قانون حماية المستهلك بحاجة إلى حماية.. ومخالفة بحق بائع لأنه يبيع بأقل من التسعيرة
صدر قانون حماية المستهلك لتنظيم علاقة التعامل بين البائع والمستهلك على حد سواء، إلا أن ثقة المواطنين بهذا القانون لاتعدو ثقة نعجة بصداقة ذئب، فأين تكمن المشكلة؟ ولماذا كل عدم هذه الثقة من المواطنين بالقانون الذي وضع أساساً لحمايتهم؟!.. هل تكمن المشكلة بالقانون نفسه؟ أم بالقائمين عليه؟
أشكيك لمين
" روح اشتكي"، "أعلى ما بخيلك اركبو"، "روح خلي الحكومة تجبلك السلعة الفلانية بالسعر الفلاني"، هي بعض العبارات التي غدت معروفة ومتعارف عليها في الأسواق بين الباعة والمواطنين إذا ما اعترض هؤلاء الأخيرين على سعر سلعة ما، فترى المواطن مهيض الجناح.. مكسور الخاطر وهو يراقب فلتان الأسعار في الأسواق دون حسيب أو رقيب..في سوق باب سريجة استوقفنا أبو عادل موظف وهو يحمل أكياس الخضار بيديه.. سألناه عن رأيه بقانون حماية المستهلك فقال: عن أي قانون تتحدثون؟!.. انظروا إلى فلتان الأسعار في الأسواق وتفاوتها من بائع إلى آخر، كل بائع يضع السعر الذي يحلو له، وعلى مرأى من أعين دوريات التموين الذين يقبضون المعلوم قبل أن يعودوا أدراجهم سالمين غانمين..ليتفق معه بالطرح أبو خالد، وعندما قلنا له لماذا لا تتقدم بشكوى لحماية المستهلك عندما تشعر بالغبن؟ أجاب: "الشكوى لغير الله مذلة" فالشكوى ستذهب إلى المحكمة - وخود على حضور جلسات "وسين وجيم"- سأتكبد خسائر مالية أكبر من القيمة الإضافية التي سأدفعها بالسلعة.
فيما قالت السيدة فاطمة أنها تقدمت بشكوى ذات مرة لحماية المستهلك لتقاضي البائع منها مبلغاً زائداً عن التسعيرة،، ويومها لم يهدأ جوالها من التهديدات تارةً ومن الترغيب تارةً أخرى لتتنازل عن شكواها، إذ أن ضبط المخالفة يحمل رقم هاتفها ومفصل هويتها على النسخة التي تعطى للمشتكى عليه، وهذا الأمر سيمنعها من التقدم بشكوى أخرى "من وجع الرأس" الذي تسببت به الشكوى لها.
مخالفة من نوع آخر
العم أبو محمد رجل سبعيني التقينا به في سوق ساروجا قال: القانون سيف مسلط على رقاب المواطنين والبائعين معاً، وهنا أخذ نفساً عميقاً وكأنه يسترجع من رفوف ذكرياته حادثة ما قبل أن يردف قائلاً: كنت أملك محلاً لبيع الحلويات الشرقية منذ بضع سنوات، وقد تخلصت منه لكثرة الضرائب من جهة ولكثرة زيارة دوريات التموين لمتجري من جهة أخرى، فعند كل زيارة يجب تسديد المعلوم وإلا..... وهنا يضحك أبو محمد ويقول: ذات مرة كنت أبيع كيلو البقلاوة بالفستق ب3000 ليرة ، وكانت تسعيرتها حسب نشرة التموين 3500 ليرة، فقاموا بتحرير مخالفة بحقي لأني خالفت التسعيرة، وقالوا بأني أتلاعب بالتسعيرة لأغبن الزبائن، وهذه التسعيرة التي أعلنها وهمية من أجل التحايل على عناصر دوريات التموين، وقبل خروجهم من متجري بعد أن حرروا لي مخالفة قالوا لي: سامحنا يا عم فنحن مجبرين على تحرير المخالفات لكل محال الحلويات قبل عيد الأضحى!
ختاماً
على ما يبدو أن هناك حلقة ضائعة في قانون حماية المستهلك، وردم الهوى بين المستهلكين وقانون حمايتهم من جهة، وبين الجهة المنفذة لهذا القانون يحتاج إلى كثير من العمل من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والجدير بالذكر أن قانون حماية المستهلك الجديد قيد الدراسة، فهل سيجد هذا القانون الحلقة المفقودة في القانون القديم؟ أم أن الأمر لا يعدو سوى زيادة في قيمة المخالفات المركبة؟ الجواب برسم الأيام القادمة.
المشهد أونلاين
إضافة تعليق جديد