أيام عدنان بركات ( القلب الكبير )
الياس الحاج: كم كنت محظوظاً عندما كنت أجلس إلى جوار صاحب القلب الكبير الفنان الكبير عدنان بركات ( عمي أبو بشير الحبيب ) ومن ثم ننتقل بسيارته السكودا إلى مكتب الأهلية للنقل فيرسل مبالغ لأصحاب النصيب دون أن يتحدث عن أحدهم ..
وكم كانت سعادتي كبيرة حين أرافقه قبل الأعياد وفي زيارات متكررة إلى أحياء دمشق ( الصالحية ، ركن الدين ، سوق ساروجه ، ومحال في مدحت باشا والبرزورية .... إلخ .. ) فيوصل للمحتاجين مبالغ من كل أجر يتقاضاه عن أعماله في الإذاعة والتلفزيون ، وأعتقد كان يقطتطع أيضاً جزءاً من مرتبه في المسرح القومي لعمل الخير ... وننهي غالباً مشوارنا الممتع بحي الميدان فيدعوني إلى مائدة حافلة ( فتت مقادم ورأس وسجقات وقبوات ولسانات... إلخ ) .. كما يأخذ منها إلى بيته ...
ولا أنسى أنه أخفى مرضه المفاجئ عن الجميع وابتعد حتى لا يكون مصدر حزن أو تأثير على أحد ، وبالمصادفة عرفت بمرضه يوم كنت بصحبة المنتج والمخرج وشريك الأعمال الدرامية العديدة الحبيب يوسف رزق في مشفى هشام سنان فالتقيت زوجته وابنه في الطابق الثاني وعرفت بمرضه ، وعلى الفور سارعت بالدخول إليه حيث علق له مصل الجرعة الكيماوية ، لكنه كان كعادته شامخاً قوي الروح والإيمان ، بل المواسي لدموعي في قبلة الأب ، راجياً أن لا أحزن ولا أتأثر ولا أخبر أحد عن حالته ، وأنه راض كل الرضى بما قسم له من خاتمة لحياته ..
يومها لم أعرف النوم وأنا أعود معه في شريط طويل طويل ... اختلطت فيه ذاكرة أول عمل إذاعي في البرنامج الدرامي الأسبوعي حكم العدالة .. وأول مسلسل إذاعي كتبته كان أحد أبطاله .. وأول فيلم تلفزيوني كنت ممثلاً فيه وكان من بطولته إلى جانب الحبيب أيمن زيدان والغالية وفاء موصلي ... إلى مسلسل درب التبان .... إلخ من أعمال كان بطلها وكان بالنسبة لي مرجعاً أعمل بنصائحه .. وإلى بعض المشاكل التي تخللت أعمالنا مع بعض المنتجين فكان دائماً السند في معالجتها من خلال موقعه في مجلس نقابتنا ( المكتب الدرامي ) دون أن يكون له أية مصلحىة سوى الوفاق بموضوعية وعدالة بين الأطراف .
حكايتي معه بدأت قبل نحو نصف قرن من اليوم – أي أيام الأسود والأبيض - كنت أجلس في كل أسبوع أنتظر بشغف الساحر الآسر بحضوره ونبرته متابعاً حلقات " هذا الرجل في خطر " ...
وقبل أربعين سنة كنت أذهب في كل مساءً إلى مسرح الحمراء لأشاهده نجماً مسرحياً إلى جانب الكبار ..
وفي لقاءاتنا المتكررة وشبه اليومية في الإذاعة ومديرية الإنتاج التلفزيوني وفي غرفة المسرح القومي ، كنت أصغي إليه كغيري بإمعان وأحفظ كل ما يقوله .. وكان بالنسبة لي وكما أسلفت المرجع لكثير من الأمور الحياتية والفنية والكتابية الدرامية ، حتى أنه كان الناصح وربما صاحب الفضل في انتقالي من سكن الإيجار في دمشق القديمة بباب توما إلى سكن أكون مالكه...
أنه صاحب الحضور الفريد والإستثنائي في تاريخ المسرح والإذاعة والتلفزيون والسينما السورية والعربية .. قائماً ذلك على إطلالة خاصة وبنية جسمانية وشكل وجه مختلف في تعبابيره غير التقليدية .. ممتزجاً بأداء جديد وصخب ذي ميزة خاصة يخلقه الفنان في العمل الدرامي ما جعله في مقدمة الممثلين السوريين في مرحلة البدايات وجعل اسمه يلتصق بأهم الأعمال السورية التي شكلت الأرضية للبناء الدرامي الذي وصلت إليه الدراما السورية في الوقت الراهن.
في مرحلة البدايات اعتبر القلب الكبير بركات من أركان المسرح القومي لأدائه الفذ في عدد من الأعمال المسرحية الخالدة مثل العنب الحامض والملك لير مع علي عقلة عرسان والسعد مع أسعد فضة وصرخة دمشق لصبري عياد وغيرها من الأعمال الخالدة.
وفي التلفزيون الذي دخله الفنان بعد وقفة طويلة على الخشبة تنقل بركات من الشاب اللطيف والعنيد في آن واحد في زقاق المايلة والدولاب وحارة القصر إلى مختار الحارة في أيام شامية والرجل القوي في هجرة القلوب إلى القلوب ونهاية رجل شجاع بحيث لم يقتصر الفنان على أداء شخصية ذات نمط واحد إذ تعددت أدواره بين الرجل الطيب والخير والقوي وهي الأدوار الأكثر حضوراً في تاريخه وبين أدوار الشر كما أنه لم يقتصر على العمل الاجتماعي أو البيئي فنجده في الأعمال التاريخية كانتقام الزباء.
وفي السينما تعددت أدوار الراحل حيث قدم مشاركات لا تنسى في كفر قاسم والمخدوعون وناجي العلي واليازرلي وصعود المطر وأحلام المدينة بحيث أصبح وجهاً معروفاً في السينما والمسرح والتلفزيون منذ بدايات هذه الفنون في سورية وحتى رحيله.
هكذا قدم عدنان بركات سيرة رجل الفن في زمن العباقرة حين كان الفن تحدياً أكثر مما هو مهنة مربحة وحين كانت شاشة التلفزيون دخيلا على المجتمع وليست مجرد وسيلة ترفيه واتصال فعندما وقف الفنان ليعلن للملأ أنه فنان كانت المرحلة بحاجة إلى من يجيدون الوقوف طويلاً دونما كلل.
وتميز القلب الكبير بركات بتجسيد شخصيات الرجل القوي بإنسانه ، العنيد والفذ بعصاميته .. الرجل الحكيم المتمثل بالأخلاق الحميدة والصبر وصعبة المراس وذات أخلاق حميدة حيث استطاع هذا الفنان تقديم حالات الغضب والقوة والصرامة بطريقة فريدة محققاً من خلال هذه الحالات قدرة فائقة على التماهي في الشخصية الصلبة وقدرة مذهلة على الانتقال إلى حالة التسامح والعطف وطيبة القلب.
كل من يتذكر عدنان بركات يستحضر دور الأب في الدراما هذا الأب الذي يعمل جاهداً لحماية الأسرة وتربية الأبناء وتظهر قوته وصلابته في اللحظات الحرجة التي غالباً ما يخرج منها منتصراً بفضل حكمته وقدرته العالية على تجاوز الظروف الاستثنائية.
بدأ التمثيل على خشبة المسرح.
- في عام 1953 قدّم مجموعة من المسرحيات في نادي أنصار المسرح.
-
- من أعماله:
* في السينما:
- فيلم "المخدعون" - لتوفيق صالح.
- فيلم "اليازرلي"- إخراج قيس الزبيدي.
* في الإذاعة:
- شارك بالعديد من الأعمال الإذاعية.
* في المسرح:
- مسرحية "أوديب ملكاً"- مع المخرج علي عقلة.
- مسرحية "الزير سالم" - مع د. رفيق الصبان.
- مسرحية "حكيم بالزور" إعداد سعد الدين يقدونس عن موليير و الإخراج لغسان جبري.
* في التلفزيون:
شارك بالعديد من المسلسلات التلفزيونية منها:
- "الدولاب" - بجزأيه الأول والثاني 1971-1972 تأليف أحمد قبلاوي و إخراج غسان جبري.
- "زقاق المايلة" - 1972 - تأليف : عدنان حبال وإخراج شكيب غنام.
- "إنتقام الزباء" - 1974 - تأليف محمود دياب وإخراج : غسان جبري.
- "أسعد الوراق " -1975 - تأليف : عبد العزيز هلال وإخراج :علاء الدين كوكش.
- "دليلة والزيبق " -1976 - تأليف : عبد العزيز هلال و إخراج :شكيب غنام .
- مسلسل "دموع الأصايل"- 1996- من تأليف سعدو الذيب و إخراج عصام موسى.
- "أبو كامل" - 1980 - تأليف : د.فؤاد شربجي و إخراج : علاء الدين كوكش .
- "هجرة القلوب إلى القلوب" - 1990 - تأليف : عبد النبي حجازي إخراج : هيثم حقي .
- "الدخيلة" - 1992 - تأليف : سعدو الديب و إخراج : أسعد عيد .
- "المحكوم" - 1995 - تأليف : رياض سفلو - إخراج : فردوس أتاسي.
- "العبابيد" - 1996 - تأليف : رياض سفلو - إخراج : بسام الملا .
- "الفراري" -1997 - تأليف وإخراج : غسان باخوس.
- "ثلوج الصيف" - 1999 - إخراج : فردوس أتاسي.
- "العائد" - دراما اجتماعية - قصة عبد الله عباسي و إخراج أسعد عيد.
عدنان بركات (5 مايو 1935 - 2 فبراير 2000)، ممثل سوري قدير. شارك في العديد من الأعمال التلفزيونية السورية بالإضافة إلى عدد من الأفلام السورية.
في الدراما.
دولاب
الجرح القديم
حارة القصر
هجرة القلوب الى القلوب
دليلة والزيبق
مسرح الشوك
أسعد الوراق
ابو كامل
الفارس والعروس
صرخة ليل طويل
دكان الدنيا
ثلوج الصيف
عيلة اكابر
الفراري
العبابيد
نهاية رجل شجاع
ايام شامية
إضافة تعليق جديد