ساركوزي لم يحذر الأسد وجنبلاط حريص على حماية المقاومة!؟
أرجأ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الجلسة النيابية العاشرة المخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية من اليوم وحتى الثانية عشرة من ظهر يوم السبت المقبل في التاسع والعشرين من الجاري، وذلك بعد اتصالين حصلا بينه وبين رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي قال ان خيار الأكثرية النهائي لرئاسة الجمهورية الآن وغدا هو قائد الجيش العماد ميشال سليمان «وهذا خيار لا تراجع عنه وفيه مصلحة للجميع، مصلحة المقاومة ومواجهة الإرهاب وكل تأخير ليس في مصلحة الجميع».
وجاء موقف جنبلاط وتواصــله والحريري مع بري، ليبيّن، أن الإدارة الأميركية، ومهما ذهبت بعيدا في تحريضها على الفتنة الداخلية، فإنها صارت مكشوفة لبنانيا، خاصة أمام هول «التجارب» الأميركية في المنـطقة ولا سيما في العراق، ولذلك، بدا الرئيس الأميركي جورج بوش في دعوته للأكثرية بوجـوب الذهاب الى خيار النصف زائدا واحدا اذا تعذر التوافق، كأنه ذاهب الى الحج والناس راجعة.
ومع طي خيار النصف زائدا واحدا، فإن عنصرا آخر، ظلّ قيد التداول في الساعات الأخيرة، وهو التحريض الذي مارسه الأميركيون باتجاه حكومة الرئيس فؤاد السنيورة من أجل «تحمل مسؤولياتها في قيادة الفراغ». وتردد، في هذا السياق، أن وزراء مسيحيين في الأكثرية توجهوا بالمفرّق الى بكركي والتقوا البطريرك الماروني نصر الله صفير وطلبوا «بركته» إزاء قرارات يحتمل أن تتخذها الحكومة في الأيام القليلة المقبلة «لتسيير عجلة الدولة وعدم تعطيل مصالح الناس».
وفيما نسب بعض الوزراء المسيحيين الى صفير موافقته على إطلاق يد الحكومة، فإن أياً من المطارنة المقربين من بكركي لم يجزم بهذا الأمر، فيما حذّرت أوساط مقربة من العماد ميشال عون من مبادرة أية جهة روحية أو سياسية الى تغطية محاولة «سرقة صلاحيات رئيس الجمهورية من قبل الحكومة الحالية»، وذلك في تلميح الى ما تم تداوله على لسان أكثر من وزير في الحكومة بأن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة توشك على تعيين وزير بديل للوزير الراحل الشهيد بيار الجميل.
وقالت مصادر حكومية لبنانية انه في ضوء قرار رئاسة المجلس النيابي بتأجيل جلسة اليوم، وحتى لا يتم تكريس خيار المادة 74 غير الدستوري، فإن مجلس الوزراء سيجتمع على الأرجح، بعد ظهر يوم (الاثنين) وسيبادر الى اقرار مشروع قانون يقضي بتعديل المادة 49 من الدستور وإرساله الى مجلس النواب في اليوم التالي، على أن يتم ترقب موقف الرئيس بري وما إذا كان سيستلمه أم يعيده الى رئاسة الحكومة.
وفيما قالت أوساط مقرّبة من بري إن بري لن يعترف بأي مشروع قانون تعديل مرسل من الحكومة البتراء وغير الشرعية، فإن مصدرا نيابيا في فريق الأكثرية قال إن الأكثرية ستعلن اذا لم يتسلم بري المشروع أنها استلمته من رئاسة الحكومة لحفظ هذا الخيار دستوريا وحتى تبقى الكرة في ملعب رئيس المجلس.
وعلى الرغم من تراجــع مناخـات التفــاؤل السياسية، خارجيا وداخليا، ما زال الرئيس نبيه بري يراهن على أن ساعة الفرج لا بد آتية، وأمل أن يكون تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية من اليوم الى السبت المقبل «هو التأجيل الأخير» وأن نتمكن من إتمام الانتخاب التوافقي ونقدم بالتالي أهم عيدية للبنانيين.
