الشـرطة الإسرائيلية توجّـه الضربـة القاضيـة لأولمـرت
بعد عام ونصف العام من تدحرج الاتهامات بالفساد ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت أوصت الشرطة، أمس، بتقديمه للمحاكمة، في قضايا »ريشون تورز« و»المغلفات النقدية« من رجل الأعمال اليهودي الأميركي موريس تالينسكي،علماً أن هناك قضايا أخرى لم تنجز الشرطة تحقيقاتها بصددها.
ورغم الدوي الإعلامي لهذه التوصية فإنها لم تفاجئ أحداً لا في الحكومة، ولا في الحلبة السياسية الإسرائيلية، لأنّ التحقيق يجري مع أولمرت في هذه القضايا منذ بضعة أشهر، ولأن الشرطة استجوبته بشأنها ست مرات على الأقل.
ومن الجائز أن محدودية الاهتمام بهذه التوصية تعود إلى حقيقة أن أولمرت يقترب من نهاية عهده في الانتخابات التمهيدية التي ستجري خلال
أقل من عشرة أيام في حزب كديما لاختيار خليفة له، فالاتهامات ضده لا تأتي وهو في ذروة مجده، وإنما تأتي وهو بطة عرجاء أو »جثة تمشي«.
وقالت الشرطة إنها راكمت بنية قرائن ضد أولمرت في قضية تالينسكي تسمح باتهامه بتلقي الرشوة وبالخداع وخيانة الأمانة. وأظهرت القرائن أن أولمرت تلقى من تالينسكي أموالاً طائلة بلغت مئات الألوف من الدولارات وبوجه غير شرعي منذ عام ،١٩٩٧ كما أن أولمرت قدم خدمات لأعمال تالينسكي مما يؤكد أسباب الاتهام بتلقي الرشوة.
أما في قضية »ريشون تورز« فقد وجدت الشرطة قرائن على أنه بين العامين ٢٠٠٢ و٢٠٠٦ تلقى أولمرت تمويلاً زائداً، وأحياناً مضاعفاً من جهات عامة لرحلاته إلى الخارج. وكان الأمر يتم من خلال تقديم فواتير زائفة وإخفاء معلومات. وبين الجهات التي تم خداعها »الرابطة من أجل الجندي« و»يد فشيم« لتخليد ضحايا المحرقة النازية وغيرهما. وقد بلغ التمويل الإضافي لهذه الرحلات عشرات الآلاف من الدولارات، وقد استغل أولمرت بعضها في تمويل رحلات خاصة له ولأفراد عائلته.
رد الفعل الأولي للمقربين من أولمرت هو أنهم لم يستغربوا توصية الشرطة. وقالوا إن الجهة الوحيدة المخولة بتقديم لائحة اتهام ضد أولمرت هي المستشار القضائي للحكومة. وذكر الناطقون بلسان أولمرت أنه سبق للشرطة أن أوصت ثلاث مرات بتقديم رؤساء حكومة فاعلين للمحاكمة ولم يأخذ المستشار القضائي بذلك. ولهذا السبب فإن المقربين من أولمرت يعتبرون أن توصية الشرطة لا تعبر عن شيء، بالتالي فإنهم يوجهون الأنظار نحو المستشار القضائي للحكومة الذي لا يبدو أنه سيهرع خلال أيام لاتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن.
وقد أوصت الشرطة أيضاً بتقديم مساعدة أولمرت شولا زاكين للمحاكمة بتهم عديدة بينها الرشوة وتبييض الأموال وخيانة الأمانة.
وبدا للوهلة الأولى أن أحداً من الساسة الإسرائيليين ليس على استعداد للحديث في الموضوع. ولكن ذلك لا يعني أنه لن تكون لهذه التوصية أية آثار سياسية. فالكثيرون كانوا يعتقدون أن أولمرت قد يماطل في البقاء في منصب رئيس الحكومة بعد الانتخابات التمهيدية في كديما إذا فشل الفائز في تشكيل حكومة بديلة. وربما تشجع توصية الشرطة أولمرت على التعجيل في الخروج من المنصب، فقد سبق أن أعلن أنه سيقدم استقالته فور تقديم أية لائحة اتهام بحقه. وفي كل الأحوال من غير المستبعد أن تشكل التوصية عنصر تحفيز لأولمرت للإسراع في مغادرة الحلبة السياسية بطريقة نظامية ونتيجة للانتخابات قبل أن يضطر للخروج بسبب لائحة اتهام.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد