بغداد: لكل معاملة رسمية سعرها والسماسرة معممون وحزبيون
عمامة ومسبحة أو ربطة عنق وهوية تحمل شعار أحد الاحزاب المتنفذة. هذا كل ما يحتاجه السمسار لانجاز معاملات المواطنين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، مثل استخراج جواز سفر في ساعات معدودة ويشمل ذلك ايضا عقود المقاولات والمزايدات والتسهيلات المالية والادارية للشركات.
سمسرة المعاملات باتت مهنة رائجة. تدر أرباحاً على صغار رجال الدين والشخصيات الحزبية. والسعر حسب أهمية المعاملة و «صعوبة انجازها».
ويقصد الناس سماسرة المعاملات قبل ان يقصدوا أي دائرة حكومية مباشرة لأن هؤلاء باتوا عصا سحرية تنجز أي معاملة مستعصية.
ويقول السمسار صاحب عبد الامير، الملقب بـ «ابو رنا»، ان «انجاز المعاملات يعتمد على علاقات السمسار داخل الدائرة المقصودة. وتسعيرة انجازها تختلف من معاملة الى اخرى، فاستخراج جواز سفر من نوع (G) يكلف بين 500 و800 دولار، اما معرفة الجهة التي تعتقل شخصاً فبين 400 و2000 دولار، بحسب طبيعة الجهة التي تعتقله، أما تسريع اخراج المعتقل ودفع ملفه الى القضاء فلا تزيد عن 500 دولار».
ويؤكد عبد الأمير ان غالبية سماسرة المعاملات «يرتدون ملابس خاصة برجال الدين، بدءاً من العمامة والصاية وانتهاء بالعباءة»، موضحاً ان «معظم المسؤولين في مؤسسات الدولة من الدرجة الثالثة والرابعة ينجزون المعاملات بشكل اسرع إذا كان السمسار رجل دين والحال ذاتها مع منتسبي الاحزاب فهؤلاء اولوية، خصوصاً إذا عرضوا الهويات التي يحملونها خلال انجاز المعاملات».
ويرفض سمسار آخر كشف هويته ويكتفي بالقول «نحن نساعد الناس في انجاز معاملاتها التي تستغرق شهوراً في ايام معدودة، وبعضها ننجزه في ساعات ونتقاضى مبالغ صغيرة لأن جزءاً كبيراً يذهب الى الموظفين».
وتقول هناء يوسف التي تعمل في احدى الشركات الخاصة انها استعانت بأحد السماسرة المتنفذين لاستخراج جواز سفرها مقابل 750 دولاراً خفضها لاحقاً الى 600 دولار.
وتضيف ان «استخراج هذا الجواز يستلزم مدة لا تقل عن 50 يوماً في احسن الاحوال فيما انجزه السمسار في يومين فقط»، وترى ان هذا المبلغ «ضمن لها الحصول على الجواز في مدة قياسية فيما صديقتها رشا ما زالت تنتظر على رغم مرور اكثر من شهرين على تقديم اوراقها الى مكتب الجوازات في زيونة».
وعلى رغم الاجراءات التي تتخذها الدوائر الرسمية لمنع تسلل السماسرة اليها الا ان معظم الدوائر تعترف بعجزها عن صدّهم فقد استطاعوا مد نفوذهم الى داخل الدوائر والوزارات بشكل سريع.
وتقول أم علي ان السماسرة يتفقون على تقاضي مبالغ محددة مقابل انجاز معاملاتهم ويخفضون هذه المبالغ بنسبة صغيرة لاحقاً بعد التفاوض.
وتتابع ان ابنها علي (20 عاماً) قضي عامين في أحد معتقلات وزارة الداخلية في انتظار وصول ملفه الى المحاكم، وأن عائلته عجزت عن دفع المبلغ الذي طلبه احد السماسرة (1500 دولار) لإطلاقه. لكن أحد السماسرة نجح في اطلاق أحد أقاربها بعدما دفعت عائلته «مبلغاً كبيراً».
خلود العامري
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد