العيش صعب المنال للمصريين والجوع يهبط بشعبيةمبارك لأدنى مستوياتها
يرتبط الخبز بالنسبة للمصريين مع الحياة نفسها، فيتشاركان الاسم عينه "عيش،" ويشكل للشرائح الفقيرة والمتوسطة الدخل عماد الوجبات الثلاث في دولة يعيش 40 في المائة من سكانها البالغ عددهم 76 مليون نسمة عند خط الفقر مع دولارين يومياً.
لكن الارتفاع الأخير في الأسعار، جعل "العيش" صعب المنال لـ20 في المائة من المصريين وحرك المياه الراكدة بالنسبة للفقراء الذين خرجوا في مظاهرات احتجاجية ذكرت بأحداث 1997 الدامية، وانعكس ذلك على موقع القيادات السياسية، إذ تشير التقارير إلى تراجع في شعبية الرئيس المصري حسني مبارك وحكومته.
ويبدو أن مصر لن تكون الدولة الوحيدة التي تواجه هذا الوضع في الشرق الأوسط، فقد حذرت الأمم المتحدة من أن أزمة أسعار الغذاء ستشمل كافة الدول الفقيرة كامتداد لظاهرة التضخم العالمية.
وقبل أيام، اندلعت مظاهرات صاخبة في مدينة "المحلة الكبرى" الصناعية شمالي مصر، حيث قتل شاب خلال مواجهات دامية بين الشرطة والمتظاهرين استمرت ليومين.
وشهدت المدينة أحداثاً غير معتادة، حيث قام العمال الغاضبون جراء أجورهم المحدودة وارتفاع الأسعار بتمزيق لوحة إعلانية تحمل صورة للرئيس المصري حسني مبارك، أما رئيس الوزراء، أحمد نظيف، فقد هرع بدوره إلى المدينة لوقف تطور الأحداث، واعداً بتقديم حوافز ومكافآت، كانت على الأرجح أقل مما انتظره العمال.
أما في شوارع البلاد، فقد وصلت شعبية مبارك إلى أدنى مستوياتها، فأحداث "المحلة" تأتي تتويجاً لمجموعة كبيرة من المواجهات على خلفيات اجتماعية في البلاد، فرغم النمو الكبير وتدفع مليارات الدولارات من الاستثمارات الخارجية إلى البلاد ما تزال الهوة الفاصلة بين فقراء مصر والنخبة الثرية فيها إلى اتساع.
ويستفيد فقراء مصر من الخبز المدعوم الذي توفره مخابز على صلة بالحكومة بأسعار تقل 10 أو 12 مرة عن أسعار السوق، لكن الأزمة استفحلت مؤخراَ مع تراجع مخزون الطحين في تلك المخابز وتقلص قدرتها بالتالي على تلبية الحاجات المتزايدة.
لكن البعض يقول إن الأمر يعكس حالة الفساد المستشرية في البلاد، حيث تقوم المخابز ببيع مخزونها من الطحين في السوق السوداء لتحقيق أرباح كبيرة.
ونتيجة لما يحصل، يقف المصريون في طوابير طويلة للحصول على خبزهم اليومي من أفران حكومية، ويقول محمد الديب، وهو إداري في إحدى الشركات الطبية لوكالة أسوشيتد برس: "أقف هناك منذ ساعات، وسأنتظر أكثر بعد قبل الوصول إلى الخبز.. أنا مرغم على الوقوف في الطابور لأنني أعجز عن شراء الخبز غير المدعوم."
وخلال الأسبوع الماضي، سقط بعض القتلى خلال الانتظار في الطوابير، حيث طعن شخصان، وقضى خمسة جراء الإرهاق، وهناك مخاوف من أن تشهد البلاد أحداثاً مشابهة للعام 1997، حين قتل 70 شخصاً في مواجهات مع قوات الأمن إثر رفع أسعار الخبز وبعض المواد الغذائية.
وفي ظل هذه الأزمة، طلبت الحكومة من الجيش، الذي يعد عادة الخبز للموظفين، بزيادة الإنتاج لتلبية حاجة عموم المواطنين، وقد قام الجيش بالفعل ببناء 10 أفران كبيرة في القاهرة، كما افتتح 500 كشك لبيع الخبز في الشوارع.
يذكر أن مصر تؤمن 50 في المائة من القمح الذي تحتاجه سنوياً من السوق الدولية، بينما تزرع الكمية الباقية، ويقول وزير المال المصري، يوسف بطرس غالي، إن ما يحدث في الأسواق الدولية يلعب دوراً أساسياً في المستويات القياسية الحالية للأسعار.
ويضيف نظيف إن ثمار النمو الاقتصادي والاستثمارات العالمية الكبيرة في البلاد بحاجة لوصقت قبل أن تصل إلى جميع المواطنين قائلا: "هناك 77 مليون نسمة في مصر، ونحتاج بالتالي إلى ما بين خمس إلى سبع سنوات من النمو المتواصل قبل أن يشعر الجميع بذلك."
المصدر: CNN
إضافة تعليق جديد