خمس حواس لم تكن تعلم أنّك تمتلكها
جيك بورت: «إنّ الحواس الخمس التقليديّة ليست سوى طرق بدائية لجسمك كي يخبرك عن العالم حولك».
التذوق، الشم، اللمس، البصر والسمع، تلكَ هي الحواس الخمس التقليديّة التي تسمح لنا أن نعي العالم من حولنا بوضوح، إلا أنه يوجد على الأقل خمسة حواس أخرى تساهم في حياتنا بقدرٍ ما.
استقبال الحس العميق- الشعور بموضع الجسم
القدرة على معرفة ما تفعله يداك، أقدامك، وأطرافك الأخرى دونَ الحاجة إلى النظر إليهم فعليًّا أو التفكير بهم هو جزء مهمّ من العمل الجسدي الطبيعي. هذا الإحساس بالجسم الذي يُعرف باسم استقبال الحس العميق أحيانا ما تتمّ الإشارة إليه بأنّه الحاسة السادسة، وتعمل هذه الحاسة عن طريق المدخلات التي تغذّيها الأعصاب الحسية في العضلات، الأوتار، والمفاصل والتي تستجيب بدورها للموضع والحركة.
يمكننا أن نعرف مدى أهمية هذا النظام عن طريق دراسة هؤلاء الذين يعانون من خلل حسي، حيث يتطلّب تحريك الإصبع مجهودًا وتركيزًا لأنّ الشخص لا يشعر بما يفعله الإصبع دونَ إدراكٍ بصريّ.
الشعور بالتوازن والتسارع
القدرة على الوقوف والمشي على قدمين ممكنة بفضل الشعور بالتوازن، والذي يتحقّق عن طريق تعاون معقّد بين الأذنين والعينين وحواس الشعور الأخرى.
عميقًا داخل آذاننا يوجد شبكة دقيقة من القنوات والأنابيب المعروفة باسم النظام الدهليزي التي تحتوي على سائل خاص يعرف باسم اللمف الداخلي، وحركة هذا السائل داخل النظام –بسبب حركة المشي على سبيل المثال- تحفّز استجابة حسيّة والتي تؤدي بدورها إلى حركة عضلّية إضافة إلى استقرار الأذنين.
يتم كشف الحركة الدائرية بواسطة قنوات نصف دائرية، بينما يتم كشف التسارع الخطي بواسطة تراكيب خاصة معروفة باسم الأوتوليث، ويعمل المكوّنان معًا لضمان كشف أي نوع حركة للحفاظ عليك منتصبًا.
الشعور بالألم
قد يعني الشعور بالألم الحدّ بين الحياة والموت، فالشعور بالألم ضروري في معرفة أننا في خطر.
من الإثارة المبدأية إلى الاستجابة النهائية يحدث ترتيب معقد من ممرات الإشارات على طول الجهاز العصبي المركزي الذي يشمل المخ والنخاع الشوكي ليحفّز في المخ استجابة عضلية أو جذب الانتباه إلى مسبب الألم الأولي.
يمكن الشعور بالألم نفسه في أي مكان في الجسم تقريبًا عن طريق مستقبلات حسيّة خاصّة تعرف باسم مسببات الألم. مسببات الألم الجلدية تغطي سطح الجس، ويمكن تقسيمها إلى مسببات الألم الميكانيكة عالية العتبة والتي تستجيب إلى المثيرات الميكانيكة الشديدة مثل القرص أو الجرح أو شدّ الجلد، ومسببات الألم الكيميائية والتي تستجيب إلى المواد الكيميائية مثل الأحماض القوية، ومسببات الألم العامة والتي تعتبر مسببات ألم عامة حيث تستجيب لكل المؤثرات الشديدة سواء ميكانيكية أو حرارية أو كيميائية.
مسببات الألم النائمة هي نوع آخر من مستقبلات الألم الموجودة في الجلد وعميقا في الأنسجة. هذه المستقبلات لا تستجيب عادة للمؤثرات -ومن هنا اسمها- لكنها قد تستيقظ استجابة لالتهاب أو بعد ضرر في النسيج. ليس مفهوما بشكل كامل ما الذي يوقظ هذه المستقبلات للعمل ولكن من المحتمل أن الإثارة المستمرة من النسيج المصاب يسبب استجابة مسببات الألم.
الإحساس بالحرارة
نشعر بالحرارة عن طريق مستقبلات الحرارة الخاصة. يُعتقد أن هذه المستقبلات جزء من عائلة قناة الاستقبال المؤقتة والتي تتكون من 28 قناة مختلفة والتي تُطلق الإشارات بين الخلايا استجابة لمختلف الأنواع من المثيرات.
مثل باقي الأعصاب الحسية فإن قناة الاستقبال المؤقتة تعمل عن طريق جهد الفعل وهو تراكم للشحنة الكهربائية والتي تستحث حدوث الإشارة.
يسبب التغيّر في الحرارة حركة الأيونات –مثل البوتاسيوم والصوديوم والكالسيوم- خلال غشاء المستقبل الحراري، وعند تراكم كمية كافية من الأيونات يُرسل المستقبل الحراري إشارة من شحنة كهربية إلى المخ.
ترسل المستقبلات الحرارية الإشارات في قنوات مختلفة لتمرير معلومات مختلفة. قناة TRPV1 هي القناة الساخنة فعلى سبيل المثال تتم إثارتها استجابة للحرارة أعلى من 40 درجة مئوية. على الجانب الآخر فإن قناة TRPM8 هي القناة الباردة حيث تستجيب للحرارة أقل من 20 درجة مئوية.
لا تعمل المستقبلات الحرارية عادة منفردة حيث أنها عندما تعمل مع مستقبلات الألم فإنها تؤدي للشعور بالحرارة والألم معًا مثل عندما تسكب الماء المغلي على يدك.
الشعور بالوقت
على عكس الحواس المذكورة سابقا فإن الشعور بالوقت ليس بسبب مستقبلات خاصة؛ بل يرجع إلى جهد متعاون بداخل المخ حيث تساعدنا أجزاء مختلفة لمعرفة ما مرّ من أطوال من الزمن.
أشارت أدلة سابقة إلى أن منطقة معينة من المخ معروفة باسم المنطقة المخططة –والتي لها دور في الحركات الإرادية- بكونها جزء مركزي في ساعتنا الدخلية. تستخدم المنطقة المخططة الأجزاء المحيطة في المخ لتجميع معلومات عن الوقت مثل كيفية حركة الأشياء من حولنا وكيفية تمركزها بالنسبة لنا لتحديد مرور الوقت.
يمكننا معرفة مدى أهمية المنطقة المخططة للشعور بالوقت عند دراسة المصابين بمرض باركنسون حيث تشير الأبحاث المنشورة في مجلة علم الأعصاب الإدراكي إلى نقص قدرتهم على الشعور بالوقت غالبًا بسبب حدوث خلل في مدخلات المنطقة المخططة.
تشير أبحاث أخرى إلى أنّ إحساسنا بالفترات القصيرة من الوقت يرجع إلى منطقة قرن آمون وهي منطقة في المخ مسئولة عن تكوين الذاكرة طويلة المدى.
إضافة تعليق جديد