الحريري يحرز الثقة لحكومته ويوجه رسائل إيجابية لدمشق
نالت الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري ثقة البرلمان باغلبية غير مسبوقة منذ انتهاء الحرب الاهلية "1990"، وذلك رغم ان مناقشات البيان الوزاري كشفت استمرار وجود انقسام حاد بين اطراف حكومة الائتلاف حول سلاح حزب الله.
وستكون فاتحة العمل الحكومي بعد هذا التصويت، بحسب ما اعلن رسميا حتى الآن، مشاركة رئيس الحكومة في قمة كوبنهاغن حول المناخ وقيامه بجولة عربية تشمل سوريا.
واستغرقت جلسات مناقشة البيان الوزاري ثلاثة ايام انتهت قبيل منتصف ليل الخميس بتصويت 122 نائبا من 124 موجودين على الثقة، ورفض نائب واحد من الاكثرية اعطاء الثقة، وامتناع نائب آخر من الاكثرية عن التصويت. وغاب عن حضور الجلسة اربعة نواب.
ولم يسبق ان حصلت اي حكومة منذ بدء تطبيق اتفاق الطائف الذي انهى الحرب الاهلية "1975-1990"، على هذه النسبة من التأييد التي وصفتها اسبوعية "ماغازين" الناطقة باللغة الفرنسية في عددها الصادر اليوم الجمعة بانها، "الاجماع الظاهر".
وبدا واضحا ان الحريري نفسه مدرك لعمق الخلاف السياسي الذي قد يحول دون تطبيق "البرنامج الطموح" للوزارة كما وصفه، لا سيما على الصعد الاقتصادية والاجتماعية، لذلك شدد على ضرورة التركيز على ما يجمع لا على ما يفرق. كما وجه رسائل إيجابية بشأن بناء علاقات ثقة مع دمشق.
وقال الحريري قبل عملية التصويت في رده على مداخلات النواب "البيان الوزاري "ليس مكانا وحيدا لبت كل القضايا الخلافية في البلاد"، مؤكدا ان "الاولويات التي تعني هموم الناس، هي البرنامج الحقيقي الذي ستركز عليه الحكومة".
واضاف "كلنا هنا في خدمة لبنان، وما من احد قادر على الغاء الآخر، ولا خيار امامنا سوى النجاح في تجربة التضامن الوطني"، مضيفا "هذه حكومة وفاق او ائتلاف وطني او وحدة وطنية، وفي اللحظة التي تتحول فيها الى حكومة خلافات ومتاريس طائفية ومذهبية "..." تأكدوا سأكون اول من يطرح الثقة بنفسي وبها".
وشدد على معالجة قضايا انقطاع التيار الكهربائي والاهتمام بالبيئة وتحسين وضع الطرق وحركة السير "والعدالة في التعليم والسكن والصحة" وسيادة القانون.
وكان محور النقاش الاساسي خلال جلسات الثقة "البند السادس" من البيان الوزاري الذي تضمن موافقة ضمنية من الحكومة على بقاء سلاح حزب الله. وقد لقي اعتراضات قوية من عدد كبير من نواب الاكثرية.
وينص هذا البند على "حق لبنان، بشعبه وجيشه ومقاومته، في تحرير او استرجاع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية والجزء اللبناني من قرية الغجر"، وهي اراض ينتشر فيها الجيش الاسرائيلي ويطالب لبنان باستعادتها.
ويقصد ب"المقاومة" حزب الله الذي يعتبر خصومه ان سلاحه ينتقص من هيبة الدولة وصلاحياتها.
ووصفت النائبة نايلة تويني من تكتل "لبنان اولا" الذي يرأسه الحريري هذا البند في مداخلتها الخميس ب"المادة التفجيرية"، مؤكدة رفضها "هيمنة السلاح على الحياة السياسية لان السلاح خارج الشرعية يقضي مع الوقت على الشرعية".
وقال النائب سامي الجميل من حزب الكتائب "اكثرية" من جهته "البند السادس نعتبره غير شرعي وباطلا بطلانا مطلقا وقد حصل تحت الضغط"، مضيفا ان بنود البيان "وافق عليها بعض النواب لانهم كانوا مهددين بالسلاح"، في اشارة الى سلاح حزب الله.
ورأى النائب مروان حماده "اكثرية" ان "لا ضمان لاحد من راس السلطة الى اسفلها "لجهة" من يمسك بقرار الحرب والسلم وعن سبل معالجة ازدواجية السلاح "بين الدولة وحزب الله" وطريقة تحصين مستقبل المؤسسات"، محذرا من تحول لبنان مرة اخرى "ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية".
واوضح نواب الاكثرية بمعظمهم انهم يعطون ثقتهم للحكومة تاكيدا لثقتهم برئيسها ولرغبتهم في تسهيل مهمته.
في المقابل، بدا نواب الاقلية مرتاحين لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية وللبيان الوزاري. وردوا على الانتقادات الموجهة الى سلاح حزب الله بالتاكيد على ان "المقاومة اصبحت حقا مقدسا طبيعيا لكل قرية مهددة" من اسرائيل، كما قال النائب حسين الموسوي من حزب الله.
وعبر رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد عن اسفه "لكون العالم كله يعترف بانتصار مقاومتنا، فيما لا نزال هنا نسمع اثارات حول جدوى المقاومة وسلاحها".
وفاز الحريري على رأس تحالف احزاب وشخصيات بالانتخابات النيابية في حزيران/يونيو بغالبية مقاعد مجلس النواب. واضطر بعد تكليفه تشكيل الحكومة الى تقديم تنازلات كبيرة لترى حكومة الوحدة الوطنية النور بعد حوالى خمسة اشهر.
وجاء تشكيل الحكومة وسط اجواء تقارب بين السعودية التي تدعم الاكثرية وسوريا التي تدعم الاقلية.
ويتوقع ان يبدأ الحريري نشاطه كرئيس للحكومة اللبنانية بجولة عربية تشمل دمشق لم يحدد موعدها رسميا. ويتوقع ان تشكل محطة دمشق موضوع جدل آخر في صفوف الاكثرية التي لا تنظر كلها بعين الرضى الى هذه الخطوة.
ويغادر الحريري الثلاثاء المقبل الى كوبنهاغن مترئسا وفد لبنان الى قمة الامم المتحدة حول المناخ. ويغادر رئيس الجمهورية ميشال سليمان السبت الى الولايات المتحدة الاميركية حيث يجري محادثات مع الرئيس الايمركي باراك اوباما.
المصدر: العرب أون لاين+ وكالات
إضافة تعليق جديد