وقال بري انه على اي حال وفي حال لم نوفق في ذلك ـ لا قدّر الله ـ فإن المجلس النيابي هو في انعقاد دائم واستثنائي «وسأدعو الى جلسات متتالية وربما أسبوعية خلال شهر كانون الثاني المقبل حتى نتمكن من انتخاب رئيس الجمهورية».
وشدد بري على ان المجلس النيابي في الأزمة الرئاسية الراهنة ليس مقيدا بل هو محكوم بالمادة 74 من الدستور والتي تنطبق على الواقع الرئاسي القائم، بحيث تضع المجلس في حال انعقاد فوري في أي وقت من دون ربط الانعقاد لا بعقد عادي او عقد استثنائي، وأشار الى أن هذه المادة تفيد ما حرفيته «.. إذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس أو استقالته أو سبب آخر فلأجل انتخاب الخلف، يجتمع المجلس فورا بحكم القانون..». وبالتالي من حق رئيس المجلس ان يدعو المجلس الى الانعقاد لانتخاب رئيس الجمهورية ساعة يشاء في ظل الفراغ الرئاسي الحاصل».
وحول دعوة بوش للنصف + ,1 اكد بري ان الكل وفي مقدمهم الاميركيون يدركون سلبيات هذا الخيار وتداعياته الكارثية.
من جهته، قال رئيس تكتل التغيير والاصلاح، العماد ميشال عون بعد اجتماع التكتل، أمس، بحضور جميع أعضائه بمن فيهم النائب ميشال المر والنائب ايلي سكاف، ان المبادرة الفرنسية انتهت «وهم يفتشون عن حلول أخرى»، واستبق اعلان رئيس المجلس بالقول «لا جلسة غداً لأن ليس هناك أي تفاهم والحوار مقطوع، ونتمنى أن يحصل تطور إيجابي بعد الأعياد»، ولاحظ أن فريق الأكثرية يمر بمرحلة تضعضع.
وعلق على دعوة سمير جعجع له للبدء بحوار بعد انتخاب رئيس الجمهورية بالقول «ليبدأ جعجع بأخذ المواقف المستقلة لكي نجلس معه... طالما هو تابع لمجموعة لا يملك فيها حق القرار ولا حق المشاركة لا نستطيع الكلام معه؛ فمن يغرد على غصن شجرة على العالي لا يستطع أن ينزل للدخول الى قفص. عندما يخرج من القفص نحن مستعدون للكلام معه».
وردا على سؤال قال عون «أنا تنحيت لمصلحة الجنرال سليمان، وعندما لا يعود هو مرشحاً استرجع حريتي».
وردا على سؤال قال عون «اذا اعتبر (النائب الحريري) هو او غيره أنّ الفيتو عليه (لرئاسة الحكومة) هو إهانة لطائفته، فمن حقي أن أعتبر أنا أن الفيتو عليّ لرئاسة الجمهورية هو إهانة للموارنة. انا فقط أريد أن أطالبه بوعد شخصي قطعه اكثر من مرة في باريس».
وقالت مصادر أن القائم بالأعمال الفرنسي أندريه باران، طلب من العماد عون خلال اجتماعه به، أمس الأول، أن يسلمه لائحة الحد الأدنى التي يمكن أن يقبل بها لأجل انجاز التوافق، ورد عليه عون بإبلاغه أنه ليس الطرف الصالح للتفاوض، وأن الشخص الذي فوّضته الأكثرية هو النائب سعد الحريري «واذا أردت أن تشارك في الاجتماع كشاهد فلا مانع في ذلك».
وفي باريس، نفى المتحدث باسم قصر الأليزيه دافيد مارتينو أن يكون الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد أتى خلال لقاء مع صحافيين عرب بشأن لبنان على كلمة تحذير أو إنذار خلال حديثه عن الرئيس السوري بشار الأسد. وأكد مصدر فرنسي أن عبارة الفرصة الأخيرة (الجلسة التاسعة الاثنين الماضي) «ليست موجهة للأسد».
وقال الناطق باسم الأليزيه إن ساركوزي اتصل بالأسد هاتفيا وأبلغه أن الانتخابات الرئاسية اللبنانية يجب أن تجري اليوم (السبت) كما هو مقرر وأنه يود أن يتم احترام هذا الموعد وأن يتم التوصل الى حل بشأن العملية الانتخابية»، وأضاف أن ساركوزي أبلغ الأسد مرة أخرى بأن فرنسا ملتزمة أكثر من أي وقت سبق، بانتخاب رئيس لبناني يحظى بالقبول على نطاق واسع».
وقال مارتينو «إن افقنا هو جلسة الثاني والعشرين، بصفتها الموعد الذي توافق عليه الأطراف، إن الرئيس ينتظر احترام هذا التاريخ، وأن يتم إيجاد حل للعملية الانتخابية».
ورفضت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية باسكال أندرياني ما قاله بوش بصفته تصعيدا ضد سوريا وقالت «لا أعتقد أنه يمكن التحدث عن تصعيد. موقفنا ثابت. لقد تدخلنا لدى السوريين، وعلى كل المستويات لإجراء الانتخابات وفق الدستور اللبناني وفي ظل أفضل الظروف وآمل أن يستجيب السوريون».
وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية إن هناك مخاوف فرنسية فعلية «من دخول لبنان دوامة المجهول إذا تعزز خيار النصف زائدا واحدا». وأكدت إن دخول لبنان في الفراغ الدستوري في الأيام المقبلة، «قد يتضاعف أمده ويستمر إذا ما ترافق ذلك مع صعود المحكمة الدولية مع ما سيزيده هذا الملف من التعقيدات».
وقالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليسا رايس إن الولايات المتحدة «دعت إلى مؤتمر أنابوليس كل الدول ذات الصلة بعملية (السلام)، بما في ذلك الدول الأعضاء في لجنة المتابعة العربية، ومن بينها سوريا، وبالتالي جعلنا من الممكن حضور سوريا». وأضافت «اعتقد أن البعض أمل في أن تظهر سوريا سلوكاً بناءً حيال المنطقة بأكملها وأن تسير في هذا الطريق. لكن ذلك لم يحدث بعد، فمن المهم للغاية أن يكون باستطاعة اللبنانيين الذهاب إلى البرلمان لانتخاب رئيس. هم لديهم مرشح توافقي يمكنهم انتخابه، ولكن يبقى السؤال، لماذا لا يمكنهم التوجه إلى البرلمان وانتخابه».
وتابعت «على سوريا أن تؤثر على حلفائها للمضي قدماً بذلك وعدم منع الشعب اللبناني من القيام بما يريد»، مشيرة إلى أنّ «الاعتقاد السائد على امتداد المنطقة كان في أهمية عدم استبعاد أي دولة عربية عن مؤتمر أنابوليس».
وفي موقف لافت للانتباه، لكن هذه المرة من تل أبيب، أبدت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية خشيتها من أن استمرار الأزمة الرئاسية في لبنان قد يخلق أجواء عنف سرعان ما تنزلق إلى حدودها الشمالية. وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى تعاظم حالة التأهب في الجيش تحسبا لاحتمالات تدهور الوضع على الحدود.
وأشار موقع «معاريف» الإسرائيلي الإلكتروني إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تخشى من أن تأجيل انتخاب الرئيس اللبناني الذي كان مقررا اليوم السبت «يمكن أن يقود إلى انفجار عنف ينزلق نحو الحدود مع إسرائيل»، ولهذا السبب تقرر تحذير القوات الإسرائيلية المنتشرة على الحدود والاحتياط «من احتمال وقوع أحداث استثنائية».
وشدد ضابط في قيادة الجبهة الشمالية الإسرائيلية على أن الأمر «لا يتعلق برفع مستوى التأهب وإنما بتكثيفه».
ورأت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن «لديها أساسا لخشيتها هذه بسبب مرور أكثر من شهر على الفراغ الرئاسي».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد