«البقرة الحلوب» تشرّع أبوابها: ترامب أخذ المال... وقدّم النصائح
حفلت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية بمحطات كثيرة «هائلة» ــ على حدّ تعبيره ــ ستترك وقعاً كبيراً ودائماً عليه طيلة فترة رئاسته، ما يضع الدول الأخرى التي قد تستقبله أمام امتحان التمثّل بالمملكة، لجهة حبّه للمظاهر، إن من خلال الاحتفالات الضخمة التي رافقت الزيارة، أو السلالم الكهربائية الذهبية التي وضعت خصيصاً لأجله، أو القمة التي دُعي إليها 50 مسؤولاً من الدول الإسلامية، أو حتى من خلال الصفقات التجارية التي عقدها. كلّ ما قد يتمنّاه ترامب جمعته السعودية في مكان واحد، على مدى يومين.
بدأ يوم الرئيس الأميركي الأول باستقبال فخم، وانتهى باحتفال مليء بالتفاخر، ولكن ليس قبل أن يوقّع والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز عدداً من الاتفاقات وصلت قيمتها إلى أكثر من 380 مليار دولار، تطال المشاريع الدبلوماسية والحكومية والتجارية، بما فيها صفقة أسلحة تصل قيمتها إلى 110 مليارات دولار. هذه الأخيرة تمّ توقيعها في حفل أقيم بعد ساعات على هبوط طائرة «إير فورس وان» في الرياض، حيث كان في استقبال ترامب عرض من الطائرات النفاثة، وأصوات المدافع وقرع الطبول.
وصف الرئيس الأميركي يومه الأول في السعودية بـ«الهائل»، وذلك لدى توقّفه عند الصفقة الدفاعية. «مئات مليارات الدولارات كاستثمارات في الولايات المتحدة ووظائف، وظائف، وظائف»، قال ترامب وفقاً لتقرير صادر عن البيت الأبيض. «كان هذا يوماً هائلاً. استثمارات هائلة في الولايات المتحدة».
الوظائف مقابل الالتزام
وتعقيباً على ذلك، صرّح البيت الأبيض في بيان، بأن الاتفاق «سيخلق وظائف في الوقت الذي يجري فيه تأكيد التزام الولايات المتحدة بالمملكة العربية السعودية». وأضاف أن «هذا الاتفاق سيزيد من قدرات السعودية الدفاعية، ويعزّز معداتها وخدماتها في وجه الجماعات الإرهابية وإيران»، وفقاً لمسؤولين.
فضلاً عن ذلك، كشف الطرفان عن «الإعلان عن الرؤية الإستراتيجية المشتركة». وتنص تفاصيل الاتفاق على إنشاء «مجموعة استشارية» ستتعاون من أجل «محاربة الإرهاب العنيف، وتعطيل تمويل الإرهاب، وتعزيز التعاون الدفاعي»، وذلك وفق بيان صادر عن البيت الأبيض أيضاً. وبحسب البيان، فإن الرئيس الأميركي والملك السعودي، أو من ينوب عنهما، سيجتمعان على الأقل مرة كل عام من أجل مناقشة استراتيجيات جديدة.
اليوم الثاني من الزيارة كان مناسبة ليحاضر الرئيس الأميركي في قادة الدول الإسلامية في «كيفية محاربة الإرهاب»، مانحاً السعودية ما تريده من إيذان بالعودة إلى ما قبل حقبة الرئيس باراك أوباما من «سياسة عزل إيران». فقد بدت القمة الأميركية ــ الإسلامية، التي عُقدت أمس، كأنها مصمّمة لعزل إيران، وهو ما وقف عنده عدد من الوسائل الأميركية، التي أشارت إلى أن الملك سلمان والرئيس دونالد ترامب استخدما كلماتهما لهذه الغاية. بدأت القمة بخطاب سلمان الذي وصف فيه إيران بأنها «رأس حربة الإرهاب العالمي»، ليبادله بعدها ترامب بخطاب استمرّ 30 دقيقة، حمّل فيه إيران مسؤولية «الإرهاب العالمي»، ودعا الدول العربية والإسلامية إلى عزل الجمهورية الإسلامية.
