حقيقة «روزنامة الحسناوات السوريات»
أثارت روزنامة مقدمة للجنود الروس تظهر حسناوات سوريات يدرسن في روسيا ضجة إعلامية كبيرة. تضمنت الروزنامة إلى جانب الصور عبارات حب وغزل بالجنود الروس، الأمر الذي حوّل الموضوع إلى «قضية رأي عام» بعد أن تصيّدت وسائل إعلامية عدّة الموضوع وقدمته في صدارة أخبارها على اعتبار ما جرى «تمجيدا مقيتا للروس».
تضمنت الروزنامة 12 صفحة، تظهر فيها فتيات سوريات وهنّ يرتدين تيجاناً تشبه غطاء الرأس التقليدي الروسي للنساء «كوكوشنيك»، وفساتين بيضاء. وبحسب وسائل إعلام روسية، نفذ المشروع من قبل «مدرسة الفن المعاصر» بعد اتصال بمجموعة طالبات سوريات في جامعة «الصداقة بين الشعوب» في العاصمة الروسية موسكو، على أن يتم إرسال نسخ من هذا التقويم إلى العسكريين الروس في سوريا.
أثارت الروزنامة ردة فعل «عاصفة» على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً بعد أن انتشرت العبارات المكتوبة إلى جانب الصور. جاء في إحدى الجمل: «هل حاملة الطائرات التي تطفو قبالة السواحل السورية لك»، وإلى جوارها صورة للفتاة تضع يدها على خدها. وصورة أخرى لفتاة تضع يدها على خصرها كتب إلى جوارها: «أنا بسلام حين تكون أرضي تحت سيطرتك».
تناولت وسائل إعلام غربية عديدة خبر الروزنامة، معتبرة أن هذه الصور «هدية حب» مقدمة من السوريات للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والجنود الروس. وقالت صحيفة «ميرور»: «تم تمويل الحملة من قبل الكرملين ضمن حملة البروباغندا الروسية».
على مواقع التواصل الاجتماعي، ثار جدل كبير بعد انتشار الصور، بين من اعتبر الصور «لا تحمل أي مضمون يسيء للسوريات، وأنّ الصور جميلة، والفكرة غير معيبة»، وبين من اعتبرها «إساءة للسوريات عموماً»، ما دفع عدد من الفتيات المشاركات في الحملة لنشر توضيحات عبر حساباتهن على مواقع التواصل الاجتماعي.
ميساء سلمان، كتبت عبر حسابها على موقع «فايسبوك»: «الفكرة كانت لطيفة وبسيطة تحت عنوان (من سوريا مع الحب)... على أن تلتقط صورة لكل فتاة تمثل شهراً من شهور السنة، دون أن نعرف حتى أنّ جُمَلاً ستضاف إلى الصور... الجمل المكتوبة غير مقبولة أبداً»، وتابعت: «تواصلنا مع أصحاب المشروع كمحاولة لتصحيح الخطأ، إلا أن ذلك لم يعد ينفع»، فقد طبعت الروزنامات فعلاً.
الطالبة يارا حسن، نشرت بدورها توضيحاً مطولاً عبر حسابها على موقع «فايبسوك»، أكدت من خلاله أن العمل بالأساس كان ذا طابع فني، دون أي أجر، إضافة إلى أن الجُمَلَ المضافة على شكل اقتباسات إلى جانب الصور تمّت دون علمنا، ودون أن نوافق عليها حتى»، وتابعت: «أطلعنا على الروزنامة بعد انتشار الخبر كغيرنا، وقد تواصلت معنا وسائل إعلام روسية عدة لمعرفة حقيقة الجمل، وأوضحنا أننا لم نقلها، وسنعقد مؤتمراً صحافياً في وقت قريب».
طُبِعت إذاً الروزنامات، وستصل إلى سوريا في وقت قريب بعد أن أصبحت عملية تعديلها أمراً صعباً للغاية، من دون أن تلقى اعتراضات المشاركات أي أذن صاغية.
الشتائم التي طالت المشاركات في الروزنامة، والطريقة التي صدّرت فيها وسائل الإعلام الخبر تندرج في سياق التغطية الإعلامية المنحازة في ما يتعلق بسوريا، وروسيا، ما حوّل الحسناوات السوريات إلى فريسة سهلة لوسائل الإعلام.
إضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الحالة أن تعبّر بشكل دقيق عن حالة الإعلام العربي عموماً والسوريّ على وجه الخصوص، والذي قام بإعادة نشر الخبر دون أن يكلّف نفسه عبء التحقق من المعلومة، أو حتى التواصل مع المشاركات في المشروع، على الرغم من كونهنّ سوريّات يسهل الوصول إليهنّ، بدلاً من المشاركة في حملة التشهير التي طالت الفتيات لمجرد مشاركتهنّ في عمل فني اتخذ منحى مغايراً بعد إضافة تعديلات بسيطة أعادت توجيهه.
نينار الخطيب
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد