الشخصية الشكّاكة

10-12-2021

الشخصية الشكّاكة

د. ‏عماد فوزي شعيبي:
‏تتميز هذه الشخصية بأنها ليست يسيرة في التعامل مع الآخرين فهي دائما ما تشكّ بهم وتتوقع بشكل وسواسي أنهم يحيكون المؤامرات عليها، أو أن لديهم دوافع سرية وغير معلنة بل وسيئة تجاهها. ‏فهي لا تثق بأحد وتعتبر أن أساس الآخرين سيئ. ‏وغالبا ما تترافق هذه الشخصية الشكّاكة مع وساوس أخرى كوسواس النظافة.‏وتترافق (غالبًا) هذه الشخصية لدى الذكور بعلاقه أوديبية مع الأم ( حب وتعلق شديدين، أو كراهية إلى حدّ كبير)، ولكنها غالبًا ماتكون لدى النساء علاقة ترابطية مُبالغًا بها.
‏تتميز هذه الشخصية بشكٍ دائم في زوجاتهم/ أو أزواجهم ‏يصل ‏أحيانا كثيرة إلى حد التهامة بالخيانة بل ونسج روايات شكّية ‏عن حدوث ووقائع هذه الخيانة.
لدى هذه الشخصية سوء ظن بالناس وتتوقع العداء والأذى منهم، ‏وتهويل الأخطاء. ولذلك يكون لديها ميول عدوانية، وأحياناً رغبات انتقامية ممن تتوهم منهم الأذى وتقوم بتفسير مواقف غير مقصودة على أنها تضمر الضرر، أو الإهانة لها.
‏تظهر هذه الشخصية مبالغ في تاويل الأحداث والمواقف و المفردات التي تتأتى من الأشخاص، وتكون المبالغة أكبر بكثير في تأويل الأخطاء وتحميلها ما لا تحتمله أصلاً. ‏وأحيانا تترافق هذه الشخصية الشكاكة ‏مع ميول للتنمّر ‏والسخرية من الآخرين. وتنظر إليهم باحتقار وقد تُغلّف هذا الاحتقار، ولكنها غالباً ما تُقلل من قيمة الآخرين وكفاءتهم بل وتقوّضها وتعبث بمكانتها. ‏فهي جرّاء الشعور بالنقص إزاءها ‏لا تستطيع العيش مع الآخرين وخاصة إذا كان أكفأ منها.
‏وتكون هذه الشخصية شديدة الحساسية تجاه كل ما يمت لها بصلة. ‏وأحيانا تبالغ في الحرص على مقتنياتها وعلى ثيابها وترفض الاقتراب منها.
‏تثور هذه الشخصية بشكل مريع إزاء النقد الذي قد يوجه لها، ‏خاصة عندما يتم النقد أسلوبها المبالغ به بالشك؛ فهي تعتبر نفسها على حق دومًا. ‏كما لا تحتمل الموقف الدفاعي لأنها دائمًا في وضعية هجوم! ‏كما أنها ترفض البوح بما لديها من أفكارٍ خاصة، ‏لأنها على قناعة بأن ما تفعله بالآخرين من شكّ وتأويل قد يُفعل بها.
‏والتعامل مع هذه الشخصية يجب أن يكون حذرًا للغاية مع عدم إظهار ذلك الحذر لانه يمكن أن يفسر أو يؤول بصورة أكثر سوءًا وضرورة التعامل الصريح والمباشر ‏مع الشرح دايم لل خلفيات حتى يتم تجنب التأويل المُفرط وعدم التقرب الملاصق منها أو اعتماد المُجاملة أو التملق الزائدين ‏لأنهما سيزيدان من حجم التاويل! ‏وكذلك يجب ‏إبداء الاحترام الحقيقي لها. ‏وتجنب النقاش والجدال معها لأن لا نتائج ذات قيمة من ‏هذا الجدال بل بالعكس قد يزيد من الفرص لاصطياد مفردات ومواقف جديدة يتم تأويلها من جديد. ‏ومن المفيد في كثير من الأحيان الإعتذار منها عن المواقف التي تم تأويلها ‏دون الدخول في تفاصيل هل هي صحيحة أو غير صحيحة.
‏وليس من المعروف حتى هذه اللحظة أسباب هذه الشخصية، فبعض الأبحاث ترى أن زيادة مادة الدوبامين بالفص الأمامي من الدماغ، تجعل الشخص أكثر ميلًا للشعور بالشك، التحدي، والحذر المبالغ به. ‏وبعض الأبحاث ترى أنها بنيوية!
‏غالبا ما لا يستطيع العلاج النفسي إلى تشذيب بعض السلوكيات لهذه الشخصية. و‏ترتبط هذه الشخصية بخيط رفيع وحبل سرّي بحالة أكثر مرضيةً وهي حالة البارانويا. الشك المرضى" وفى هذا المرض يعتقد المريض أن العالم يدبر له المكائد، وربما أقرب الأقربين يقومون بخيانته ورسم الغدر ضده، ويعتقد أن الناس تتكلم وتتحدث عنه، وقد يصل الاعتقاد بأن أجهزة الإعلام تبث رسائل تحريض ضده شخصياً ‏أو أنه دولًا عظمى تتآمر عليه. وهذا مآل يحتاج إلى علاج دوائي.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...