خاصية سرية على “تيك توك” ترفع نسب المشاهدة.. ما هي ؟!
تُظهر لك صفحة “For_You” على تطبيق تيك توك مقاطع فيديو مصنفة بواسطة خوارزمية بناء على اهتماماتك وسلوكك ومقاطع الفيديو الأكثر مشاهدة الخاصة بك عبر التطبيق.
ولا تتوقف القصة عند هذا الحد لأنها أبعد من ذلك، إذ يكشف ستة موظفين حاليين وسابقين في تيك توك، وشركتها الأم ByteDance، والوثائق والاتصالات التي اطلعت عليها فوربس، عن أنه بجانب السماح للخوارزمية بتحديد ما ينتشر على نطاق واسع، يختار موظفو تيك توك وByteDance أيضًا مقاطع فيديو محددة ويساعدون على توسيع انتشارها على المنصة، باستخدام خاصية تُعرف داخليًا باسم “Heating”.
ما خاصية Heating ؟!
تشير وثائق تيك توك المعروفة باسم “MINT Heating Playbook” إلى أن خاصية Heating تعمل على تعزيز ظهور مقاطع فيديو محددة في صفحة For You عن طريق التحكم في هذه العملية يدويًا لتحقيق نسب مشاهدات معينة لتلك المقاطع.
يمثل إجمالي عدد مشاهدات هذه الأنواع من مقاطع الفيديو جزءًا كبيرًا من إجمالي عدد مشاهدات الفيديوهات اليومية، بنحو 1-2%.
لماذا تستخدم تيك توك هذه الخاصية؟
لم يفصح تيك توك علناً عن تلك الخاصية – وعلى الرغم من انخراط غالبية عمالقة التكنولوجيا في عمليات من هذا القبيل لزيادة تفاعل وظهور منشورات معينة لمستخدميهم، إلا أنهم عادة ما يصنفون تلك المنشورات إذا ما قاموا بذلك.
تعاونت غوغل، وميتا، وتيك توك مع شركات القطاع الصحي والمؤسسات الانتخابية لنشر معلومات دقيقة وصحيحة حول كوفيد-19، ومساعدة المصوتين في العثور على لجان الاقتراع الخاصة بهم، إذ أعلنوا بشكل صريح عن كيف ولماذا اختاروا الترويج لتلك المعلومات.
أخبرت بعض المصادر فوربس أن تيك توك غالبًا ما تستخدم خاصية Heating لجذب المؤثرين والعلامات التجارية، وتحفيزهم على الدخول في شراكات مع المنصة من خلال زيادة نشر مقاطع الفيديو الخاصة بهم لرفع نسب مشاهداتها.
أفادت هذه الخاصية بعض المؤثرين والعلامات التجارية – الذين أقاموا شراكات مع تيك توك – على حساب الآخرين الذين لم يعقدوا شراكات معها.
قالت الأستاذة في كلية الحقوق بجامعة ستانفورد، إيفلين دويك: “نحن نعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي تتسم بالديمقراطية وتعطي الجميع الفرصة نفسها للوصول إلى الجمهور”، لكنها حذّرت من أن هذا ليس صحيحًا دائمًا.
وأضافت: “بنهج الحكومات نفسه قديمًا، تحدد وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا الفائزين والخاسرين، وتتمتع العلامات التجارية والشركات التي تتعاون مع المنصة بمزايا عن غيرهم”.
تكشف خاصية Heating أيضًا أنه لا توجد مقاطع الفيديو على صفحة For You لأنك تحبها أو لأنها ضمن تصنيفاتك، لكنها موجودة لأن تيك توك ترغب لعلامة تجارية معينة أو صانع محتوى معين الحصول على نسب مشاهدات أعلى، ومن دون ظهور التصنيفات المستخدمة في الإعلانات والمحتوى الدعائي لن يفرق المستخدمون بين المقاطع التي تنتمي لخاصية Heating وغيرها من مقاطع الفيديو التقليدية.
موظفو تيك توك ينتهكون سياسة المنصة
وقال ثلاثة مصادر لفوربس إنهم على علم باستخدام موظفي تيك توك الخاصية، بشكل غير خاطيء، إذ يُطبّق بعض الموظفين خاصية Heating في حساباتهم الشخصية أو حسابات أزواجهم، وحسابات الأشخاص الذين تربطهم بهم علاقات شخصية، ما أدى إلى حصول أحد تلك الحسابات على ثلاثة ملايين مشاهدة، في انتهاك صريح لسياسة الشركة.
وتُظهر الوثائق أن الموظفين – بما في ذلك العاملون في الشركة الأم ByteDance، وحتى المتعاقدين الذين يعملون مع الشركة – يتمتعون بسلطة كبيرة حول حرية التصرف في تحديد المحتوى الذي سيجري الترويج له.
وتشير إحدى الوثائق التي تحمل اسم “TikTok Heating Policy” أن الموظفين يستخدمون الخاصية “لجذب المؤثرين” و”الترويج للمحتويات المتنوعة”، بالإضافة إلى “نشر المعلومات المهمة” و”الترويج لمقاطع الفيديو التي أسقطتها خوارزميات التوصيات”.
غرض تجاري
كتبت المتحدثة باسم تيك توك، جيمي فافازا، رداً على مجموعة من الأسئلة حول كيفية استخدام خاصية Heating ومن أسسها: “نحن نروج لبعض مقاطع الفيديو للمساعدة في تنويع المحتوى وتقديم المشاهير وصانعي المحتوى المبدعين إلى مجتمع تيك توك”.
وتشير الوثائق المذكورة إلى أن تيك توك، وByteDance يستخدم هذه الخاصية لغرض تجاري لتنويع محتوى تيك توك بعيدًا عن مزامنة الشفاة ورقص المراهقين، وعرض مزيد من مقاطع الفيديو التي تثير اهتمام مستخدمين كثيرين.
وأشارت وثيقة “MINT Heating Playbook” أن الغرض من هذه الخاصية الترويج للمحتوى المتنوع، ونشر المعلومات المهمة، ودعم صانعي المحتوى المبدعين لزيادة قاعدتهم عبر المنصة، ومن ثم يصبح المحتوى أكثر تنوعاً.
وقال أحد المصادر لفوربس إنه يجري استخدام الخاصية أيضاً لتعزيز الشراكات رفيعة المستوى بين تيك توك والمنظمات غير الحكومية والفنانين الذين تتودد إليهم المنصة.
تخوف سياسي من تيك توك
تتمتع المنصات التقنية بتاريخ حافل من استخدام نفوذها لزيادة نسب المشاركات والتفاعلات لبعض المستخدمين.
وساعد الإنسان مدعوماً بالخوارزميات المنصات على إنشاء تجارب تصفح آمنة للأطفال والتحكم في المعلومات المضللة، لكن ذلك أدى أيضاً إلى فرض الشركات توجهاتها السياسية على المستخدمين.
تنجم بعض المخاوف بشأن التلاعب السياسي عبر منصة تيك تيك عن القلق بشأن إجبار الحكومة الصينية مالك ByteDance الصيني على تهويل أو إخفاء بعض الروايات على تيك توك.
وأقرت تيك توك بأنها فرضت في السابق رقابة على المحتوى الذي ينتقد الصين.
وقال موظفون سابقون في ByteDance لمنصة BuzzFeed News إن تطبيقاً آخر لـ ByteDance، منصة إخبارية لم تعد موجودة الآن حملت اسم TopBuzz، ثبّت “الأخبار المؤيدة للصين” في الجزء العلوي لموجز الأخبار لمستخدمي التطبيق في الولايات المتحدة، ونفت ByteDance ذلك.
ورفضت تيك توك الإجابة عن أسئلة حول ما إذا كان الموظفون الموجودون في الصين أو الحكومة الصينية، أو وسائل الإعلام الحكومية الصينية قد استخدموا الخاصية لمصالحهم الشخصية.
تُجرى المفاوضات حالياً بين تيك توك ولجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS)، لمعالجة جميع قضايا الأمن القومي التي أثارها التطبيق، لكن يسعى عدد متزايد من المشرعين إلى حظر التطبيق في الولايات المتحدة بسبب مخاوف من أن اتفاقية CFIUS قد تكون متأخرة جداً.
وفي كانون الأول، أعلنت تيك توك أنها ستضيف قسمًا جديدًا إلى مقاطع الفيديو الموصى بها يحمل اسم “لماذا هذا الفيديو” التي ستخبر المستخدمين كيف جرى اختيار مقطع فيديو معين لهم، ووصف بعض مستخدمي المنصة الميزة الجديدة بأنها “شفافية ذات مغزى”.
وكتبت فافازا، عندما سُئلت عما إذا كانت الميزة الجديدة ستكشف عن استخدام خاصية Heating أم لا في مقاطع الفيديو “نحن نواصل عملنا لإضافة ميزة جديدة وتوفير المزيد من التفاصيل والشفافية حول توصيات المحتوى”.
وقال الأستاذ بجامعة ستانفورد، دويك، إن الكشف عن استخدام خاصية Heating “سيكون خطوة أولى ليشعر المستخدمين بأريحية أكبر في أثناء استخدام المنصة، لكن في بعض الأحيان، يكون إخفاء الملصقات التوضيحية يرجع إلى أن الشفافية تسمح بالنقد”.
إضافة تعليق جديد