كيف ستعيش الدول الأوروبية بعد قطع الغاز الروسي؟
ينتظر أوروبا أصعب شتاء يمر عليها منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك بعد الخفض التدريجي لضخ الغاز الروسي عبر خط “نورد ستريم 1” إلى نسبة 40% من طاقته الاستيعابية ثم 20%، قبل أن تعلن شركة “غازبروم” (Gazprom) الروسية وقف الضخ بشكل كامل.
وتتجه الأنظار حاليا إلى الدول الأوروبية ومخزونها من الغاز، ويثار التساؤل: هل سيكفيها ذلك المخزون لتجاوز الشتاء الصعب، أم سيكون عليها أن تتعامل مع “كارثة الغاز” (gastastrophe)، وهو التعبير الذي اختارته مجلة “إيكونومست” (Economist) للتعبير عما ينتظر الأوروبيين خلال الأشهر القادمة.
ووجدت الدول الأوروبية نفسها بين فكي كماشة من جهة ارتفاع صاروخي لأسعار الغاز، وهو ما انعكس على ارتفاع فواتير الطاقة في عموم الدول الأوروبية وربما قد تضع الملايين من الأوروبيين بين خيار إما الإنفاق على الطعام أو التدفئة، ومن جهة ثانية هناك النقص الحاصل في مخزون الغاز في عدد من الدول الأوروبية، وهو ما سيجبرها على اتخاذ إجراءات صعبة لترشيد استعمال الطاقة.
كيف يبدو الوضع في أوروبا؟
احتفت المفوضية الأوروبية قبل أيام بالإعلان عن بلوغ حجم تخزين الغاز في الاتحاد الأوروبي نسبةً تتجاوز 80%، لولا أن التدقيق في المعطيات يظهر أن هناك تفاوتا في حجم التخزين، فهناك دول بالفعل نجحت في تخزين ما يكفيها من الغاز، وهناك دول أخرى ستعاني خلال الشتاء المقبل.
ووفق موقع موقع “إيه جي إس آي” (AGSI)، المتخصص في تتبع مخزون الغاز في العالم، فإن الدول الأوروبية الكبرى بلغت مستوى مطمئنا من التخزين كما هو الحال بالنسبة لفرنسا وألمانيا وإيطاليا، بخلاف دول أوروبا الشرقية التي تعاني من نقص حاد في مخزون الغاز.
وهذه نسبة تخزين الغاز في الدول الأوروبية:
ألمانيا: 84% (وهو الهدف الذي كانت تسعى له ألمانيا قبل قطع الغاز القادم من روسيا).
فرنسا: 91% (أكثر الدول الأوروبية تخزينا للغاز).
بلجيكا: 88.5%.
الدانمارك: 88%.
إيطاليا: 82%.
بولندا: 99%.
في المقابل تعيش دول أوروبا الشرقية نقصا في مخزون الغاز:
بلغاريا: 66%.
هنغاريا: 63%.
لاتفيا: 53%.
وفي الوقت الذي أوقفت فيه روسيا ضخ الغاز للدول الأوروبية، ارتفعت وبشكل قياسي صادرات الغاز الروسي نحو الصين، وذلك عبر خط “سيبيريا” الذي يصل إلى شرق الصين، وزادت نسبة ضخ الغاز بحوالي 61% مقارنة بسنة 2021، ومنذ يوليو/تموز الماضي ارتفعت الصادرات الروسية من الغاز نحو الصين بحوالي 300% بالمقارنة مع المعدل العادي خلال السنوات السابقة.
تداعيات وقف الغاز الروسي
أدى القرار الروسي في وقف ضخ الغاز نحو الدول الأوروبية، إلى بلوغ سعره في السوق العالمية خلال أغسطس/آب الماضي حوالي 3100 دولار لكل ألف متر مكعب من الغاز، وهو ما يعادل ارتفاعا في الأسعار بنسبة 610% مقارنة بنفس الفترة خلال العام الماضي
وهذا الارتفاع في أسعار الغاز، سيدفع عددا من محطات توليد الطاقة للإعلان عن التوقف عن العمل لعدم قدرتها على مسايرة تكاليف الإنتاج، خصوصا أن أسعار الكهرباء في عموم أوروبا ارتفعت بنسبة 300% خلال سنة 2022، وهو ما يعادل 10 أضعاف أسعارها قبل 5 سنوات فقط.
ووفق المؤسسة البريطانية “العمل للطاقة الوطنية” (National Energy Action) فإن عدد الأسر التي ستدخل في خانة الفقر الطاقي (وهي الخانة التي توجد فيها الأسر التي تنفق 10% من مداخيلها على فاتورة الطاقة)، سيرتفع من 4.5 ملايين أسرة بريطانيا إلى 8.5 ملايين أسرة، مشيرة إلى أن بعض المدن الأوروبية سوف تعاني من انقطاع للكهرباء لمدة تتراوح بين الساعة و3 ساعات بشكل يومي.
ضربة للاقتصاد
وتشير توقعات صندوق النقد الدولي أن اقتصادات دول أوروبا الشرقية هي التي ستضرر بشكل كبير من قطع الغاز الروسي، حيث سيراجع الناتج الداخلي الخام بنسبة 6% في هذه الدول.
وسيؤثر قرار وقف الغاز الروسي عن أوروبا على الاقتصاد العالمي، حيث تشير توقعات صندوق النقد أن الناتج الداخلي العالمي سوف يتراجع بنسبة 2.6% في سنة 2022 وبنسبة 2% خلال سنة 2023.
وتسابق الدول الأوروبية الزمن من أجل إيجاد بدائل دائمة للغاز الروسي، من بينها مثلا ما تقوم به ألمانيا من بناء 3 محطات عائمة لتخزين الغاز الطبيعي المسال، والعودة للاعتماد على الطاقة النووية، إلا أن مجلة “تايم” (TIME) الأميركية تتوقع أن هذه الحلول تحتاج لمدة تتراوح بين 6 أشهر للتخزين بالنسبة للمحطات العائمة، و10 سنوات من أجل بناء محطات نووية جديدة.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية
إضافة تعليق جديد