استقالة الرئيس اليمني ومؤشرات تمرّد في عدن

23-01-2015

استقالة الرئيس اليمني ومؤشرات تمرّد في عدن

لم تمر الساعات الـ24 ليُقال إن يوماً مضى على اتفاق المكونات السياسية في اليمن للخروج بالبلاد من الأزمة التي تعصف به، حتى خرق الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس حكومته خالد بحاح مسار الحلحلة بتقديم استقالتيهما أمس، في ما يبدو أنه إعلان مواجهة ضد جماعة «الحوثيين» التي ما إن تم الاعتراف بمطالبها حتى التزمت بشرط الانسحاب من دار الرئاسة، برغم اتهامها بـ «انقلاب» وهمي.
ودخل اليمن أمس، مرحلة الفراغ مع استقالة الحكومة وما تلاها من إعلان الرئيس تقديم استقالته، التي أشار البعض إلى أن البرلمان رفضها ودعا إلى جلسة استثنائية لبحث الأوضاع اليوم.
واعتبر هادي في رسالة استقالته أن اليمن وصل إلى «طريق مسدود»، مبرراً قراره بـ «المستجدات التي ظهرت منذ 21 أيلول (دخول الحوثيين إلى صنعاء) على سير العملية الانتقالية للسلطة سلمياً والتي حرصنا جميعاً على أن تتم بسلاسة».
وأتت استقالة هادي، بعدما قدمت الحكومة اليمنية، التي تم تشكيلها قبل أقل من ثلاثة أشهر، استقالتها، حيث قال المتحدث باسم الحكومة، وهو يعلن هذا القرار، إن «الاستقالة لا بد منها».
وفي الرسالة، برر رئيس الوزراء خالد بحاح قراره بالقول إنه «حتى لا نكون طرفاً في ما يحدث وفي ما سيحدث ولا نتحمّل مسؤولية ما يقوم به غيرنا».
وأضاف «إننا كحكومة كفاءات حاولنا ما أمكن أن نخدم هذا الشعب وهذا الوطن بكل ما استطعنا من قوة وعلم وكفاءة ومسؤولية وضمير».
وفي هذا السياق، رحب مسؤول حوثي كبير باستقالة هادي، مقترحاً تشكيل مجلس رئاسي يضم جماعات بقيادة الحوثيين والجيش وبعض الأحزاب السياسية.
وقال أبو مالك يوسف الفيشي عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن «اليمن مقبل على الأمن والاستقرار والسكينة والرخاء»، ووصف استقالة هادي بأنها «بشرى سارة لجميع اليمنيين».
وفي تغريدة أخرى اقترح الفيشي «تشكيل مجلس رئاسي من المكونات الثورية والسياسية الشريفة ويمثل فيه الجيش والأمن واللجان الشعبية ليشترك الكل في إدارة بقية المرحلة الانتقالية».

والسؤال الآن، ما هي الإجراءات الدستورية ومن سيتسلم زمام الأمور في اليمن، في ظل الفراغ المؤسسي في أركان الدولة؟
 وبحسب المادة 115 من الدستور اليمني، فإنه «يجوز لرئيس الجمهورية أن يقدم استقالة مسببة إلى مجلس النواب، ويكون قرار مجلس النواب بقبول الاستقالة بالغالبية المطلقة لعدد أعضائه، فإذا لم تقبل الاستقالة فمن حقه خلال ثلاثة أشهر أن يقدّم الاستقالة وعلى مجلس النواب قبولها».

وفي المادة 116، يشير الدستور اليمني إلى أنه «في حال خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل، يتولى مهام الرئاسة مؤقتاً نائب الرئيس لمدة لا تزيد عن ستين يوماً من تاريخ خلو منصب الرئيس، يتم خلالها إجراء انتخابات جديدة للرئيس، وفي حال خلو منصب رئيس الجمهورية ونائب الرئيس معاً، يتولى مهام الرئاسة مؤقتاً رئيس مجلس النواب، وإذا كان مجلس النواب منحلاً حلت الحكومة محل رئاسة مجلس النواب لممارسة مهام الرئاسة مؤقتاً، ويتم انتخاب رئيس الجمهورية خلال مدة لا تتجاوز ستين يوماً من تاريـخ أول اجتماع لمجلس النواب الجديد».

وفي الحالة الراهنة، لا نائب للرئيس في اليمن، لذا يتولى المهام رئيس مجلس النواب الحالي يحيى الراعي، وهو قيادي في «المؤتمر الشعبي العام»، حزب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.

وفي هذا السياق، اعتبرت وزيرة الإعلام اليمنية في الحكومة المستقيلة ناديا السقاف في تغريدة لها على موقع «تويتر»، أن «مجلس النواب اليمني لا يتمتع بالشرعية لأن شرعيته مستمدّة من شرعية المبادرة الخليجية التي مدّدت له»، مضيفة أنه «باستقالة الرئيس هادي لم تعد المبادرة فاعلة، وبالتالي ينحلّ مجلس النواب».

في هذا الوقت، وصل مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر إلى صنعاء، حيث بدأ محادثات مع ممثلي الأحزاب السياسية اليمنية، وضمنهم الحوثيون، كما أفاد مكتبه في صنعاء. ودعا اليمنيين إلى «حل جميع الخلافات عبر الحوار بعيداً عن كل أشكال العنف والابتزاز».

من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة أمس، أنّها تراقب التطورات في اليمن موضحة أنها تؤيد انتقالاً سياسياً سلمياً.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي: «تحاول فرقنا التأكد من كل المعلومات الواردة من اليمن»، لافتة إلى أن أيّ خطوة لم تتخذ حتى الآن لإغلاق السفارة الأميركية في صنعاء.

وأضافت بساكي: «لا نزال نؤيد انتقالاً سلمياً. لقد دعونا جميع الأطراف ولا نزال ندعو جميع الأطراف إلى احترام... السلام واتفاق الشراكة الوطنية». وقالت «نحن مستعدّون لتعديل وجودنا عند الضرورة ولكن لم يحصل أي تغيير في موقفنا على الصعيد الأمني»، معربة عن «أمل الولايات المتحدة باستمرار الحوار بين مختلف الأطراف اليمنيين، لأنه السبيل الوحيد في رأينا لنزع فتيل التوتر على الأرض».

وتوصل الحوثيون وهادي إلى اتفاق من تسع نقاط أمس الأول، يتضمّن تعهداً من «أنصار الله» الانسحاب من دار الرئاسة، وكذلك من «كل المواقع التي تشرف على مقر إقامة الرئيس».

ووعد الحوثيون أيضاً بالانسحاب من منطقة سكن رئيس الوزراء في وسط المدينة، وبالإفراج عن مدير مكتب الرئيس أحمد عوض بن مبارك الذي خطف يوم السبت الماضي. لكن مسؤولاً في الرئاسة قال إن بن مبارك «لم يُفرج عنه بعد».

وفي مناخ الأزمة الشاملة، يمكن أن تؤدي بؤرة توتر أخرى إلى موجة معارك جديدة، حيث قتل أمس، 9 أشخاص في محافظة مأرب في شرق صنعاء، في اشتباكات قيل إنها بين الحوثيين والقبائل.

إلى ذلك، قررت أربع محافظات جنوبية في اليمن بينها عدن، رفض تلقي أوامر من صنعاء للوحدات العسكرية وقوات الأمن، بحسب بيان للجنة الأمنية في تلك المحافظات.

وأكدت اللجنة المكلفة الشؤون الأمنية والعسكرية في محافظات عدن ولحج والضالع وأبين، الموالية لهادي، أنها اتخذت هذا القرار إثر استقالة الرئيس ورئيس الوزراء.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...