علامات الخرف تتجاوز النسيان
ربما كانت للخرف وجوه عديدة ومن أكثر المألوف منها فقد الذاكرة والتغيرات في الشخصية.
والمصابون بالخرف يتصرفون بصورة تختلف عما اعتاده منهم أحباؤهم وليس غريباً أن فقدان الحميمية هو أسوأ شيء في هذا المرض.
ففي المراحل المتقدمة من المرض لا يمكن للشخص المصاب أن يتعرف على شريكه في الحياة الزوجية ولا على أبنائه.
وأحياناً ما ينظر خطأ إلى من يقوم بمهام الرعاية على أنه شريك الحياة الزوجية.
تقول روزماري درينهاوس فاجنر من منظمة المبادرة من أجل أقرباء المصابين بالزهايمر ومقرها برلين: إنهم يتكيفون حسب السلوك فحينما يقم الأحباء بمهام الرعاية فإنه ينظر إليهم على أنهم عاملو رعاية أو ممرضات.
والبروفيسور رولف هيرش كبير الأطباء في أحد مستشفيات برلين الكبيرة على دراية بمثل هذه المواقف.
ويقول: «كنت أعمل في وحدة بمستشفى حينما جاءت زوجة لزيارة زوجها المريض فلم يتعرف عليها وأشار إلى مريضة أخرى وقدمها على أنها زوجته».
وبالنسبة للأحباء غالباً ما تكون التجربة مريرة حينما لا يتعرف عليهم الجد أو الجدة أو قريب آخر مسن.
تقول درينهاوس: إن المرضى ينظرون غالباً إلى الأحفاد خطأ على أنهم أبناؤهم هم.
وغالباً ما يكون الخرف مصحوباً بفقدان تدريجي للقدرة على التكيف.
وفي البداية يجد مريض الخرف صعوبة في التقدير الصحيح للخط الزمني لحياته.
وفي النهاية تتلاشى القدرة على التكيف من حيث الأماكن والمواقف والأشخاص الآخرين.
يقول كلاوس كروسمان عضو مجلس إدارة الجمعية الألمانية للزهايمر في هامبورج: إن المريض يفقد حتى القدرة على إجراء حوار.
ويضيف: «غالباً ما يعيش مرضى الخرف عالمهم الخاص الذي لا تكون له علاقة مع عالم أحبتهم». يقول هيرش: إنهم غالباً ما يتذكرون فترة الطفولة لكنهم لا يتذكرون شيئاً من السنوات الثلاثين الأخيرة».
ومن ثم فإنهم غالباً ما يعبرون عن رغبتهم في «العودة إلى البيت» الذي يكون بالنسبة لهم المكان الذي عاشوا فيه طفولتهم.
ويشير هيرش إلى مريض قطع 10 كيلومترات سيراً على قدميه ليصل إلى البلدة التي ولد فيها بعد أن وجد نفسه يشعر بغربة موحشة في موقعه الحالي. وتتوقف قدرة مرضى الخرف على الفصل بين الحاضر والماضي. وتنسحب تجارب وخبرات الماضي البعيد على وقتهم الحاضر وهو ما قد يثير ضيق الأحبة حسبما تقول درينهاوس فاجنر. وتحكي درينهاوس فاجنر: «تعرفت ذات مرة على مريضة خرف كانت تصر على الذهاب إلى السرداب كلما سمعت صوت المكنسة الكهربائية». لقد كانت تخلط بين صوت المكنسة وصوت صافرات الإنذار التي كانت تنطلق وقت الغارات الجوية إبان الحرب العالمية.
يقول هيرش: إنه في مثل هذه الحالات لا يفيد أن تحاول باستمرار إقناع الشخص بخطأ ما يتصوره. وأحياناً يخطئ الشخص المصاب باستمرار وضع شيء لا يريد أن يفعل به شيئاً ويذكره شريكه في الحياة بذلك باستمرار أيضاً، وحينما يحدث هذا لا يمكن تجنب الجدل، لكن حينما يتجادل المرء مع مريض خرف فإنه لا يمكن التغلب عليه.
المصدر: د ب أ
إضافة تعليق جديد