زعيم «أحرار الشام» بضيافة «الجزيرة»: محلّل سياسي ومفتٍ ونقيب

19-03-2016

زعيم «أحرار الشام» بضيافة «الجزيرة»: محلّل سياسي ومفتٍ ونقيب

استضافت قناة «الجزيرة» مساء الأربعاء زعيم «حركة أحرار الشام» المعارضة في سوريا مهند المصري ضمن برنامج «بلا حدود» (49 دقيقة) الذي يقدمه المذيع المصري أحمد منصور. جاءت المقابلة بالتزامن مع الذكرى الخامسة لاندلاع الحرب في سوريا، وما تشهده هذه الأيام من تقلبات سياسيّة، كالانسحاب الروسي الجزئي، وإعلان الأكراد إنشاء إقليم خاص بهم ضمن حكم «فدرالي»، ومباحثات جنيف وغيرها.أحمد منصور ومهند المصري خلال المقابلة (الجزيرة)
أريدَ للحلقة بمجملها أن توجه رسالة سياسيّة بالدرجة الأولى، تُظهر «الحركة» ذات النشأة «الجهادية» وشقيقة «جبهة النصرة» (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) في «جيش الفتح» المسيطر على مدينة إدلب، كـ «حركة سياسيّة منفتحة»، فظهر زعيمها يرتدي البزّة الرسميّة، ويحتسي القهوة، ويناقش التطوّرات السوريّة بمنطق سياسي بحت، بعيداً عن «الحالة الإسلامية» الطاغية عادة على خطابات «الحركة».
لم يحمل اللقاء أي جديد، كما لم يكشف أي مستور، وجاء على شكل حوار بين تلميذ كسول وأستاذ حديث العهد ما زال يتلعثم عند سماعه أي سؤال. عمّت فوضى خلال اللقاء حول الأحرف اللثوية، فتارة تسمى سوريا «ثوريا»، وتارة أخرى تسمى الثورة «سورة»، وفي إحدى المرات عرّفها مقدّم البرنامج أحمد منصور «السورة الثورية» (د. 31:43).
أكثر من مرة ظهر مقدِّم البرنامج وكأنَّه لم يحضّر لحلقته، فظهر بعيداً عن معرفة مستجدات الأمور، كما ظهر وكأنّه لا يعرف حجم ضيفه، فراح يطرح عليه أسئلة تتعلق بسياسات روسيا وأميركا، وراح ضيفه يجهد في البحث عن إجابات حول أسباب هذه السياسات، وهي أسئلة تحتاج إلى مختصين في العلوم السياسية متعمقين في القضايا الداخلية لروسيا وأميركا للإجابة عنها.
في مطلع الحوار (د. 13) يسأل منصور ضيفه بثقة «أعلنت جبهة النصرة عن شن هجوم على مناطق النظام، انقضت نصف المدّة حتى الآن أي بقي 24 ساعة، هل ستشاركون في هذا الهجوم؟». يرد ضيفه وهو يحاول أن يكبت ضحكته «لا يوجد أي فصيل يعلن عن عملية له قبل 48 ساعة من تنفيذها يا أخي». يبدو أنّ المصري خجل من أن يظهر لمحاوره الواثق بسؤاله أنّ هذا السؤال جاء نتيجة شائعة على موقع «فايسبوك» ليس إلا.
التناقضات عمّت بدورها اللقاء، مثلاً يسأل منصور ضيفه بطريقة خارجة عن اللياقة خلال الحديث عن دور روسيا وإمكانية مفاوضتها من قبل «الحركة»: «هل يمكن أن تفاوضوا الروس بدلاً من مفاوضة صبيانهم الذين يحكمون سوريا؟» (د. 7:30)، فيجهد ضيفه بحثاً عن إجابة حول هذا السؤال قبل أن يقول في سياق حديثه «روسيا صُدمت بموقف النظام وتصريحاته البعيدة عن الحل السياسي الذي تنادي به موسكو».
يصرّ منصور أكثر من مرّة على مناداة ضيفه بـ «المهندس»، ويفرد أكثر من ثلاثة أرباع الحوار للحديث عن السياسات العالميّة، مثلاً يسأل ضيفه «هل تظنّون أن روسيا خرجت من سوريا من دون أن تقبض ثمناً من الخليجيين أو حتى الإيرانيين؟» (د. 16:30). يرد الضيف على السؤال بطريقة تحليليّة: «روسيا لن تصمد في ظلّ استمرار انخفاض أسعار النفط».
يتطرّق منصور إلى علاقة الحركة بأميركا أكثر من مرّة، في إحدى المرّات يسأله عن توقّعاته حول الدور الأميركي خلال الفترة المقبلة، يردّ زعيم «أحرار الشام»: «أميركا منشغلة بعامها الانتخابي، روسيا استغلت هذه الظروف».
من لا يعرف أن مهند المصري هو زعيم فصيل «جهادي» مسلح في سوريا، يظنّ بعد حضوره اللقاء أنّ هذا الشخص هو باحث سياسي أو محلّل استراتيجي، وذلك على ما يبدو هو الهدف الرئيسي للحلقة، خصوصاً أنَّها جاءت في سياق عمليات التلميع التي تقوم بها «الجزيرة» لـ «حركة أحرار الشام»، وتصديرها للعالم كـ «فصيل معتدل». هكذا عرضت القناة مطلع الشهر الحالي وثائقياً عن «الحركة» حمل عنوان «أحرار الشام.. فلسفة النشأة وتعديل المسار»، حاول أن يُسقط الصفة «الجهادية» عنها.
للسبب ذاته، اختفى ذكر «الإسلام» أو «الإسلامي» بشكل شبه كامل عن مجريات الحلقة، اكتفى الضيف في كل مرة يسأل فيها عن أهداف «حركته» بالتأكيد على أنها «وليدة الثورة وتهدف إلى إسقاط النظام وتحقيق العدالة ضمن الحدود الشرعية في المجتمع السوري المسلم». كذلك لم يتعمق بشكل كبير في الحديث عن علاقات «الحركة» الدولية، أو علاقتها بـ «الفصائل الجهادية» الأخرى في سوريا، وإن مرّ ذكر «النصرة» بشكل سريع، وسط تركيز على أنّها «تقف على مسافة واحدة من جميع الفصائل» باستثناء «داعش».
وبالرغم من أنَّها جاءت كحلقة ضمن البرنامج الحواري «بلا حدود»، اختار القائمون على البرنامج عنواناً لهذه الحلقة «المصري: تقسيم سوريا خط أحمر»، على اعتبار أن المصري شخصيَّة معروفة للجميع وذات مركز مرموق. من الأمور اللافتة في اللقاء أيضاً، استخدام زعيم «أحرار الشام» عبارات «ودودة» تجاه أميركا أكثر من مرة، إذ لم يعتبرها عدواً «وفق عادة الفصائل الجهادية الأخرى»، في حين أظهر عداءه بشكل مباشر لروسيا «لأنها انحازت للنظام»، ولأنها «تقصف لمصلحة داعش والنظام»، وفق المصري.
لم يحظ اللقاء بأصداء وردود فعل كبيرة سواء إيجابية أو حتى سلبية، بسبب عدم وجود مضمون واضح للحلقة باستثناء التلميع الواضح والمبتذل لـ «حركة أحرار الشام»، لدرجة وصلت بمذيع «الجزيرة» إلى حد اعتبار مقتل قادة الصف الأول في «الحركة» إثر تفجير غامض في أيلول من العام 2014 بأنها «جريمة» (د. 41). كما لم يتردد منصور بالتضخيم من شأن الضيف، والحديث عن مدى قدرة «الحركة» الميدانية والعسكرية وحتى السياسية، وتخصيص اقتباسات جاهزة من أقواله للمشاركة والتغريد عبر موقع «تويتر».

علاء حلبي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...