دور المرأة في التبدلات الإجتماعية
يقال إن سمة القرن 21 بالنسبة للمجتمع بشكل عام والأسرة بصفة خاصة انتفاء الدور الحقيقي للرجل كرجل وللمرأة كامرأة إذ تستطيع الأخيرة أن تأخذ دور الرجل لمجرد أنها تنتج أكثر منه أو تستطيع في نهاية الشهر أن تحصل المال بصورة يسيرة على حسابه هذا ناهيك عن أن بعض الرجال يعيشون عالة على زوجاتهم وفي هذه الحالة لا تأخذ المرأة دور الرجل فقط بل تصبح هي الكل في الكل.
أمام هذه النظرية المادية والتي يعتبرها البعض: (الرومانسي) أنها ليست كل شيء ترى هل هناك صور تأخذ فيها المرأة دور الرجل ضمن تكوين الأسرة هذا ما نحاول أن نعرفه من خلال بعض الاستطلاعات:
السيدة تغريد عزام قالت: أنا لا أعتقد أن المرأة تحل مكان الرجل فقط عندما تصرف على البيت فأنا ربة منزل ومع ذلك تجدني في كثير من الأوقات اضطر لأخذ دور الرجل القاسي الذي لزاماً عليه تأديب أولاده بشكل صارم فزوجي يعمل عدة أعمال تدر عليه مالاً وفيراً مع نهاية كل شهر ولذلك تجده يحضر الكثير من الهدايا للأولاد بسبب ودون سبب.
كما تجد زوجي يلاعب الأولاد ومهما فعلوا فردة فعله الوحيدة أن يضحك لهم ويتركهم يقومون بما يحلو لهم, لا شك أن تغمر أولادك بالعطف والحنان ذاك أمر مهم ولكن تمر عليك أوقات لا تجد أمامك بدّاً من تأديبهم أو ضربهم حتى تقوّم سلوكهم في الاتجاه الصحيح, وعندما أتحدث في هذا الاتجاه أُصاب بالمرارة لأن الواقع البيولوجي للحياة جعل للرجل سلطاناً ودوراً أساسياً بحيث تكون هناك مهابة له ممزوجة بعطفه وحنانه أما أنا فلا شيء من ذلك في بيتنا ودائما أقول له: إن كنت لا تدع الولد يرغب بشوق في شيء ما على سبيل المثال فلن يجد لذة في الحصول عليه, أحياناً يحضر إلى البيت وبيده دراجة أو هدية قيمة وأقول له كيف تشتري له هدايا قيمة دون أن يدرك أولادك قيمة المال ولذلك تجدهم يتقبلونها بلذة قليلة و بتقدير أقل, أولادنا لم تُتح لهم فرصة الاشتياق إلى شيء حلم به ليلاً وخطط له نهاراً فالمقتنيات التي يحصل عليها أطفالنا بسهولة كان يمكن أن تكون في نظرهم غنيمة وكنزاً, لذا أقول لزوجي دائماً لا تحرم أولادك البهجة التي يوفرها الحرمان الوقتي, فهي أكثر رونقاً وأقل كلفة, لكن شيئاً من هذا لا يحصل وأضطر لأن أفعل ذلك بنفسي لتجد الأمر قد تم خرقه في اليوم التالي بهدية قيمة, أعتقد أن الموضوع يصل إلى مرحلة صعبة للغاية بين الزوجين في هذا الاتجاه فأنا غير مسرورة بهذا الدور الذي اضطررت أن آخذه رغماً عني وقد فشلت كل محاولاتي لثني زوجي عن التقاعس تجاه دوره في هذا المجال.
السيدة ميرفت بدر قالت: ليتني فقط أخذت دور زوجي وهو معي في البيت ليأخذ دوري فالوضع المادي الصعب يفرض عليه العمل منذ الصباح الباكر وحتى آخر الليل إنه يخرج من البيت قبل أن يستفيق الأولاد ويعود إليه منهكاً بعد أن يكونوا قد ناموا لا يراهم إلا وهم نيام أربعة أولاد (صبيان وابنتان) اضطررت منذ أن تزوجنا إلى إعالتهم وتربيتهم كأم حنون وكأب قاس معاً, هذا ما فرضته ظروف الحياة علينا لا شك أن هذه التربية من وجهة نظرية فيها نقص ولكن كل ذلك لكي نؤمن لأولادنا الحد المطلوب من الرفاهية وتأمين المتطلبات الخاصة بهم دون أن يشعروا بأنهم أقل من رفاقهم أولا يستطيعون شراء ما يشتريه أقرانهم.
السيد عادل سعد قال: تزوجت منذ بضع سنوات بفتاة لديها عمل جيد وأملت وقتها في تأمين نفسي بوظيفة أو عمل معين ولكني لم أنجح وبقيت إمكاناتي المادية ضعيفة أمام ما تؤمنه زوجتي في نهاية كل شهر ولذلك تجدني لا أستطيع الحراك معها فقدراتها المالية الكبيرة مقابل قدراتي المعدومة جعلتني أكون العنصر المستضعف في البيت ولذلك فأي قرار يصدر عن البيت يجب أن ينال موافقتها أولاً وحدث بلا حرج تجاه شراء أي قطعة أو مستلزم للبيت فبدون موافقة (المدام) لن يحصل شيء لا شك أنها وبكل صراحة أخذت دوري كرجل بكل معنى الكلمة.
وفي لقاء مع الاختصاصي النفسي إبراهيم الحسين قال: مما لا شك فيه أن أي خلل في دور الرجل والمرأة سواء في إدارة شؤون البيت أو تربية الأولاد ستدفع العائلة ثمنه باهظاً, إن مسؤوليات الأبوين ثقيلة الوطأة أحياناً فالأولاد يتطلبون الكثير من أولياء أمرهم كما بين زميل لي ذات صباح وهو يودع ابنته البالغة ثلاث سنوات قال لها: يجب أن أمضي إلى عملي الآن فردت باكية (لا بأس يا بابا فسأسامحك) كانت مستعدة أن تغفر له إساءته مرة واحدة فقط, ولكنها لم ترده أن يكرر ذلك فالأولاد على حد ما أظهرته هذه الصغيرة, يعتمدون كلياً على والديهم وسد احتياجاتهم يتطلب تفرغاً كاملاً منهم, فليس غريباً على الأم بنوع خاص أن تغوص في واجباتها إلى ما فوق رأسها لتجدها تقوم بدور الطبيب والممرضة والعالم النفسي والمعلمة ورجل الدين والطاهية والشرطي وبما أنها تقضي مع الأولاد وقتاً أطول من زوجها فهي تلعب دور المؤدّب الرئيسي ومانح الحب والأمان, وأمام وجود حالات خاصة تتعدى فيه المرأة حتى كل ذلك لتأخذ دور الرجل أستطيع أن أقدم لها بعض النصائح:
1- خصصي وقتاً لنفسك والأفضل أن يكون هذا الوقت برفقة الزوج فوحدهما يحددان موعداً للالتقاء خارج المنزل مرة كل أسبوع أو أسبوعين تاركين الأولاد حتى دون أي اتصال معهم.
2- عدم إجهاد نفسك في مالا تستطيعين تغييره فالمبدأ الأول للسلامة العقلية هو القبول بما يتعذر اجتنابه فما أكثر الناس الذين يجلبون التعاسة لأنفسهم بسبب أمور تافهة كان يجب أن يتجاهلوها وفي حالات كهذة لا تكون السعادة والرضى أكثر ثباتاً واستقراراً من أضعف حلقة في سلسلة الظروف المحيطة بحياتهم, فقد يكون كل شيء على ما يرام باستثناء شيء واحد والغريب بالأمر أنه كثيراً ما يُضحىَ بالسعادة بسبب أمور تافهة.
3- عدم معالجة المشكلات الكبرى في ساعة متأخرة من الليل فللتعب مفعول غريب في قوى الإنسان المدركة فبعد يوم مضنٍ من العمل تبدو أبسط المهمات مشكلة صعبة الحل في الليل, بل إن القرارات التي يتم اتخاذها بوقت كهذا تكون شعورية أكثر منها منطقية وعقلية بينما يتم مناقشة الأدوار وأنها تضطر لأن تأخذ دوره بتربية الأولاد أو الحديث عن الأمور المادية مثلاً معنى ذلك أنهم يبحثون عن المتاعب.
- أما بعض النقاط الحساسة التي تم طرحها ويصعب التعامل معها خاصة تلك المتعلقة بضرورة العمل حتى ساعة متأخرة من الليل فأنا وجهة نظري أن الطفل يحتاج إلى العاطفة ووجود الأب إلى جانبه بشكل يوازي حاجاته للمال فأحياناً نبالغ بالعمل بحجة أننا سنوفر متطلبات أفضل للعائلة, نفني أنفسنا بأعمال عديدة ونحرم العائلة من فرحة وجودها بشكل سليم كلٌّ يأخذ دوره وإذا ما أخذت المرأة دوراً أكبر بقليل لا يكون هذا الدور مبالغاً فيه..
- أخيراً أقول للمرأة التي لديها مدخول مادي أكبر من الرجل إن إعطاء دفة القيادة للرجل في البيت ذلك أمر غير مقترن بما يحصله من مال على الرغم من أهمية المال وضرورته للحياة, فالرسائل النبيلة التي ترسلها المرأة من ذلك النوع لرجلها فترفعه وهو في حالة نفسية صعبة, فلا تظن أي سيدة أن زوجها مرتاح دون عمل لأن امتداد شخصية الرجل في عمله أما امتداد شخصية المرأة بيولوجياً ففي بيتها هكذا هو تكوينها الطبيعي فلا نحاول أن نكسر القواعد التي ستكسرنا إن نحن تعدينا عليها فأنا إذا أردت تحدي قانون الجاذبية الأرضية وأن أقذف نفسي من ارتفاع طابقين لن أجني إلا التعاسة والخراب من جراء هذا العناد, أما إعطاء كل شيء حقه في حياتنا الأسرية فستكون نتائجه عظيمة على كل شيء.
موسى الشماس
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد