مليون طن اسمنت إلى السوق السورية
تؤكد أرقام سوق الاسمنت السورية أن ما تنتجه معاملنا من المادة لايكفي إلا لسد أكثر من نصف احتياجنا بقليل.
من هنا فلموضوع الاسمنت وجهان متناظران بغض النظر عن قرب أو بعد أحدهما عن الآخر، وإذا كان الوجه الأول متعلقاً بمنسوب الانتاج وبقدرته على تلبية الطلب في سوق راكدة أحياناً ومضطربة في حين آخر فإن السمة الأبرز للوجه الثاني هي كثرة العقد القائمة على حبل الاستيراد بدءاً من نقص الخبرة التسويقية وانتهاء بكثرة المستوردين داخل وخارج دوائر المنافسة، إضافة لما تتسم به هذه المادة من سرعة تعرضها للتلف.
يتراوح حجم الانتاج السنوي من الاسمنت سنوياً ما بين 4-4.5 ملايين طن أما الحاجة الفعلية فهي بين 7-8 ملايين طن وفق ماترى الجهات المعنية فماذا عن تأمين المادة من ناحية المؤسسة العامة للاسمنت، ومؤسسة التجارة الخارجية المكلفة بالاستيراد وأيضاً في مؤسسة «عمران» المكلفة بالتوزيع وسمح لها بالاستيراد منذ خريف عام 2005.. فهل تدربت جيداً على لعب دور مورد من الخارج الى جانب دور الموزع في الداخل وماذا عن دورالقطاع الخاص في سوق ظل حكراً على القطاع العام زمناً طويلاً.. والسؤال الأكثر أهمية، ما الذي يستطيع أن يعوّل المواطن عليه لكي لايؤدي التباطؤ الى أزمة كالتي نشهدها؟
وبالنظر الى الواقع الفعلي لموضوع مادة الاسمنت يحتار المرء كيف يحكم هل نحن نعيش أزمة حقاً؟ أم أن الامر مجرد حديث عن أزمة ليستفيد بعض التجار والسماسرة..؟
من جانبه يرى أحمد صالح مدير عام مؤسسة «عمران» أن المؤسسة جديدة في مجال استيراد الاسمنت وهذه الخبرة المتواضعة جعلتها تتأخر لوضع أسس في كيفية الاستيراد خاصة ان رئاسة مجلس الوزراء أعطتها صلاحيات لإجراء عقود بالتراضي، وهي أصعب من عملية الإعلان، فأحياناً تأتي مجموعة من العروض بأسعار متعددة، تضطر عندها المؤسسة لدراسة السعر الأرخص وإلا تصبح هناك مجموعة من الاتهامات التي قد تتعرض لها وهذا ما أربك عملنا بعض الشيء، حيث ان هناك أكثر من 20 عرضاً وهمياً قدمت للمؤسسة وبأسعار رخيصة جداً، وحتى نتأكد من أن هذه العقود حقيقية.. لابد من دراسة، وتطلب من العارض التأمينات فيطلب العارض لتحويل التأمينات فترة من الزمن وعندها تنقضي هذه الفترة، يتضح أن هذا العرض وهمي وتنتقل الى العرض الذي يليه، ومنذ السماح لنا بالاستيراد قدم إلينا أكثر من 50 عرضاً لبيع الاسمنت بالتراضي، لكن حتى هذه اللحظة لم نستطع أن نحصل إلا على جزء بسيط من التأمينات، كما صودرت تأمينات شركتين على اعتبار انهما لم تستطيعا أن تأتيا بالأوراق المطلوبة للعقد النهائي.
والآن نحن بصدد مصادرة تأمين لشركتين آخريين لأنهما لم تكونا جديتين في تأمين هذه المادة، ولدينا أكثر من 40 عرضاً نقوم بدراستها.
وبالعودة الى واقع السوق ومدى تأمين مادة الاسمنت قال صالح: منذ الشهر العاشر عام 2006 حتى 22/2/2007 كان لدى مؤسسة عمران 200 ألف طن اسمنت في مستودعاتها كفائض.
وفتحنا البيع على دفتر العائلة وبالكميات التي يرغبها المواطن، حيث يقل الطلب على المادة في الشتاء، وفي موسم الصيف يزداد وتحدث الأزمة في بعض المحافظات، حيث يتم في دمشق تلبية حاجة المرخصين..
ولايمكن أن نطلق ان هناك أزمة مع وجود المادة في مستودعات القطاع الخاص ولكن يكثر الطلب على الاسمنت من عمران بسبب رخص السعر فهو بـ6100 ليرة سورية محملة في السيارة للمواطن ويزيد 2000 في القطاع الخاص.
وهناك شق آخر في الأزمة يتعلق بالسمسرة فنحن منذ الشهر الثالث وحتى الآن كشفنا على مشاريع وخصمنا منها 250 ألف طن، حيث اكتمل البناء بها ومازالوا يستجرون المادة ويتاجرون بها، فالفرق السعري يغري الكثيرين بالاتجار بهذه المادة..
أما المهندس زياد كلش مدير عام مؤسسة الاسمنت فقال: يجب أن تكون سورية منتجاً للاسمنت وبكميات كبيرة جداً نظراً لتوفر المواد الأولية وتوفر الطاقة مع الامتداد العمراني لكن للأسف لم يحدث هذا وبالطبع المؤسسة العامة للاسمنت بشركاتها المنتجة وعددها ست شركات، بدأت صناعة الاسمنت منذ عام 1937 وتم تطويرها بدءاً من عام 1970 طبقاً للحاجة المحلية.
ويقدر الآن الانتاج الفعلي من الاسمنت بعد ان تم ايقاف الشركة الوطنية في دمر وشركة برج اسلام بـ4.8 ملايين طن /سنوياً علماً أن آخر المعامل كان وضع بالانتاج عام 1983 فهي قديمة، ومع مطلع العام القادم سيدخل مشروع اسمنت حماة بطاقة مليون طن /سنوياً تضاف الى ما تنتجه ليصبح الانتاج السنوي نحو 6 ملايين طن توزع شهرياً بين خطة الاسمنت ومؤسسة عمران وقد تم تزويدها بالبرامج الشهرية للانتاج للعام القادم.
وبالطبع هذه الكمية لاتكفي، وكنا في الصناعة أعلنا في عام 1994 عن انشاء توسع معمل اسمنت حماة بطاقة مليون طن ومعمل أبو الشامات بطاقة 3 ملايين طن بحيث يكون الانتاج جاهزاً مع مطلع 2005 ليصل الى 9 ملايين طن.
وفي عام 2000 طلبت الحكومة من القطاع الخاص أن يقوم بهذه المهمة، وتم تقديم واعطاء تسهيلات كثيرة للمستثمرين، وكانت الحركة بطيئة من عام 2004 مما لم يشجع على قيام هذه الصناعة، ومع منتصف العام 2004 والبدء بانشاء المدن الصناعية والحركة العمرانية بدأت شركات كثيرة تعد العدة للبدء بالبناء سواء الصناعي أم السياحي وهي مرتبطة بصناعة الاسمنت وتم تشكيل لجنة برئاسة الدردري مع الوزراء المعنيين وتمت دعوة كافة المستثمرين والاستماع لهم وتسليمهم الأراضي في أبو الشامات والمنطقة الوسطى وحلب.
أما بالنسبة لاستهلاك الاسمنت فهناك فجوة بين المنتج والمستهلك وهي ليست كبيرة الآن فالحركة العمرانية بمشاريعها الكبيرة حالياً غير نشطة ومهما كان هناك رقابة من مؤسسات الدولة، فهناك متاجرة بهذه المادة طالما هناك فارق في السعر بين العام والخاص.
يجب اعادة النظر بموضوع أسعار الاسمنت، وبالطريقة التي نحافظ من خلالها على الموازنة بين السعر الذي تبيع به الدولة والسعر المستورد لكي لايكون هناك فارق كبير. وتوقع أن يكون هناك في المادة في السنوات القادمة وستبدأ الحركة العمرانية بالنهوض، ولن تستطيع دول الجوار سد الفجوة، كما أن موانئنا لاتستطيع أن تتحمل البواخر الكبيرة القادمة من الصين المحملة بـ 50-60 ألف طن.
ودعا مجلس الشركات التي رخصت على قانون الاستثمار للإسراع بانجاز مشاريعها.
الدكتور مروان الفواز مدير عام مؤسسة التجارة الخارجية قال بدوره: عندما يكون الطلب أكثر من العرض تحدث الأزمة، والمؤسسة لم تستورد منذ تكليف عمران باستيراد الاسمنت بعقود مباشرة، ونحن جهة نستورد لجهات القطاع العام التي تطلب المادة وفي هذه الحالة هي مؤسسة عمران. وتم تكليف المؤسسة من قبل اللجنة الاقتصادية منذ شهرين لاستيراد الاسمنت وحالياً توجد عقود ومناقصة بـ 300 ألف طن ستأتي من تركيا، و150 ألف طن من لبنان و65 الف طن ربع نظامي لعقد قديم.. /550/ ألف طن قادمة الى الأسواق اضافة لـ 500 ألف طن تستوردها عمران حسب تكليف اللجنة الاقتصادية.
ونعتقد بهذا ان هذه الكميات إذا وصلت في فترة الصيف الذي يشهد اقبالاً كبيراً على الطلب فانها ستساهم من دون أدنى شك في حل الأزمة. ونأمل أن يحدث ذلك..!
قاسم الشريف
المصدر: البعث
إضافة تعليق جديد