انكسار هجوم حلب يفجّر الخلافات بين المسلحين وفشل «أيام بدر» في دمشق
في وقت انخفضت فيه وتيرة المعارك في مدينة حلب، التي سرقت الأضواء في اليومين الماضيين، شهدت دمشق معارك عنيفة على محور جوبر عكرت صفو المدينة، قبل أن تنتهي من دون أية تغيّرات تذكر في خريطة السيطرة، في حين تابعت قوات الجيش السوري والفصائل التي تؤازره تقدّمها في مدينة الحسكة، لتعلن سيطرتها الكاملة على حي النشوة الشرقية وصولاً إلى دوار الكهرباء، إضافة إلى تقدم قوات الجيش في منطقة الغاب والسيطرة على أربع قرى.
ففي حلب، وعلى الرغم من الهجوم العنيف الذي تعرّضت له المدينة من محاور مختلفة طيلة الأيام الثلاثة الماضية، فشلت «غرفة عمليات أنصار الشريعة»، التي تقودها «جبهة النصرة»، في تحقيق أي خرق أو انتصار يُحسَب لها وللفصائل «الجهادية» التي تؤازرها، في وقت استفادت فيه «غرفة عمليات فتح حلب» من اندلاع المعارك على جبهات مختلفة، وتقدّمت خطوة نحو المناطق الغربية من حلب عبر سيطرتها المؤقتة على مقر البحوث العلمية، الذي يحمي خاصرة حلب الغربية، لتعود هذه «الغرفة» وتشهد انكساراً كبيراً بعد أن نجح الجيش السوري بتنفيذ كمين لمسلحي «كتائب ثوار الشام»، انتهى بمقتل نحو 10 مسلحين وأسر نحو 25.
وأدّى هذا الأمر إلى انفجار الخلافات بين «الغرفتين»، الأمر الذي وضع «جبهة النصرة» في «مأزق»، وفق تعبير مصدر معارض، خصوصاً بعد أن فقدت نحو 30 مسلحاً، بينهم 10 من قياديي «الصف الأول» وذلك جراء تفجير انتحاري في مسجد بمدينة أريحا بريف إدلب، في وقت يتابع فيه الجيش السوري تحصين مدينة حلب عبر استقدام تعزيزات إلى الخطوط الخلفية واسترجاع عدة كتل من الأبنية في البحوث العلمية.
وأوضح المصدر المعارض، أنه وفي اليوم الأول لانطلاق عمليات «أنصار الشريعة»، قررت «غرفة عمليات فتح حلب» فتح جبهات موازية، بهدف الاستفادة من «تشتت قوات الجيش السوري»، موضحاً أن «الغرفتين» خاضتا معارك بشكل متواز، وصلت في حي الزهراء إلى درجة «التحالف»، قبل أن يقع 35 مسلحاً من «فتح حلب» في كمين نفذه الجيش السوري قرب مدفعية الزهراء، وذلك بعد انسحاب مسلحي «النصرة» من محور قريب، ورفضهم المؤازرة، الأمر الذي فجر الخلاف بين «الغرفتين»، خصوصاً مع تسابقهما لـ «إعلان السيطرة» والسعي لخطف الأضواء في المعارك التي لم تدم سوى بضع ساعات.
ورفض مصدر «جهادي» الاتهامات التي وجهت إلى «أنصار الشريعة» بالتسبب بوقوع المسلحين في الكمين، موضحاً أن «غرفة فتح حلب فشلت في تحقيق أي نصر في السابق، وما قامت به هو محاولة لخطف انتصارات أنصار الشريعة»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «الفصائل المنضوية في أنصار الشريعة هي ذاتها التي كانت قد استبعدت خلال تشكيل غرفة فتح حلب، وها هي اليوم تعود وتبحث عن تشكيل تحالف غير معلن معها، كما تحاول سرقة انتصاراتها».
