نصائح البنك الدولي في التكييف الزراعي مع تغيير المناخ
لا يأمل أحد مزارعي الذرة في جنوب زامبيا، بعدما تفقد نمو شتولها (الذرة) في محصول وفير هذه السنة، مقدراً حصاد طن أو أقل لكل هكتار، وهي كمية ضئيلة من المحصول الإجمالي الممكن حصاده على مدى عام.
ويتكرر هذا المشهد، بحسب تقرير نشره موقع البنك الدولي الإلكتروني، في مناطق إنتاج الغذاء في أشد البلدان فقراً، تحديداً في منطقتي أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا، الواقعتين تحت ضغوط بسبب تغير المناخ. إذ اعتبر أن مجرد ارتفاع الحرارة عالمياً درجتين مئويتين، وهي الزيادة الدنيا المتوقعة حتى 2050 «يمكن أن تحدث آثاراً سلبية هائلة على مناطق إنتاج الغذاء. فيما النتائج شبه المؤكدة وفق أسوأ التصورات، تتمثل بـ «حصول جفاف أسوأ وأكثر تواتراً وعواصف أعنف وأكثر تواتراً تعقبها فيضانات أسوأ».
ورجحت تقديرات مجموعة التطوير والبحث التابعة للبنك الدولي في 2006، إمكان أن «يراوح حجم الخسائر الزراعية نتيجة ارتفاع الحرارة في أشد البلدان فقرا،ً بين 41 بليون دولار و102 بليون سنوياً، وأن يصبح 1.4 بليون شخص في 54 بلداً، تعاني غالبيتهم من سوء التغذية، أكثر جوعاً، وسيواجه مئات الملايين ممن لم يولدوا بعد المصير ذاته».
لكن خبراء البنك المكلفين منع حدوث ذلك، شددوا على وجوب «ألا يصبح هذا الكابوس حقيقة واقعة»، إذ في بعض الحالات، «يمكن أن يحدث تكييف الزراعة مع تغير المناخ فارقاً كبيراً». ويركّز خبراء التكيف في البنك الدولي، وهم متخصصون بالاقتصاد والبيئة والزراعة، معظم اهتمامهم على منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، حيث يعتمد 75 في المئة من السكان على الزراعة، ويتعرض جزء منها لأشد ضغوط تغير المناخ في العالم.
إذ لفت كبير خبراء الاقتصاديين في مجموعة التطوير والبحث التابعة للبنك الدولي آريل دينار، إلى أن الأبحاث الجديدة تظهر أن الزراعة الأفريقية «بالغة المرونة إزاء تغير المناخ، وسيتمكن المزارعون من التكيف مع التغيرات المستقبلية في المناخ». واستبعد أن «تتراجع مداخيل المزارعين أكثر، في حال لم يكن ارتفاع درجات الحرارة شديداً».
ولتفادي حصول نتائج أسوأ، اقترح دينار «تنفيذ التكيف على نطاق منسق وشامل يمتد من المزارعين الأفراد إلى واضعي السياسات في وزارات الزراعة والمال والشؤون الاجتماعية، على أن تقدم منظمات التنمية مثل البنك الدولي مساعدات على شكل تمويل وخبرات».
واعتبر المتخصص في تغير المناخ في إدارة البيئة التابعة للبنك الدولي أيان نوبل، أن التكيف في مجال الزراعة الذي يُنفذ على نطاق منسق وشامل، ويتضمن مساعدات خاصة وعامة، «لا يزال في مراحله الأولى». لكن الدراسات التحليلية والمشاريع التي يساندها البنك على أرض الواقع في ولاية أندرا براديش الهندية، «حققت نتائج مشجعة في تلك الولاية الريفية الفقيرة المنكوبة بالجفاف».
وبيّنت تقديرات فريق إعداد الإطار الاستراتيجي المعني بتغيّر المناخ والتنمية، أن من شأن برامج التكيف المدمجة في شكل كامل، والتي تغطي الزراعة، وتخفيف آثار الفيضانات والإجراءات الدفاعية الأخرى، أن «تزيد من تكلفة المشاريع التي تساندها المؤسسة الدولية للتنمية بين 6 و21 في المئة (714 مليون دولار و2.5 بليون دولار) سنوياً. ولم تتحدد حتى الآن كيفية تغطية هذه التكاليف ومن سيدفعها».
ولاحظ كبير خبراء الاقتصاد البيئي في البنك الدولي سرجيو مارغوليس، أن المزارعين في أرجاء المعمورة، «أظهروا قدرة كبيرة على الاستجابة للتقلبات والأزمات المناخية، باستخدام إستراتيجيات متنوعة، وعلى رغم ذلك يمكن أن يجد المزارعون الأكثر فقراً، الذين يعتمدون عادة على ذاتهم ويميلون إلى شغل الأراضي ذات الإنتاجية المتدنية، «خيارات قليلة جداً للتكيف مع الضغوط الإضافية الناجمة عن تغير المناخ، حتى في إطار السيناريوات الأكثر اعتدالاً لزيادة درجات الحرارة في المستقبل».
ورأى أن أفريقيا جنوب الصحراء «تشكل أكثر مصادر القلق»، إذ أثبتت زيادة الإنتاجية الزراعية في هذه المنطقة أنها تحد لا يمكن تذليله تقريباً. وستؤدي الآثار الإضافية الناجمة عن تغير المناخ إلى تفاقم الأوضاع. كما لم يثبت أن مساعدة المزارعين على الانتقال إلى مناطق زراعية أكثر إنتاجية أو على إيجاد فرص عمل جديدة «أمر يسير»، كما ستكون التكاليف الاجتماعية لذلك «باهظة».
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد