مصر: انتخابات الرئاسة أولاً

أجرى الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور، أمس، تعديلاً مهماً في «خريطة المستقبل»، التي أقرّتها القوات المسلحة بالتوافق مع القوى الوطنية في الثالث من تموز الماضي، عقب الإطاحة بنظام «الاخوان المسلمين»، حيث اتخذ قراراً بإجراء الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات البرلمانية، في خطوة تعزز فرص وزير الدفاع الفريق اول عبد الفتاح السيسي لتولي منصب رئيس الجمهورية.
وقال منصور، في كلمة له وجهها للشعب المصري أمس، إنه سيجري التعديلات اللازمة على قانوني انتخاب رئيس الجمهورية ومباشرة الحقوق السياسية.
وأشار منصور إلى أن الانتخابات الرئاسية ستجرى أولاً، موضحاً أنه كلّف اللجنة العليا للانتخابات بمباشرة مهامها، وفتح باب الترشح لانتخاب رئيس الجمهورية، وفقا للمادة 230 من الدستور الجديد.
وأضاف منصور: «تعرضت البلاد لعدد من العمليات الإرهابية السوداء، التي أسفرت عن سقوط ضحايا من المواطنين الأبرياء ورجال القوات المسلحة والشرطة، نحسبهم شهداء عند ربهم، وهذه الحوادث الإرهابية تستهدف كسر إرادة المصريين، وأقول لهؤلاء الإرهابيين لن تحقق أفعالكم الخبيثة مآربكم، وأؤكد أن إرادة المصريين لن تنكسر، بل ستزداد توحداً وصلابة».
وتابع منصور «أننا، وفي مثل هذه الظروف التي نواجه فيها إرهابا يحصد أرواح الأبرياء، يكون لتأمين الوطن ومعاقبة من يرتكبون تلك الجرائم أولوية مستحقة، لكننا نؤمن بأن الأولوية المعطاة لمحاربة الإرهاب لا ينبغي أن يترتب عليها أي تجاوز في حقوق أي من أبناء هذا الوطن».
وفي معرض حديثه عن خريطة الطريق، طالب منصور النائب العام، المستشار هشام بركات، بمراجعة حالات المعتقلين والحالات قيد التحقيق، وبصفة خاصة طلاب الجامعات، وسرعة الإفراج عمّن لم يرتكبوا أي جرائم أو أفعال يجرمها القانون.
كما ناشد منصور رئيس محكمة استئناف القاهرة، زيادة عدد الدوائر القضائية التي تنظر بمحاكمة مرتكبي الجرائم الإرهابية لتحقيق محاكمة عاجلة وسريعة.
وجاءت ردود أفعال القوى السياسية مؤيدة للخطاب وللتعديلات الطارئة على خريطة الطريق، حيث قال المتحدث الرسمي باسم «حزب التجمع» والقيادي في «جبهة الإنقاذ الوطني» نبيل زكي لـ«السفير» إن «تعديل خريطة الطريق ليس مفاجئاً»، مشيرا إلى أنه «كان من المتوقع أن يستجيب الرئيس لرغبة الشعب في تغيير خريطة الطريق ويبدأ بالانتخابات الرئاسية».
ولفت زكي إلى أن «خطاب الرئيس يشبه التعبئة العامة القومية ضد الإرهاب، وهو ما يجب أن يسانده المواطن، فالمصريون لهم دور أيضا في مواجهة الإرهاب من خلال المشاركة في الانتخابات ومباركة بنود خريطة الطريق».
وتابع زكي» فوجئنا بإشارة الرئيس في الخطاب إلى ما يعرف بالإجراءات الاستثنائية، التي جاء من بينها ما يعرف بالعدالة الناجزة، التي تأتي في مستوى مواجهة متطلبات الحرب ضد الإرهاب، نظرا إلى أننا نمر بحالة حرب ليس فقط ضد تنظيم الجماعة الإرهابية في مصر وإنما ضد الإرهاب في العالم كله».
وأشار زكي إلى أن «مصر تواجه القاعدة والإخوان وانصار بيت المقدس وحركة حماس، وجميع هذه الحركات تقع تحت مسمى واحد هو الإرهاب».
من جهته، قال عضو المجلس الرئاسي لـ«حزب النور» السلفي شعبان عبد العليم إنه «كان من المتوقع إعلان تعديل خريطة الطريق وإجراءات الانتخابات الرئاسية أولا، وأيضا تعديل القوانين الخاصة بمباشرة الحقوق السياسية»، مشيرا إلى أن «حزب النور ملتزم برأي الغالبية حرصا منه على التوافق الوطني».
وأضاف عبد العليم أن «الدستور الجديد يعطي الحق لرئيس الجمهورية بتعديل خريطة الطريق، وقرارات الرئيس بخصوص مخاطبة النائب العام ورئيس محكمة الاستئناف، شيء جيد».
ومع ذلك، لفت عبد العليم النظر إلى أن «الرئيس هدّد باتخاذ إجراءات استثنائية نتمنى ألا يتخذها أو يلجأ إليها حتى لا تجري الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وسط إجراءات استثنائية».
من جهته، قال المستشار الدستوري لرئيس الجمهورية الدكتور علي عوض إن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية هي التي ستحدد موعد فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة، وموعد إجراء هذه الانتخابات، باعتبارها الجهة المختصة قانوناً بتحديد كافة إجراءات الانتخابات الرئاسية.
وأشار إلى أنه وفقاً للمادة 230 من الدستور الجديد، فإن انتخاب الرئيس يجب أن يتم خلال مدة لا تقل عن 30 يوماً، ولا تتجاوز 90 يوماً من تاريخ العمل بالدستور.
وأشار عوض الى أن بداية هذه المدة تحتسب منذ 18 كانون الثاني الحالي (وهو تاريخ سريان الدستور)، مؤكدا أن اللجنة العليا للانتخابات ستحسم هذا الأمر خلال أيام.
ويعزز قرار الرئيس المؤقت بتقديم الانتخابات الرئاسية على الانتخابات التشريعية الفرص أمام القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي لخوض الانتخابات الرئاسية، والفوز بها بغالبية ساحقة، مستفيداً من عوامل عدّة، أبرزها خلو الساحة أمامه في ظل غياب أي شخصية تحظى بالشعبية التي يتمتع بها، وامكانية البناء على التأييد الشعبي غير المباشر الذي حصل عليه الرجل القوي في البلاد خلال الاسفتاء على الدستور الجديد، وتصاعد أعمال العنف من قبل «الإخوان» والعمليات الارهابية من قبل الجماعات التكفيرية ما يجعل المواطنين العاديين يتطلعون إلى وصول رجل بقوة السيسي إلى رأس الحكم في البلاد.
وفي مؤشر جديد إلى احتمال ترشح السيسي للرئاسة، كشف رئيس مجلس إدارة «أخبار اليوم» ياسر رزق، المقرّب من الجيش المصري، عن وجود برنامج رئاسي للسيسي، «يحمل أفكاراً غير تقليدية». وقال رزق، في مقابلة مع برنامج «السادة المحترمون»، على قناة «أون تي في» إنه «لو ترشح السيسي للرئاسة فستكون لديه رؤية وتصور لمستقبل مصر». واضاف أن «الفريق أول السيسي لديه ميول للناصرية خاصة»، وأنه يؤمن بأن لا عودة لنظام ما قبل «25 يناير» ولا عودة لنظام ما قبل «30 يونيو».
وفي سياق آخر، تحول احتفال المصريين بالذكرى الثالثة لـ«ثورة 25 يناير»، أمس الأول، في ميدان التحرير وغيره من الميادين في المحافظات المصرية إلى ما يشبه مهرجان تأييد للسيسي.
ونزل مئات آلاف المصرييين إلى ميدان التحرير وباقي الميادين في المحافظات المصرية حاملين الأعلام المصرية وصور الفريق أول السيسي وسط إجراءات أمنية مشددة من قوات الجيش والشرطة .
وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق مسيرة لأنصار جماعة «الإخوان» في شارع البطل أحمد عبد العزيز في حي المهندسين، كما دارت اشتباكات بين أنصار الجماعة وقوات الأمن في محيط ميادين رمسيس والمطرية الأوبرا، في حين وقعت مواجهات عنيفة بين أعضاء «حركة 6 ابريل» وقوات الأمن في منطقة وسط البلد في القاهرة.
وتبنت جماعة «أنصار بيت المقدس» إسقاط مروحية الجيش فى سيناء وباقي العمليات التى وقعت خلال اليومين الماضيين في مختلف المناطق المصرية.
وأعلنت وزارة الصحة المصرية، أمس، مقتل 49 شخصا على الاقل خلال الساعات الـ24 الاخيرة، فيما اصيب 247 شخصا بجروح، فيما أكدت وزارة الداخلية من جهتها، عن توقيف 1079 شخصا على هامش المسيرات المؤيدة لمرسي.

أحمد علام

المصدر: السفير