ميدانياً، قال مصدر عسكري إن «قوات الجيش السوري استعادت كتلاً عدة من الأبنية في محيط البحوث العلمية، في خطوة من شأنها استعادة المنطقة»، معتبراً أن «قرار الجيش واضح باستعادة هذه النقطة التي من شأنها زيادة تحصين حلب التي تُعتبر خطاً أحمر لن يُسمَح بتجاوزه».
وقال المصدر إن الكمين الذي نفّذه الجيش «كان له تأثير كبير في زيادة شحن المعنويات المرتفعة أصلاً، وكسر معنويات العدو الذي كان يظن أن حلب لقمة سائغة»
ولوحظ في المعارك التي اندلعت في محيط حلب انخفاض وتيرة الاستعانة بالقوات الجوية، والتي كانت تساهم في أوقات سابقة في التصدّي للهجمات، خصوصاً في اليوم الأول من الهجوم الذي لم يشهد أية طلعة جوية، الأمر الذي اعتبره المصدر العسكري أنه مؤشر على ميزان القوى في المعركة، وعلى جهوزية القوات المدافعة عن حلب، والتي تمكنت من امتصاص الهجوم، والانتصار في الالتحامات المباشرة، رغم استخدام العدو للصواريخ الحرارية والمتطورة، قبل أن تفسح المجال في اليوم الثاني للطيران السوري الذي شنّ سلسلة غارات طالت مواقع تمركز المسلحين في محيط حلب، وخطوط إمدادهم، الأمر الذي ساهم أيضاً بإيقاف المعارك بشكل مؤقت.
وعلى الرغم من عدم إعلان «أنصار الشريعة» فشل «غرفتهم» أو حلها، رأى مصدر ميداني أن «هذه الغرفة كسابقتها مصيرها الفشل»، مشدداً على أن «جبهة النصرة وضعت نفسها في مأزق كبير في حلب»، معتبراً أن «حلب ستشكل نقطة انحدار جديدة للجبهة التابعة للقاعدة»، والمنتشية بـ «انتصاراتها في إدلب».
إلى ذلك، فشلت الفصائل المسلحة المنضوية في «القيادة العسكرية الموحّدة في الغوطة الشرقية» من تحقيق أي خرق في خريطة السيطرة في العاصمة دمشق، بعد أن أعلنت بدء ما أسمته «معركة أيام بدر»، التي تهدف للسيطرة على نقاط عدة في حي جوبر المشتعل، حيث وقعت اشتباكات عنيفة جداً خلف منطقة الزبلطاني وعلى أطراف حي جوبر، استعملت خلالها شتى أنواع الأسلحة، إضافة إلى تفجير نفق مفخّخ، بالتزامن مع استهداف مدينة دمشق بنحو 15 قذيفة طالت مناطق عدة، أبرزها باب وتوما وفندق الداما روز وساحة المحافظة، تسببت بمقتل مدنيين اثنين وإصابة نحو 10.
وأوضح مصدر ميداني أن المعارك ورغم ضراوتها لم تؤدِ إلى أي تغيير في خريطة السيطرة، موضحاً أن القوات المتواجدة عند نقاط التماس امتصّت الهجوم قبل أن تفسح المجال لسلاح الجو السوري الذي كثّف غاراته على هذه المحاور. ونقلت وكالة الأنباء السورية ـ «سانا» عن مصدر عسكري قوله إن «الجيش تمكن من القضاء على عدد من الإرهابيين في جوبر وعين ترما في الغوطة الشرقية ودمّر مدفع هاون ومعملاً لتصنيع القذائف الصاروخية».
وفي المنطقة الوسطى من سوريا، تمكّن الجيش السوري والفصائل التي تؤازره من زيادة تحصين منطقة الغاب، التي شكلت الشهر الماضي هدفاً لهجوم «جبهة النصرة» من محاور مدينة إدلب، إثر السيطرة على أربع قرى جديدة، هي الكريم، الرملة، قبر فضة، الاشرفية، في تطور جديد حرك مياه المعارك «الراكدة» على هذه الجبهة.
علاء حلبي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد