فقراء العالم يواجهون خطر المجاعة والاغنياء يعلنون «حال طوارىء»
ليس الاغنياء واصحاب الدخول المعقولة هم الذين يعانون وحدهم من الازمة التي تضرب الاقتصاد العالمي، والتي من ابرز مظاهرها القيود المفروضة على القروض العقارية في عدد من الدول الغربية وارتفاع اسعار النفط الى مستويات قياسية ومخاطر الافلاس التي تهدد عدداً من ابرز المصارف العالمية. هناك ازمة تضرب جيوب الفقراء ايضاً في عدد كبير من الدول النامية.
وبلغت هذه الازمة مسامع المسؤولين عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فانصرف كبار المسؤولين في المؤسستين البارزتين الى اجتماعات متواصلة يومي السبت والاحد الماضيين، لمعالجة مشكلة ارتفاع اسعار المواد الغذائية الرئيسية، مثل الارز والقمح والذرة، والتي تشكل الاساس في وجبات معظم شعوب العالم الثالث. واعلن رئيس البنك الدولي روبرت زوليك، بنتيجة هذه الاجتماعات، «حال طواريء» عالمية تستلزم اجراءات استثنائية، بعدما حذر من ان اكثر من مئة مليون شخص في الدول النامية مهددون بالانحدار الى ما دون خط الفقر بسبب الاسعار المرتفعة لهذه المواد. ووعد البنك، ضمن اجراءاته، بخطة طويلة المدى لدعم المنتجات الزراعية، تشمل مبلغ 10 ملايين دولار اضافية لهايتي، ومضاعفة القروض للمزارعين في عدد من الدول الافريقية. كما دعا الدول الغنية التي تقدم المساعدات لبرنامج الغذاء العالمي الى تغطية العجز الذي يواجهه والذي يقدر بنصف مليون دولار. وقال زوليك، شارحاً الحاجة الملحة الى المساعدات، «ان هذه الازمة ستؤدي الى خلل في الميزان التجاري، ما سيؤثر على استقرار الدول النامية، ولهذا فهي ليست ازمة انسانية فقط».
وكان مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستروس - كان حذر ايضاً من مجاعة على نطاق واسع يمكن ان تؤدي الى نتائج كارثية اذا استمرت اسعار المواد الاساسية في الارتفاع. وقال: «كما نعرف من خلال دروس الماضي، فان حالات مجاعة بهذا الحجم تؤدي في بعض الاحيان الى حرب».
اما مفوض الاتحاد الاوروبي لقضايا التنمية لوي ميشال، فحذر من ازمة انسانية في الدول الافريقية ووصف الخطر الذي يهدد هذه الدول بانه «تسونامي» انسانية واقتصادية.
وكانت مصر من بين الدول التي واجهت هذه الازمة مؤخراً فيما عرف بازمة الخبز. كما وقعت تظاهرات في كل من اثيوبيا والفيليبين واندونيسيا وشاطيء العاج وهايتي. وفرض عدد من الدول المنتجة للارز مثل الهند والصين وفيتنام ومصر قيوداً على تصدير هذه المادة. وبحسب احصاءات البنك الدولي ارتفعت اسعار المواد الغذائية في مصر منذ مطلع السنة بنسبة 16 بالمئة، كما تشير هذه الاحصاءات ايضاً الى ان اكثر من 40 بالمئة هم تحت أو عند خط الفقر اذ زاد انفاق الاسرة المصرية على المواد الغذائية الاساسية 50 بالمئة خلال الشهور الستة الماضية.
ومع اختلاط السياسة بازمة التغذية، تتحول المواقف المطالبة بتحسين الظروف المعيشية الى مادة في الصراع السياسي. ففي الاردن توقع الامين العام لحزب «جبهة العمل الاسلامي» زكي بني ارشيد «انفجاراً اجتماعياً كبيراً» بسبب الارتفاع الحاد للاسعار. وقال «لا احد يستطيع التنبؤ اين ستصل شظايا هذا الانفجار ونتائجه ان لم يكن هناك تدارك حقيقي، واعتقد بان كل المعالجات التي يتم الحديث عنها والتوسع فيها هي معالجات هامشية لا تعالج جذر المشكلة».
وكان الملك عبدالله الثاني حث الحكومة اول امس الاحد الى الاسراع في اتخاذ الاجراءات الكفيلة بحماية المواطنين من ارتفاع الاسعار. كما اكد رئيس الوزراء نادر الذهبي أن الحكومة انتهت من اعداد اجراءات تهدف الى ضبط الاسعار والتخفيف على المواطنين من ذوي الدخل المتدني والمحدود، وستعلن عنها خلال الاسبوع الحالي.
ويعود السبب المباشر وراء ارتفاع اسعار المواد الغذائية خلال الاشهر الماضية الى زيادة الطلب والطقس السيء في بعض المناطق الذي سبب انهيار المحاصيل. ويقدر البنك الدولي ان ارتفاع الاسعار بلغ 83 بالمئة خلال السنوات الثلاث الماضية. وفي عرض مفصل للارتفاع حسب احصاء يعود الى شهر آذار (مارس) الماضي يظهر ان سعر الارز ارتفع خلال سنة بنسبة 74 بالمئة والقمح بـ 130 بالمئة والصويا بـ 87 بالمئة والذرة 31 بالمئة.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد