حول تقنين المعرفة والإنترنت ورد وزارة الإتصالات
تكلمت قبل قليل مع د.إياد الخطيب وزير الإتصالات حول قرار الوزارة بتقنين خدمة الإنترنت في أول آذار القادم، فقال لي أن الوزارة ستصدر تعميما لمشتركيها تشرح فيه كيف أن 78% منهم لن يتأثروا بالتقنين الذي سيطال فقط 22% من كبار المستهلكين الذين سيضطرون لشراء الباقات.. وقد طال حديثنا وقلت له بأننا نقف في مكانين مختلفين حيث وجهة نظره قد تكون مقنعة للحكومة التي تبحث عن مصادر مالية من جيوب الناس الذين بات الإنترنت حاجة أساسية لهم كالماء والكهرباء والأوكسجين، وأن النت يشكل مصدر معرفة وتسلية للفقراء الذين ليس لديهم دخل يسمح لهم بالتسرّي خارج جدران المنزل ، وذكرته بأن وزير الإتصالات السابق د.علي الظفير لم يسجل على نفسه قرارا برفع سعر خدمات الإنترنيت، وكنت قد هاجمت هذا الإقتراح العام قبل الماضي تحت قبة مجلس الشعب، فنام القرار زمنا ليستيقظ اليوم بضغط حكومي لا أظن الوزير الخطيب قادر على رفضه أو حتى تأجيله إلى حين تحقق بعض الإستقرار النفسي والإقتصادي للمجتمع السوري .. وأظن أن حكومتنا ستفقد بذلك آخر مؤيديها من شرائح الفقراء، وذكرني حالنا بقصة إيطالية تحكي عن ملك لديه حكومة كانت بارعة في إصدار قرارات منع يومية في كل المجالات، حتى تعطلت حياة الناس ولم يعد لديهم مايمكن أن يفعلوه، فوجهوا طاقاتهم نحو كرة القدم .. وهكذا تعطلت الحياة وانهار الإقتصاد بينما الناس مشغولون بالطابة .. استدعى الملك حكومته وسألهم عن سبب توقف الحياة الإجتماعية وانهيار الإقتصاد؟! أحد المستشارين الشجعان أعلمه بأن السبب هو قرارات المنع التي طالت كل شيء في حياة الشعب .. فقال الملك إذاً عليكم أن تلغوا كل قرارات المنع لكي يعود الناس إلى حياتهم وينتعش الإقتصاد من جديد.. الحكومة أصدرت فرمانا يلغي قرارات المنع ويقول أن كل شيء مسموح للشعب.. ولكن لم يتغير شيء !! رئيس الحكومة محمد عبد الأحد شكل لجانا لمعرفة السبب .. اللجان قالت للرئيس عبد الأحد أن الشعب أدمن اللعب على الطابة ولم تصله أخبار فرمان السماح .. الرئيس قال لهم اذهبوا إلى الشعب وقولوا لهم وجها لوجه أن كل شيء بات مسموحا لهم.. سألت اللجنة مخبريها عن مكان تواجد الشعب فقالوا أنهم موجودون في الملعب على أطراف المدينة .. ذهب رسل الحكومة إلى ظاهر المدينة ونادوا على الناس بأن الملك المعظم ألغى كل فرمانات المنع وأن باستطاعتهم القيام بكل الأعمال الجيدة التي كانت ممنوعة .. نظر الشعب إلى رسل الحكومة حتى أنهوا خطابهم ثم عادوا إلى لعب الكورة .. الرسل نادوا مجددا : ياهو.. ياناس.. أنتم اليوم أحرار في البيع والشراء وإقامة الشركات والمشاريع والمصانع وإصدار الصحف والمحطات وحتى أحرار في شتم الحكومة وتقبيل بعضكم في الحدائق.. لكن الشعب استمر باللعب .. فعاد الرسل خائبين .. فاجتمعت القيادة القطرية والأمن القومي والحكومة لدراسة أنجع السبل لإعادة الناس إلى العمل والإنتاج واتفقوا جميعا على أن الحل يكون في منع كرة القدم، وأصدروا بيانا قالوا فيه أن الحكومة تمنع ممارسة لعبة كرة القدم أوبيع الطابات أوحيازتها.. فغضب الشعب غضبة مضريّة وثار على حكومته وأسقطها ..
نبيل صالح
إضافة تعليق جديد