بدء انحراف العلاقة بين دمشق و«الكردستاني»

22-08-2016

بدء انحراف العلاقة بين دمشق و«الكردستاني»

وفقاً لمسؤولين في دمشق، فإن انتكاسة مهمة ربما تكون قد حصلت في العلاقة بين الدولة السورية و«حزب الاتحاد الديموقراطي»، الذي للمرة الأولى علناً يربط بيان رسمي بينه وبين «حزب العمال الكردستاني»، في «غمزةٍ» ديبلوماسية تطال أكثر من طرف في أكثر من جهة.مقاتلون من «وحدات حماية الشعب» في الحسكة أمس الأول (رويترز)
وقال قيادي في شرطة المحافظة إن «مقارّ الدولة الموجودة في حي غويران لا زالت تحت سيطرة الدولة»، لكن مواقع قوات الدفاع الوطني ولجان الدفاع الاهلية أخليت، وذلك على الرغم من حديث ناشطين عن استيلاء الأكراد على مقارّ حكومية في الحي، فيما سجل قصف للطيران ظهر امس لمواقع وحدات الحماية.
ودعا محافظ الحسكة محمد زعال العلي في تصريحات صحافية لافتة نقلها التلفزيون السوري مساء السبت الى وقف القتال، متحدثاً بإسهاب عن العلاقة «العسكرية» التي تجمع بين الطرفين، ومخاطباً زعماءهم بالأسماء.
وقال العلي إن «الذي حدث في الحسكة منذ أسبوع إشكال محدود بين عناصر من الهجانة والدفاع الوطني وسط المدينة، ومثل هذا الحادث حصل في فترات سابقة، وعلى الدوام كنا نتواصل نحن في قيادة المحافظة مع الإخوة المعنيين في حزب العمال الكردستاني ونطوّق الحالات، وهذه المرة تطور الموقف، حيث قام الإخوة في حزب العمال الكردستاني بقطع الطرق بين الفوج 21 والفوج 23، وطريق الحسكة القامشلي، ومنعوا الجيش من التنقل عبر هذه الطرق، وجراء ذلك حصلت مواجهات عنيفة».
وأردف «واجتمعنا لمدة خمس ساعات لنوجد حلاً ورجوناهم وتمنينا عليهم أن يفتحوا طريق الحسكة القامشلي، وأن يفتحوا طرق الفوج 21 والفوج 23، وفي اليوم التالي تطور الأمر أكثر وحصلت مواجهات عنيفة، وكان من جرائه سقوط عدد من الشهداء من المدنيين والعسكريين، وفي بعض المواقع لم نتمكن من إخلاء الجرحى، واستشهد بعضهم لعدم تمكننا من إخلائهم من ساحة المعركة».
وذكّر محافظ الحسكة «مسلحي حزب العمال الكردستاني بالمساعدات العسكرية التي قدمتها الدولة» لهم في الحسكة، متسائلاً «هل يقاتلون الجيش العربي السوري في أحياء الحسكة؟ نحن وإياهم قاتلنا المجموعات المسلحة الإرهابية، 70 يوماً ونحن نقاتل المجموعات المسلحة، دفعنا 300 شهيد وأكثر من 900 جريح. الأخ ريدور خليل (المتحدث الرسمي باسم وحدات حماية الشعب) عليه أن يتذكر جيداً، حمّلناه العام الماضي ثلاث دبابات، وحمّلناه من الذخائر والأسلحة لكي يقاتل المجموعات المسلحة الإرهابية، وهناك قادة عسكريون يعرفون جيداً كم اجتمعنا نحن وإياهم وحمّلناهم من الذخائر والأسلحة ليقاتلوا المجموعات الإرهابية».
ورجا العلي قادة «حزب العمال الكردستاني» إيقاف القتال، قائلاً: «على الإخوة الكرد في حزب العمال الكردستاني أن يعودوا إلى رشدهم، وعلى الأخ ريدور خليل والأخ عبد الكريم صاروخان والأخ عبد السلام والأخ أحمد عمر، وكل القادة العسكريين والسياسيين من الإخوة الكرد في حزب العمال الكردستاني أن يعودوا وأن يجتمعوا ويوقفوا القتال، وأتمنى عليهم وأرجوهم ألا تحترق مدينة الحسكة».
وكان وفد «حزب الاتحاد» قد طالب بـ«حل وحدات الدفاع الوطني، وعدم تسليح العرب والعشائر، ووقف التجنيد الإجباري في المدينة»، إضافة لمطالب اخرى لم توافق عليها الحكومة.
لذا، وفيما تبدو لهجة المسؤول المحلي في الحسكة «عاطفية وتصالحية لحد كبير»، فإن بعض المسؤولين يصفون ما جرى نهاية الأسبوع الماضي بـ «انتكاسة كبيرة في العلاقة بين الطرفين». وسواء كانت الصدف قد ألقت بالطرفين في مواجهة ثقيلة من هذا النوع، أو «أخطاء فردية متراكمة»، وفق توصيف أحد حلفاء قوات الحماية الكردية، أو أمواج التغيير النسبي في الموقف التركي وما يمكن أن يترتب عليه، فإن دمشق «رغبت في إرسال رسالة قوية بأنها ترسم حدودا لطموحات حزب الاتحاد الديموقراطي في الشمال».
ويعترف المسؤولون في العاصمة السورية بأن العلاقة بين الطرفين هي «علاقة مصلحة متبادلة» تتغذى من تعقيدات الصراعات والتحالفات في الشمال السوري المضطرب بشدة.
لكن ايضاً يتبع الحديث دوماً إشارة لمحاولة «حزب الاتحاد اقتناص كل فرصة ممكنة لزيادة نفوذه ومساحة الارض التي يسيطر عليها». ويتذكر أحد المصادر المحطة الاولى لهذه النزعة «الاستقلالية» بلحظة سيطرة «قوات الحماية الشعبية» على حقول الرميلان النفطية في العام 2012، والتي جرت للمفارقة بدعم جوي من سلاح الجو السوري، فوضعت القوات يدها على أهم مصادر دخل الدولة السورية سابقاً، حيث تقدر قيمة ما ينتج من الآبار حاليا بـ10 ملايبن دولار شهرياً وفقا لمواقع إعلام كردية.
ومنذ ذلك الحين، بدأت دمشق تستشعر النزعة الاستقلالية لدى الحزب، وميله لتضخيم نفسه والانتشار، علماً أن المناوشات التي كانت تحصل بين الطرفين تكرارا، لم تمنع التفاهم المصلحي، كما لم تقف عائقاً يوماً في مجاملة الإعلام الرسمي لوحدات الحماية وحاكمية الجزيرة وفقاً لما يطلق على مجلس حكم تلك المنطقة، واستضافت القنوات السورية «مسؤوليها» بألقابهم المعلنة، كما تحدثت عنهم مرارا باعتبارهم من «القوات الأهلية» ولا سيما في معركة عين العرب ضد تنظيم «داعش». ووصل الأمر بوزير الإعلام السابق عمران الزعبي للقول علنا إن «الحكم الذاتي في المناطق الكردية السورية، (هو) أمر ممكن، ما دام في حدود الدولة السورية».
وبالتوازي تجاهل الإعلام كما تجاهل المسؤولون الحديث عن حزب الاتحاد باعتباره «فرعاً سورياً لحزب العمال الكردستاني»، وظلت المسافة العلنية بين التنظيمين ظاهرة إعلاميا في سوريا، حتى بيان الجيش السوري الأخير، والذي وضع قوات الامن الكردية التابعة لـ «حزب الاتحاد» في مقاطعة الجزيرة، «الاسايش»، في خانة «الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني»، وهي «غمزة» كما وصفها أحد المسؤولين يمكن أن يراها من يشاء.
وبالطبع، لا ترغب دمشق في تأسيس جبهة صراع جديدة للجيش السوري وحلفائه، محافظة على «شعرة معاوية» مع الأكراد، إلا أنها تأمل من تنظيم «حزب الاتحاد» ، وفقاً للمصدر ذاته، أن «يتحلى بالواقعية السياسية» التي تخضع لعوامل إقليمية ومحلية، من بينها «المزاج التركي الجديد» الذي لا ثقة به حتى الآن كما يجب التذكير، والتكوين الديموغرافي للمنطقة، التي جدد التذكير بها بيان نشرته «سانا» أمس عن «مجلس الشيوخ ووجهاء العشائر السورية في الحسكة» دعا فيه أبناء العشائر العربية المنخرطة في «الأسايش» إلى «الانسحاب والانخراط في جيش النظام». لكن الجميع في دمشق وخارجها يعترف بأن «التنبؤ بصورة واضحة لما يمكن ان يتبلور في شمال البلاد وأثره الإقليمي والمحلي ليس ممكناً».

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...