وقال الرئيس الأميركي إن «إيران مسؤولة عن تدريب جماعات مسلّحة في الحرب في سوريا واليمن والعراق». وبالنسبة إلى النفوذ الإيراني، قال ترامب إن «الحكومة التي تمنح الإرهابيين مأوى آمناً ودعماً مالياً... هي المسؤولة عن هذا المستوى من انعدام الاستقرار في هذه المنطقة. أنا أتحدث بالطبع عن إيران. من لبنان الى العراق واليمن، إيران تموّل التسليح وتدرّب الإرهابيين والميليشيات وجماعات متطرفة أخرى تنشر الدمار والفوضى في أنحاء المنطقة». وأضاف: «إنها حكومة تتحدث علناً عن القتل الجماعي، وتتوعّد بتدمير إسرائيل وموت أميركا، والخراب للعديد من الزعماء والشعوب الموجودين في هذه الغرفة».
«داعش ــ قاعدة ــ حزب الله»
ورأى ترامب أن «داعش والقاعدة وحزب الله وحركة حماس يُمثلون تهديداً إرهابياً للمنطقة»، مضيفاً أن «حماس وداعش وحزب الله أشكال مختلفة من الإرهاب، ليس فقط في عدد القتلى بل هناك أحلام أجيال تلاشت بسببهم».
وفي السياق، عقّب ترامب على ما تقدم، داعياً المجتمع الدولي إلى عزل إيران «حتى يصبح النظام الإيراني مستعداً للشراكة من أجل السلام». وقال: «على كل الدول التي تملك ضميراً أن تعمل معاً لعزل إيران».
من جهة أخرى، دعا قادة الدول الإسلامية إلى «ممارسة التسامح واحترام بعضها بعضاً»، وذلك غداة توقيع صفقة أسلحة بـ110 مليارات دولار مع السعودية، إحدى الدول التي كان قد وصفها غير مرة بـ«الداعمة للإرهاب».
وكان خطابه هذا مثيراً للصدمة بالنسبة إلى مختلف المراقبين الذين كانوا يطالعون تصريحات ترامب السابقة عن الإسلام. «الصورة كانت صادمة وأيضاً الكلمات، بما فيها الكلمات التي لم تقل»، عقّبت شبكة «آي بي سي نيوز» على خطابه، مشيرة إلى ما كان قد أدلى به عندما كان مرشحاً، حين قال إن «الإسلام يكرهنا»، وحينها أيضاً صوّر الحرب على الإرهاب كصراع حضارات. ترامب غيّر النغمة، أمس، معتمداً خطاباً معدّاً، قال فيه إن «الإرهابيين لا يتبعون الله، إنهم يتبعون الموت»، مضيفاً أن «هذه ليست معركة بين ديانات مختلفة، وطوائف مختلفة وحضارات مختلفة، إنها معركة بين المجرمين الهمجيين، الذين يسعون إلى إلغاء حياة الإنسان والناس الجيّدين باسم الدين، والناس الذين يريدون حماية الحياة وحماية دينهم».
الرئيس الأميركي حثّ، في كلمته، البلدان الإسلامية على قيادة جهود محاربة التطرف. وفيما أكد أن «أميركا جاهزة للوقوف معكم»، أضاف أن «دول الشرق الأوسط لا يمكنها أن تنتظر القوة الأميركية كي تسحق هذا العدو من أجلها». ورأى أن على هذه الدول أن «تقرر ما هو المستقبل الذي تريده لنفسها، لدولها، ولأولادها». وقال: «المستقبل الأفضل ممكن فقط إذا أخرجت دولكم الإرهابيين والمتطرفين»، مضيفاً: «أخرجوهم، أخرجوهم من أماكنكم ومن أماكن عبادتكم، أخرجوهم من مجتمعاتكم، أخرجوهم من الأرض المقدسة، وأخرجوهم من الأرض».
وركّز ترامب على تمويل الجماعات المتطرفة، معلناً عن خطط لإبرام اتفاقية بين الولايات المتحدة ودول الخليج «لمنع تمويل الإرهاب» وإنشاء «المركز العالمي لمكافحة التطرف» الذي تتشارك الرياض وواشنطن في رئاسته.
وفيما كان ترامب قد سخر، خلال حملته الانتخابية، من رفض الرئيس باراك أوباما استخدام عبارة «الإرهابي الإسلامي الراديكالي»، فقد عمد إلى تكرارها بعد انتخابه، على الرغم من مطالبات مسؤولين في إدارته بعدم اعتمادها. إلا أن المفارقة، أمس، أنه لم يستخدم هذه الكلمات، على الرغم من أنه أشار بشكل عابر إلى عبارة «الإرهاب الإسلامي». وكان ترامب قد وصف رفض أوباما استخدام «الإرهاب الإسلامي الراديكالي» بأنه الأساس في الفشل في هزيمة الإرهاب. وقال حينها إنه «إن لم تكن قادراً على تصنيف العدو بشكل واضح، فإن الحجة تنتفي، لا يمكنك هزيمته».
ترامب أبدى سعادته بتوقيع الاتفاقيات التجارية بين بلاده والسعودية، وفيما أشار إلى أنه جرى توقيع اتفاقيات بقيمة 400 مليار دولار، فقد ركّز على أن هذا الأمر سيخلق مئات آلاف فرص العمل في البلدين. وأضاف: «هذا الاتفاق التاريخي يشتمل على إعلان مبيعات دفاع بتمويل سعودي بقيمة 110 مليارات دولار. وسنساعد أصدقاءنا السعوديين بالتأكيد على الحصول على صفقة جيدة من شركات الدفاع الأميركية العظيمة التي تعتبر الاعظم في العالم. وسيساعد هذا الاتفاق الجيش السعودي على لعب دور أكبر بكثير في الأمن والعمليات المتعلقة بالأمن».
(الأخبار)
«تحالف الشرق الأوسط» من 34 ألف جندي
كشف «إعلان الرياض»، الصادر في ختام «القمة العربية الإسلامية الأميركية»، عن إعلان نيات لتأسيس «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي» بحلول 2018، لتحقيق «الأمن والسلم» في المنطقة والعالم.
وفي البيان الختامي للقمة، «ثمّن القادة (المشاركون في القمة) الخطوة الرائدة بإعلان تأسيس (تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي في مدينة الرياض)، والذي سيشارك فيه العديد من الدول للإسهام في تحقيق السلم والأمن في المنطقة والعالم». وأوضح أنه «سيتم استكمال تأسيس ذلك المركز، وإعلان انضمام الدول المشاركة، خلال عام 2018». ورحّب البيان بـ«استعداد عدد من الدول المشاركة في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب لتوفير قوة احتياط قوامها 34 ألف جندي لدعم العمليات ضد المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا عند الحاجة».
(الأخبار)
ميلانيا وإيفانكا... و «الفحول»!
الأبعاد السياسية والأمنية التي حملتها زيارة ترامب، حجبها ظهور عقيلته ميلانيا وكريمته إيفانكا وزوجها. المرأتان اللتان حضرتا إلى الرياض من دون غطاء للرأس، بخلاف ما ارتدته ميشال أوباما في السابق، ظهرتا بثوبين محتشمين أقرب إلى «العباءة السعودية». ركزت الصحافة العربية على تبديل ميلانيا ثيابها في الطائرة بعدما كانت ترتدي تنورة برتقالية قصيرة. الأمر لم يقف عند هذا الحدّ من التعليقات، إذ انتشر أخيراً على تويتر هاشتاغ «#بنت_ترامب» للتغني بجمال الأخيرة، ومدى افتتان الحرس والمستقبلين السعوديين بها. هذا الافتتان الذي أضحى محطَّ سخرية من المغردين، لكونه تعدّى الإعجاب إلى نظرة مجموعة رجال بشكل شهواني إلى امرأة. كذلك واكب الإعلام الخليجي أزياء السيدة الأولى ونقل إعجابها بالتقاليد السعودية، من ضمنها «هزّ فنجان القهوة»، وتذوقها للأطعمة التقليدية. في موازاة ذلك، تمكنّت إيفانكا من الحصول على أموال السعودية والإمارات لمشاريعها. فقد تعهّدت هاتان الدولتان بتقديم 100 مليون دولار لـ«صندوق خاص بالنساء اللواتي يمتلكن مشروعاتٍ أو يرغبن في إقامتها»، وذلك وفقاً لما ذكرته مصادر مُطَّلِعة على الإعلان.
وأعلن البنك الدولي، ضمن فعاليةٍ حضرتها إيفانكا، عن هذا الموضوع. وشكر رئيسه جيم يونغ كيم، في بيان السعودية والإمارات، وإيفانكا ترامب. ولكن المفارقة في هذا المجال، هي أن ترامب كان انتقد»مؤسسة كلينتون"، لتلقيها أموالاً من كلا الدولتين. وخلال حملته الرئاسية، هاجم المرشحة الديموقراطية بسبب مؤسّستها الخيرية، «التي كانت تجمع تمويلاً لمشاريع، بما فيها برامج شراكة وجهود لمحاربة فيروس الإيدز وغيرها».
(الأخبار)
«كل الإدارة» في الرياض
رافق الرئيس الأميركي دونالد ترامب في زيارته للسعودية، إلى جانب زوجته ميلانيا وابنته ايفانكا وزوجها جارد كوشنر، عددٌ من كبار المسؤولين والمستشارين في البيت الأبيض. وضم الوفد وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ووزير التجارة ويلبر لويس روس، ومساعد الرئيس وكبير الموظفين راينس بريبس. كذلك، ضمّ الوفد كبير الاستراتيجيين ستيفين بانون، وكبير المستشارين ستيفن ميلير، ومستشار الأمن القومي الفريق هيربرت رايموند ماكماستر، ونائب كبير الموظفين جوزيف هايجين، وكبيرة الموظفين لدى السيدة الأولى لينزي رينولدز، ومديرة الاتصالات الاستراتيجية هوب هيكس.
إضافة إلى هؤلاء، كان من ضمن الوفد مساعد الرئيس مدير التواصل الاجتماعي دان سكافينو، والمتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، ورئيس المجلس الاقتصادي غاري كون، ونائبة مستشار الأمن القومي دينا بويل، والقائم بالأعمال في السفارة الأميركية في المملكة كريستوفر هنزل، وعدد آخر من المسؤولين. كذلك حضر مديرو كبريات شركات الأسلحة والتكنولوجيا الأميركية الذين وقّعوا اتفاقات مع الشركات السعودية.
اتفاقات ترامب - سلمان
حملت زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى الرياض سيلاً من اتفاقيات الاستثمار بين البلدين، صبّت في معظمها في مجاليّ الصناعات العسكرية والطاقة، إلى جانب قطاع البتروكيماويات. كذلك كانت لشركة «أرامكو» التي مثّلت لسنوات خَلَت عماد الاقتصاد السعودي، حصّة وافرة من تلك الاتفاقيات، ستعتمد عليها في المستقبل القريب لتخطي عثرة سنوات النفط الرخيص.
الصفقات التي وصل إجمالي قيمتها إلى ما يزيد على 380 مليار دولار، نالت منها الصناعات الدفاعية 110 مليارات في خمسة قطاعات أمنية وعسكرية وتكنولوجية، إلى جانب 3 عقود ضخمة مع كبرى الشركات الأميركية للتكنولوجيا العسكرية ومتعاقدي الصناعات الدفاعية، مثل «لوكهيد مارتن» و«راثيون».
وفيما يبدو ترامب سعيداً كرئيس وكرجل أعمال يعرف كيفية إتمام الصفقات وبناء العلاقات الديبلوماسية، تشير الاتفاقات الضخمة إلى أن «رؤية 2030» التي سوّقها ولي ولي العهد محمد بن سلمان، كانت تنتظر «أجنحة» أميركية لتنهض... فيما يبدو أنه عصر جديد من التماهي على كافة مستويات الاقتصاد بين «الحلفاء»، يذكّر بأيام «أرامكو» الأولى.
(الأخبار)
إضافة تعليق جديد