حنظلة والعلي ودرويش في جنة السويداء
في طقس سنوي لمناسبة ذكرى رحيل مبتكر شخصية «حنظلة»، ينشر توفيق شيّا عشرات الصور من أرشيف ناجي العلي على حبل الغسيل في صالته الثقافية «جنة الرماد» في محافظة السويداء.
يؤكد شيا، الفنان الغني التجربة، أن حبل الغسيل هذا يفضح «سفالات الأنظمة العربية».
تأتي خصوصية المعرض من خصوصية المكان الذي يُقام فيه، ومزاجية صاحبه الذي جعل من المناسبة حدثاً استثنائياً، وحتى من طريقة حصوله على كل هذا الأرشيف. ويروي شيا أنه جمع أرشيف ناجي العلي من أعداد جريدة «السفير» لفترة طويلة.
إلى جانب صور «حنظلة»، قطعٌ كبيرة من القماش نسخ عليها شيا ما كتبه الشعراء عن العلي، إحداها لمحمود درويش يقول فيها: «مُخيف ورائع هذا الصعلوك، إنه الحدس العظيم والتجربة المأساوية، سريع الصراخ، طافحٌ بالطعنات».
تُعدّ «جنة الرماد» قبلة النخب في محافظة السويداء جنوب سوريا، الذين يستذكرون العلي وحنظلة على وقع أغاني مارسيل خليفة وشربل روحانا. واستطاعت الصالة أن تخلق حالة ثقافية نشطة في السويداء، من خلال احترامها لرموز القضية الفلسطينية والثقافة والفكر أمثال ناجي العلي ومحمود درويش، فتُقيم لأجل الأخير احتفالية سنوية، تُطلق خلالها عشرات الطائرات الورقية التي تحمل صور درويش وقصائده، ضمن فعالية أُطلق عليها «كتاب في الهواء». وسبق لها أن أطلقت، في العام 2008، طائرة ورقية باللون الأسود يوم وفاة درويش، ويومياً على مدى أسبوع، حداداً على رحيله.
مُمسكاً بلحيته البيضاء، يقول شيا: «أنا الكائن غير المُثقّف، متعهّد القضية الفلسطينية».
يسعى المتخرج من كلية الفنون الجميلة في العام 1984، لترسيخ الإبداع والفنّ بطريقة غير تقليدية من خلال «جنة الرماد»، التي تبني علاقة مميزة مع المجتمع المحلي وحتى ضيوف السويداء الذين يحرصون على زيارتها.
واللافت للانتباه في المكان، أنه يجذب فئات عمرية مختلفة وثقافات مختلفة، وجميعهم متّفقون على أهمية الدور الثقافي الذي تلعبه.
يعيش شيا، إلى جانب «حنظلة» وصور محمود درويش وقصائد أدونيس، وصنع من مكان إقامته متحفاً مُتغيّر المعالم بشكل دوري، فهو يعمل على تجديده دائماً، ويُطلق إبداعاته في فضاءات المكان الغني باللمسات الفنية.
تراث السويداء جزء لا يتجزأ من «جنة الرماد» التي تتميّز بحجارتها وطرازها المعماري الجميل. فالصالة التي تحتضن منتدى «حنظلة» ويعيش فيها شيا، تقبع في منتصف مدينة السويداء على مقربة من السوق، ونذرها شيا كحالة فنية يرفض بيعها أو استثمارها تجارياً.
لم يغادر شيا «جنّته» خلال الحرب السورية، فهو لا يُريد أن يرى الدمار ولا الخراب. إيمانه بهذه الأرض مختلف، كما لم تُغادر صور ناجي العلي ورموز القضية الفلسطينية «جنّته» على الرغم من التغيير الذي طرأ على امتداد الأمة بعد «الربيع العربي».
تبدو صالة شيا، وكأنها مضافة من مضافات السويداء المشهورة بالكرم، لكنها مضافة تختلف في أنها أصبحت «جنة».
بلال سليطين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد