جدل «البوركيني» .. إلى الساحل السوري
لم تمنع الحرب المستعرة في سوريا السوريين من متابعة التطورات العالمية المثيرة للجدل، منها على سبيل المثال أزمة اللباس «الشرعي» الخاص بالبحر (البوركيني) والذي أصبح حديث الشارع الفرنسي والعالمي خلال هذه الأيام مع الجدل الذي أثاره القرار الفرنسي بمنع ارتياد الشواطئ دون ارتداء «مايوه».
طغت قضية «البوركيني» على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، بين مؤيد لقرار الحظر ورافض له. وكحال الانقسام العالمي انقسم السوريون بينهم حول هذه القضية، بين مَن يرى في قرار المنع «تتويجاً للحرية والعلمانية»، وآخرون يرون أنّ هذا القرار «يعارض الحرية والعلمانية».
عبر مجموعات سورية عدة على موقع «فايسبوك» أجريت استفتاءات حول الموضوع. مجموعة «صبايا» المغلقة (إحدى أكبر المجموعات الخاصة بالنساء في سوريا) دخلت الجدل فانهمرت مئات التعليقات التي وصلت في بعض الأحيان إلى توترات ومشادات كلامية.
يرى أنصار حظر «البوركيني» في القرار تتويجاً للإنسانية بأسمى معانيها، ودفع النساء للمطالبة بحرياتهنّ، في حين يرى معارضو هذا الإجراء بأنه «عملية محاربة لتعاليم وتقاليد الإسلام». «أمل» فتاة محجبة رأت في تعليق لها أنّ «القرار سيشكل دافعاً للنساء بالتخلي عن عادتهنّ والارتقاء»، موضحة أنّ «الحجاب يمنعها من السباحة»، في حين عارضت «أماني» حديث صديقتها بالتأكيد على أنّ الحظر لو تمّ في سوريا فـ «سيحرم شريحة واسعة من النساء من السباحة، أو النزول إلى الشاطئ».
أنصار حظر «البوركيني»، عمّموا القضية إلى ما هو أبعد، خصوصاً أنّ غالبيّة النساء المحجبات في سوريا عادة ما يسبحن بلباسهنّ. تروي «ثراء» وهي سيدة في الستين من عمرها أنه وقبل أحداث الثمانينيات في سوريا واندلاع مواجهات بين قوات الجيش السوري ومسلحي تنظيم «الاخوان المسلمين»، كان الساحل السوري أكثر تحرراً، «إلا أن بعض المتشددين غيروا بعض عادات اللاذقية ما دفع بقسم كبير من المحجبات إلى اعتزال السباحة بشكل نهائي حتى باللباس الشرعي».
كذلك، تمنع المنتجعات السياحية الفاخرة في اللاذقية مرتاديها من السباحة بغير لباس البحر، الأمر الذي حوّل المناطق النائية، والقرى البعيدة عن اللاذقية إلى منتجعات شعبية ترتادها المحجبات. في هذا السياق، يرى أنصار حظر السباحة دون لباس البحر أن تطبيقه «سيعيد دمج الطبقات والشرائح الاجتماعية في سوريا من جديد»، إلا أن معارضي الموضوع يرون فيه «ترسيخاً للتفرقة وتوسيعاً للشرخ الاجتماعي».
لم تصل غالبيّة النقاشات إلى توافق بين المتعارضين، كما لم تخرج إلى المواقع الإخبارية، لتظل محصورة في المجموعات المغلقة. هذه الحادثة تؤكد استمرار تأثير الإعلام العالمي على الرأي العام، فالمجتمع السوري الذي يعيش حربًا طاحنة، حوّل حدثًا وقع في فرنسا قضية رأي عام بفضل مواقع التواصل الاجتماعي التي حوّلت العالم بالفعل حياً صغيراً.
نينار الخطيب
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد