فشل خطة سعودية للسيطرة على عدن
بعد مشاورات جنيف، بدأ حوارٌ مكثف بين مكونات من «الحراك الجنوبي» بحضور عدد من الضباط الجنوبيين، وبين «أنصار الله»، حول كيفية تسليم المدن من قبل الجيش و«اللجان الشعبية». وبحسب معلومات من مسقط، وصل النقاش إلى الهيكل التنظيمي الذي سيدير المحافظات الجنوبية، وأن هناك توافقاً شبه تام على معظم التفاصيل، على أن تبقى الحدود وحمايتها للجيش اليمني. ويدرك الطرفان أن الوصول إلى تنفيذ التفاهمات بحاجة إلى موافقات دولية وإقليمية، وأن السعودية لن تسمح بتطبيق أي خطة من هذا النوع، لأنها ستفقد ورقة مهمة في العدوان هي ورقة الجنوب. غير أن المتحاورين عززوا الثقة في ما بينهم، والأهم في بناء الثقة بين الطرفين هو التفاعل الميداني مع المفاوضات والجاهزية النفسية والعملية، والكل بانتظار توافر الفرصة الدولية والإقليمية.
وتعبيراً عن حالة الغضب من «الحراك الجنوبي»، قامت السعودية بعدد من الإجراءات الميدانية والإعلامية، تمثلت بشنّ الطائرات السعودية في الأسبوع الماضي خمس غارات على عدد من المواقع التابعة للحراك في الصبيحة، ما أدى إلى مقتل 60 مقاتلاً. وأغار الطيران السعودي أيضاً على مواقع الحراك في عدن، ما أدى إلى مقتل 20 مقاتلاً. على الأثر، ادّعت الماكينة الإعلامية السعودية أن الغارات حصلت «من طريق الخطأ». وترافق ذلك مع شنّ هذا الإعلام حملة إعلامية منظمة على الحراك الجنوبي، مطلقاً عليه تسمية «الحراك الإيراني»، الأمر الذي استفز الجنوبيين، بمن فيهم بعض المحسوبين على السعودية، حيث انتقد رئيس وزراء اليمن الجنوبي السابق أبو بكر حيدر العطاس الإعلام السعودي، قائلاً إن «الحراك جنوبي وليس إيرانياً».استهدف الجيش
شقة العناصر الإماراتيين في عدن فقُتل ضابط وعددٌ
من العسكريين
وأمام حالة الإحباط والتململ في صفوف جماعة السعودية في الجنوب، اضطر آل سعود إلى الاستعانة بالقوات الإماراتية، وأُنزل نحو 60 ضابطاً وعنصراً من القوات المسلّحة الإماراتية في مديرية البريقة في عدن، حيث اتخذوا مقراً لهم جرى تحصينه وحمايته ببطاريات مدفعية وصواريخ ضد الدروع. ويتميز الجنود الإماراتيون بالسترات الواقية من الرصاص وبأسلحتهم الحديثة، وقد لوحظ وجود «إشرافي» لهم في جبهتي بئر أحمد ودار سعد.
أما السعوديون، فقد استقدموا قوات يقدر عديدها بنحو 100 ضابط وعنصر، اتخذت مقراً لها بجوار المقر الإماراتي، ويخضع لإجراءات الحماية نفسها، وبقيت سفينة حربية على متنها 400 عنصر راسية في خليج عدن، تُستخدم في الحالات الطارئة، على أن تكون القيادة للإماراتيين بحسب الاتفاق بينهم وبين السعوديين.
وقد باشر الإماراتيون بقيادة ضابط يدعى أبو عبد الله، بعقد عدد من الاجتماعات للفصائل المسلحة، جرى خلالها تأكيد الاستمرار بالعدوان وتوزيع 800 قطعة سلاح فردي لكل فصيل، ونظمت عملية توزيع الأموال كموازنة جارية للفصائل بمقدار مليون ريـال سعودي يومياً، وعين المسؤول عن مسلحي دماج، الشيخ هاشم السيد، مسؤولاً عن توزيع السلاح والمال على الفصائل المسلحة.
وفي الأسبوع الماضي، استُقدم 600 عنصر يمني، جرى تدريبهم في السعودية، وقد تبين أن معظمهم من كبار السن. ووعد الضابط الإماراتي الفصائل المسلحة بالتحاق 1600 عنصر في الأسابيع المقبلة، على أن يُجمَع كل هذه القوى في مديرية البريقة.
غير أن مفاجأة حصلت غيرت مسار الأمور، وهي انكشاف إحدى نقاط تموضع الإماراتيين في شقةٍ في منطقة دار سعد في عدن، من قبل الجيش الذي قام بالرماية المباشرة على الشقة، فقتل على الفور عدداً من العسكريين، بينهم ضابط إماراتي، تم نعيه في ما بعد على أساس «أنه سقط على الحدود السعودية اليمنية»، لتبدأ على إثرها حملة التخوين والاتهامات بين «الأصدقاء»، ولينعكس ذلك على الوضع المعنوي للقوة الإماراتية والسعودية. وبدأ الحذر والخوف ظاهراً في وجوه جنودهم، وتحولت المهمة من محاولة رسم خطة هجومية لإسقاط عدن إلى البحث عن ملاذ آمن يحمي القوات الإماراتية والسعودية.
وما زاد الطين بلة، ظهور الكثير من الخلافات بين الفصائل المسلحة في الأيام الماضية، حيث انسحبت بعض القوى السلفية من جبهتي البريقة ولحج بصورةٍ مفاجئة، ليتبين أن الانسحاب ناتج من ادعاءات بأن عناصرها «يقتلون من الخلف»، أي من قوات صديقة، ولما تكررت هذه الحالات اضطروا إلى الانسحاب. هذا الأمر يمثل إحراجاً لبقية الفصائل لما تتمتع به الفصائل السلفية، من خبرة قتالية ومعرفة باستخدام السلاح الغربي وخصوصاً الأميركي، حيث إن الفصائل الجنوبية تقتصر خبرتها على السلاح الشرقي.
وبالعودة إلى تداعيات الخلاف السعودي مع الحراك الجنوبي، عيَّن هادي بعد مقتل علي ناصر هادي قائد المنطقة الرابعة في الشهر الماضي العميد سيف البغلي المحسوب على الحراك الجنوبي، وذا الميول الانفصالية، ولكن وقعت خلافات بينه وبين جماعة دماج، حيث طلب منه سعودياً العمل تحت إمرتهم لكنه رفض ذلك، فاستدعي إلى الرياض ليفاجئ بإقالته وبتعيين العميد ناصر باريس المحسوب على هادي. ومن أجل تهدئة النفوس، خصوصاً المحسوبين على الحراك الجنوبي، قرر الرئيس المنفي إرسال أحمد الميسري، أحد أعضاء وفد رياض إلى مشاورات جنيف إلى البريقة، في محاولةٍ لرأب الصدع الحاصل بين الفصائل المسلحة.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد