باريس تعلن اتفاقاً "تاريخياً" لمواجهة الاحتباس الحراري

13-12-2015

باريس تعلن اتفاقاً "تاريخياً" لمواجهة الاحتباس الحراري

في نهاية أشد الأعوام حرارة في التاريخ، أقرت 195 دولة، مساء السبت، اتفاقاً تاريخياً في لوبورجيه شمال باريس، لمكافحة الاحتباس الحراري الذي تهدد تداعياته كوكب الأرض بكوارث مناخية، وذلك بعد سنوات عدة من المفاوضات الشاقة.
وأعلن رئيس قمة المناخ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، وهو شديد التأثر: "انظر (الى الوجوه) في القاعة وأرى ان رد الفعل ايجابي ولا اسمع اعتراضاً، تم تبني اتفاق باريس حول المناخ".
واستمر التصفيق دقائق عدة في قاعة المؤتمر وسط تبادل التهاني، بعد ست سنوات على فشل مؤتمر كوبنهاغن الذي عجز عن التوصل الى اتفاق مشابه.
وصعد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى المنصة، وأمسك بيد الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، وفابيوس، في حين تعانقت مسؤولة المناخ لدى الأمم المتحدة كريستيانا فيغيريس طويلاً مع كبيرة المفاوضين الفرنسية لورانس توبيان.
وقبل بدء الجلسة الأخيرة للمؤتمر عصر السبت، أعلنت أكبر مجموعة من الدول المشاركة فيه وهي مجموعة الــ"77 + الصين" (134 دولة ناشئة ونامية) موافقتها على مشروع الاتفاق الذي ادخلت عليه اخر تعديلات، ليلة الجمعة السبت.
وقالت مندوبة جنوب افريقيا نوزيفو مكاكاتو ديسيكو، المتحدثة باسم مجموعة الـ"77 + الصين": "نحن موحدون جميعاً وسعيدون بالعودة الى ديارنا ونحن نحمل هذا الاتفاق".
ولم يحصل تصويت لأن الاجماع مطلوب في اطار اتفاقية المناخ للامم المتحدة.
وعرضت الرئاسة الفرنسية للمؤتمر الدولي للمناخ، صباح السبت، على ممثلي الدول الـ195 المشاركة مشروع اتفاق نهائي لابقاء ارتفاع حرارة الأرض دون درجتين، فيما دعا الرئيس الفرنسي الدول الى القيام "بالخطوة الحاسمة" عبر تبني اتفاق مؤتمر الامم المتحدة للمناخ في لوبورجيه.
وبعدما وصف الاتفاق بأنه "نص كبير للانسانية"، دعا هولاند المندوبين الى أن يحولوا "الثاني عشر من كانون الأول يوماً ليس فقط تاريخياً، بل محطة للانسانية أيضاً".
وقال إن "فرنسا تطلب منكم وتدعوكم الى تبني أول اتفاق عالمي في تاريخنا".
من جهته، دعا الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون، ظهر السبت، الدول الى "انجاز العمل" بتبني مشروع الاتفاق، قائلاً: ان "النهاية قريبة. لننجز العمل الآن. العالم يراقب وملايين الاشخاص يعتمدون على حكمتكم".
بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي بصوت يغص من شدة التأثر إن نص التسوية "عادل ودائم وحيوي ومتوازن وملزم قانونياً"، مضيفاً لدى تقديم مشروع الاتفاق: "وصلنا تقريباً الى نهاية طريق وبداية طريق اخرى"، داعيًا الدول الى اعتماد هذا "الاتفاق التاريخي"، مضيفاً أنه "يتعين تحديد هدف جديد بالأرقام في العام 2025 على أبعد تقدير".
وأشار فابيوس الى أنه "اذا ما اقر فسيكون هذا النص منعطفاً تاريخياً"، مؤكداً "اننا على وشك بلوغ نهاية الطريق وبداية طريق آخر حتماً"، داعياً الدول الى "عدم تفويت الفرصة الفريدة السانحة" لها.

التنفيذ في العام 2020
ويؤكد النص على هدف "احتواء ارتفاع متوسط حرارة الأرض وابقائه دون درجتين والسعي لجعل هذا الارتفاع في مستوى 1,5 درجة، ما سيسمح بخفض المخاطر والمفاعيل المرتبطة بالتغير المناخي بشكل كبير".
وفي ما يتعلق بمسألة التمويل الشائكة، ينص مشروع القرار على أن تشكل المئة مليار دولار التي وعدت دول الشمال بتقديمها سنوياً الى دول الجنوب لمساعدتها على تمويل سياساتها المناخية، "حداً ادنى لما بعد 2020".
وهدف التوصل في العام 2015 الى اتفاق عالمي ملزم حدد في العام 2011 في دربان (جنوب افريقيا). والمفاوضات التي اطلقت في السنوات الأخيرة بلغت ذروتها خلال اسبوعين في لوبورجيه.
ويهدد ارتفاع مستوى مياه المحيطات جزراً مثل كيريباتي وتجمعات سكنية ساحلية مثل بنغلادش.
ويفترض أن يسرع هذا الاتفاق الذي سيدخل حيز التنفيذ في العام 2020 العمل لخفض استخدام الطاقة الاحفورية، مثل النفط والفحم والغاز ويشجع على اللجوء الى مصادر للطاقة المتجددة ويغير أساليب ادارة الغابات والاراضي الزراعية.
والتعهدات التي قطعتها الدول حتى الآن لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تسمح بالا يتجاوز ارتفاع الحرارة ثلاث درجات عما كان عليه قبل الثورة الصناعية، بعيداً عن 2 في المئة يعتبرها العلماء أساسية للحد من الاضطرابات المناخية.
والاتفاق يضع آلية تفرض مراجعتها كل خمس سنوات اعتباراً من العام 2025 وهو تاريخ اعتبرته المنظمات غير الحكومية متأخراً.
وكانت نقاط الخلاف الاساسية تتعلق بدرجة الحرارة التي يجب اعتبارها عتبة للاحترار وعدم تجاوزها و"التمييز" بين دول الشمال والجنوب في الجهود لمكافحة الاحتباس الحراري، ما يعني ضرورة تحرك الدول المتطورة اولاً باسم مسؤوليتها التاريخية في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وهذا بعد تم اخذه بعين الاعتبار في الاتفاق.
وبعد أربعة أعوام من محادثات مكثفة للأمم المتحدة تضاربت فيها مصالح الدول الغنية والفقيرة ومصالح الدول الجزر مع مصالح الاقتصادات الصاعدة، قدم فايبيوس مشودة الاتفاق، آملاً في التوصل لاتفاق شامل للحد من الانبعاثات المتزايدة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري خلال ساعات. وإذا فشل في التوصل لهذا الاتفاق فقد تستمر المحادثات حتى غد الأحد.

منعطف تاريخي
 رأت منظمة "غرينبيس"، كما منظمات عديدة غير حكومية قبل اقرار الاتفاق، انه يشكل "منعطفاً، ويضع مصادر الطاقة الاحفورية "في الجانب الخاطىء من التاريخ".
وكان البيت الأبيض قد أعلن أن الرئيسين الأميركي باراك أوباما والصيني تشي جين بينغ اتفقا خلال اتصال هاتفي الخميس، على أن يعمل فريقا التفاوض لكلا البلدين معاً عن كثب للوصول الى اتفاق طموح لمكافحة التغير المناخي، خلال المحادثات الدولية الجارية قرب باريس.

وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...