حتى مساء أمس بمعدل واحدة كل عشر دقائق. وقال خبراء إن مركز الزلزال كان على عمق 10 كيلومترات، الأمر الذي ساعد على الأرجح في تضخيم الدمار. ومع حلول الظلام، وفي غياب الكهرباء والاتصالات، سيطر الذعر على السكان، الذين كان بينهم الكثير من الجرحى، وتجمعوا في الشوارع وأخذوا يرتّلون أناشيد دينية في مشهد سوريالي.
وتحدث شهود عيان عن ناس يجرون في الشوارع وهم يصرخون «يسوع... يسوع». وذكر شهود أنهم رأوا منازل وأكواخاً مقامة على التلال تتداعى مع اهتزاز الأرض.
وتجمع الناجون الذين تلطخوا بالدماء وقد أصابهم الذهول في العراء ودُفنت الجثث تحت الأنقاض.
وقال مدير العمليات في مؤسسة «الطعام للفقراء» الخيرية، رشماني دومرسانت، لـ«رويترز»، إن «آلافاً من الناس يجلسون في الشوارع ولا يجدون مكاناً يذهبون إليه... الناس يجرون ويصرخون ويصيحون». وتابع أنه في ضاحية بتيونفيل لم ير أثراً للشرطة أو مركبات الإنقاذ.
وقال مسؤولو الأمم المتحدة إن الاتصالات العادية قُطعت وإن الطريقة الوحيدة للاتصال بالناس على الأرض يكون بالهواتف التي تعمل عبر الأقمار الاصطناعية، والأنقاض تسدّ الطرق.
وبعد وقوع الزلزال، عُمِّم إنذار يحذّر من حصول تسونامي في البحر الكاريبي، قبل إلغائه بعد مرور ساعتين.
وأدى الزلزال إلى انهيار أصلب مباني العاصمة، بدءاً بالقصر الجمهوري، الذي تحوّل إلى أنقاض وتداعت قبابه، ومقر المجلس النيابي وأكثرية الوزارات والكاتدرائية ومقارّ الأمم المتحدة والمستشفيات والمدارس والجامعات والفنادق الفخمة. ويقدر وجود مئتي قتيل في انهيار فندق مونتانا، أحد أشهر فنادق العاصمة، فيما عُلم أن الحائزة جائزة الدفاع عن حقوق الأطفال في البرازيل، زيلدا أرنز، ورئيس أساقفة بورت أو برنس، جوزف سيرج ميوت، من بين الضحايا.
وبدأت بعثة الأمم المتحدة للسلام الموجودة في هاييتي منذ عام 2004 تنشر حصيلة قتلاها. وقد بلغت حتى الآن أرجنتينياً واحداً وثلاثة أردنيين وأحد عشر برازيلياً وثمانية صينيين، فضلاً عن عشرات الجرحى، فيما رئيس البعثة، التونسي هادي العنابي لا يزال مفقوداً.
وفي السياق، أعرب وزير الخارجية الفرنسية، برنار كوشنير، عن خشيته من أن يكون جميع الموجودين في مبنى الأمم المتحدة لحظة وقوع الزلزال، بمن فيهم العنابي، قد توفوا.
ولم تمضِ ساعات على وقوع الزلزال، حتى بدأ المجتمع الدولي يتأهب لمعالجة هذه «الكارثة الإنسانية من النطاق الجديد». وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه سيتوجه «في أسرع وقت ممكن» إلى بور أو برنس، للوقوف على الكارثة التي قال إنها ستتطلب جهود إغاثة ضخمة. بدوره، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما بدء تحرّك سفن أميركية إلى هاييتي، فيما دعا البابا بنديكتوس السادس عشر العالم والمنظمات الكاثوليكية غير الحكومية إلى إعطاء «هاييتي الأولوية التي تحتاج إليها». وبدأ الصليب الأحمر الدولي استعداداته للقيام بعملية إغاثة كبيرة مع احتمال وصول عدد المشردين إلى ثلاثة ملايين.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد