عادل محمود : فيدرالية الحيطان
سُئِلَ مسؤول عراقي منحوس: ما برجك؟ فقال «التيس». فقالوا: لا يوجد في الابراج «تيس». فأجاب: «عندما كنت طفلاً قيل لي ان برجي هو الجدي. ولا بد ان يكون قد اصبح, بعد كل هذا العمر, تيساً»!!
عندما رأينا حائط الأعظمية رأيناه كاملاً ولم نر ولم نسمع عنه مشروعاً ثم مشروعاً ثم بناء. وهذا يعني ان احداً لم يعترض من كل حكام العراق, لنسمع اخيراً ما يشبه الأنين الخافت المرتبك من رئيس الوزراء: لقد اصبح الجدي تيساً!!
بما ان اميركا لم تكن دولة احتلال, تاريخياً, بل دولة إبادة, فثمة فرق في الخبرة واضح. انهم يجعلون من العراقيين اكبر مجموعة قابلة للقتل يوميا. ولكن, في الاحتلال, لا بد من الاستعانة بالاحتلال الوحيد الباقي في هذا العالم... اسرائيل لتطبيق هندسة الاعتقال الجماعي.
باشتراك ثقافة الاحتلال الاسرائيلي, مع ثقافة فيدرالية العراق, وبالتلقيح بثقافة المقاولين الاميركيين... نحصل على خلطة غريبة ونفاجأ بها هي «فيدرالية الحيطان».
لم تستطع خطة أمن بغداد ان تنجح إلا بتهجير بعض سكانها الى خارج بغداد الذي يعني الدول المجاورة والذي يعني المدن العراقية الاخرى او الفلوات والمخيمات والصحراء. وعندما تعثرت الخطة اكثر, واصبحت فضيحة مائة الف جندي متعلقة باستحالة منع انفجار, حتى البرلمان داخل المنطقة الخضراء, لجأت اميركا الى الجدران العازلة... لمحاصرة من لم يغادر بعد.
هكذا تضاف الى تجارة الدماء تجارة اسمنت الحيطان, وهندسة المنعزلات وتقسيم المقسَّم, ويغدو «حائط الاعظمية» هو الحد الأعظمي, حتى الآن, لاختراعات الاحتلال وعملاء الاحتلال.
يشكو الحكام العراقيون من الجيران... يشكونهم الى الاميركي, ويذهبون الى الجيران ليشكوا منهم لهم. كأن الجيران هم الذين يبنون حائط الاعظمية. والجيران هم الذين واجبهم ان يدلّوا الاحتلال على كيفية النجاح كاحتلال. كما طولبوا سابقاً بواجب سابق: تمكين الاسرائيليين من نجاح الاحتلال بتطبيع مسبق!
بعد حائط الأعظمية ينبغي انتظار الأعظم: كل ما هو بعيد عن العصر والثقافة والعدل والمعقول, ومنها مثلاً: استدعاء قوات عربية تعمل تحت أمرة قوات اميركية لقتل عراقيين ينسفون جسوراً ولا يبنون جدرانا.
باحساس من لا يدري الى اين يذهب كل هذا... يواجه أحدنا الأسوأ ناسياً ما كان سيئاً. ويفاجئنا المنحوس بجوابه عن برجه الاول..... وقد صار تيساً!!
عادل محمود
المصدر: الكفاح العربي
إضافة تعليق جديد