جهات رسمية تضلل الرأي العام
عمدت عدة جهات رسمية معنية بمسألة تسويق وتخزين القمح منذ حوالي الشهرين تقريباً على تصدير تصريحات وأخبار كنوع من الفلاشات الكبيرة مفادها أن لدينا من الأقماح ما يكفينا حتى العام 2009 وكأن الزمن الذي يفصلنا عن العام 2009 هو عشر سنوات ويتناسى هؤلاء أن يقولوا... بل أنهم يستغفلون القارئ والمشاهد والمستمع وكل المتلقين إن ما لدينا من أقماح يكفينا لعام واحد وبعض عام وفي أحسن الأحوال لعامين.. ويتناسى هؤلاء لماذا انخفضت مخازيننا من القمح التي كانت تكفينا سابقاً لأربعة أعوام إلى عام ونصف عام... بل يتمادون في استغفالهم ويقفزون فوق حقيقة هامة وهي الدافع لتصريحاتهم وتضليلهم وتكمن في الذي حدث في موسم العام الماضي وهو لب المشكلة بل هو كل المشكلة فالعام الماضي ومنذ 13 عاماً كان العام الأول الذي لم نستطع فيه توفير كامل احتياجاتنا من القمح... فكل ما استطاعت شراءه مؤسسة الحبوب لم يتجاوز 1.6 مليون طن علماً أن حاجتنا السنوية من الأقماح تتجاوز الـ2.2 مليون طن... فقد تراخت إدارة مؤسسة الحبوب وتناقضت في إجراءات وتعليمات شراء القمح ما دفع التجار إلى شراء الأقماح التي رفضتها المؤسسة من الفلاحين ومن ثم بيعها وتهريبها إلى الدول المجاورة بأسعار قدرها البعض بـ25 ل.س للكغ الواحد وكانت الحجة والذريعة أن الأقماح المرفوضة مصابة بنوع من الفطر نجم عن هطل الأمطار في شهري نيسان وأيار الماضيين... لكنها صالحة للاستهلاك البشري كما أثبتت التحاليل المخبرية وقد مرت تلك اللعبة التي خسرت فيها الدولة 1.5 مليون طن من القمح وكان الإنتاج في العام الماضي أربعة ملايين طن... مرت تلك اللعبة بسلاسة ودون أن تثير انتباه أحد من المعنيين لكن سوء الظروف المناخية في موسم الزراعة الحالي التي تجلت في الاحتباس المطري وبالصقيع الذي أتلف ثبات القمح جعلت الجهات المعنية تتنبه إلى أن انتاجنا من القمح للموسم القادم قد لا يزيد على « 1.5 مليون طن أي أننا سنمد أيدينا إلى المخزون الذي كان يبنى ويتراكم سنوياً كما أننا سنتوقف عن تصدير القمح الذي بدأته سورية منذ حوالي عشر سنوات وبالتالي فإن حصول ظروف مناخية في العام القادم مشابهة كما حدث في الشتاء الحالي «لا سمح الله ولا قدر» قد تعني عودتنا إلى استيراد القمح بعد ثلاثة أعوام والذي توقفنا عن استيراده منذ العام 1994 وعندما طلب السيد رئيس مجلس الوزراء تشكيل لجنة من الزراعة والاقتصاد للتدقيق في موسم تسويق القمح الماضي شعر بعض الذين يفترض أن يتحملوا مسؤولية ما حدث في تهريب القمح بالخطر وأنهم قد يجدون أنفسهم أمام مساءلة من نوع آخر فلم يجدوا وسيلة للهرب من الإجابة عن تقصيرهم في الموسم الماضي سوى التشدق أن لدينا من القمح ما يكفينا حتى العام 2009 لذلك فإن الجميع يأمل في الشروع بحملة مساءلة تشمل كل من يساهم حالياً في التضليل وتؤدي إلى الإجابة على السؤال المر المتمثل بتحديد المقصر.
محمد الرفاعي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد