300 قـتـيـل وجـريـح في سلسلة تفجيرات ببغداد
هزت بغداد سلسلة انفجارات، أدت إلى مقتل 72 شخصاً، وإصابة 217، في أكثر الأيام دموية منذ أشهر، وذلك بعد أيام من إكمال قوات الاحتلال الأميركي انسحابها «الكامل» الأحد الماضي ووسط أزمة سياسية غير مسبوقة تهدّد بانفراط العقد الحكومي، أجبرت رئيس البرلمان أسامة النجيفي على دعوة قادة الكتل البرلمانية إلى اجتماع طارئ اليوم بهدف «تدارك الوضع الأمني والسياسي».
واستفاق العراقيون على أعنف تفجيرات تستهدف البلاد منذ أشهر، أوقعت عشرات القتلى والجرحى في سلسلة هجمات هزت بغداد، قالت «رويترز» إنها وقعت في أحياء شيعية. وتأتي الهجمات في وقت تعيش البلاد على وقع أزمة سياسية حادة على خلفية إصدار مذكرة توقيف بحق نائب الرئيس طارق الهاشمي المتهم بـ«الإرهاب»، في تطور بات يهدّد التوافق السياسي الهش الذي تستند إليه الحكومة.
وقتل 72، وأصيب 217، في بغداد، التي تعرّضت إلى 16 انفجاراً بسيارات وعبوات، استهدفت 11 من أحياء بغداد. وقال مصدر في وزارة الداخلية إن «16 شخصاً قتلوا، وأصيب 34، في انفجار عبوتين استهدفتا مصنعاً في منطقة علاوي» وسط بغداد. وأضاف أن «انتحارياً يقود سيارة استهدف مبنى هيئة النزاهة في الكرادة ما أدى إلى مقتل 23، وإصابة 46 آخرين». كما قتل 24، وأصيب 103، في انفجار سيارات وعبوات في مناطق الاعظمية والشعلة وحي العامل وباب المعظم والدورة والغزالية وحي الأمين واليرموك والحارثية والبياع والعامرية. وليلاً قتل 5 أشخاص، وأصيب 14، بانفجار عبوة ثم سيارة قرب مقهى في جنوب غرب بغداد.
ووقعت الهجمات في وقت تكتظ فيه شوارع العاصمة بالمارة والسيارات، وتسببت بفوضى في شوارع المدينة التي كانت تجوبها سيارات الإسعاف من دون توقف. وأعلنت وزارة الصحة العراقية أنها «تستنفر مؤسساتها الصحية في بغداد بنسبة 100 في المئة لاستقبال ضحايا الانفجارات الإجرامية».
وفي بعقوبة شمال بغداد، قال مصدر في عمليات ديالى «قتل خمسة أفراد من عائلة واحدة بعدما اقتحم مسلحون منزل أحد قادة قوات الصحوة ويدعى عبد بركات راسم (54 عاماً) في قرية الهاشميات». وقتل جنديان عراقيان بإطلاق نار من مسلحين على نقطة تفتيش في حي القادسية في شرق الموصل.
وعلى ضوء هذه التفجيرات، قررت رئاسة البرلمان العراقي عقد اجتماع طارئ لقادة الكتل النيابية اليوم. وقالت، في بيان، إن الاجتماع يهدف إلى «تدارك الوضع الأمني والسياسي والتنسيق مع السلطة التنفيذية لمعالجة التطورات الحاصلة والوصول إلى حلول ناجعة».
وكان ائتلاف «العراقية» (82 نائباً من اصل 325) الذي يقوده رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي قرر مقاطعة جلسات البرلمان وجلسات الحكومة، التي دشنت عامها الثاني في الحكم. وقد هدّد رئس الوزراء نوري المالكي باستبدال الوزراء المنتمين الى ائتلاف «العراقية»، اذا واصلوا مقاطعة الحكومة، ملمحاً ايضاً الى امكان تشكيل حكومة «اغلبية سياسية».
وربط المالكي، في بيان، بين التفجيرات والتطورات السياسية، معتبراً أن «توقيت هذه الجرائم واختيار أماكنها يؤكد مرة أخرى لكل المشككين الطبيعة السياسية للأهداف التي يريد هؤلاء تحقيقها». وشدّد على أن «المجرمين ومن يقف وراءهم لن يستطيعوا تغيير مسار الأحداث والعملية السياسية».
ودعا المالكي، خلال لقائه رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال راي اوديرنو في بغداد، «إلى الإسراع في عملية تجهيز القوات العراقية بما تحتاجه من المعدات والآليات اللازمة لعملها». وأكد اوديرنو «استعداد بلاده للتعاون مع العراق في مجال تدريب وتجهيز وتسليح القوات العراقية».
وحمل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق مارتن كوبلر قيادات العراق كافة «مسؤولية أن تعمل بصورة عاجلة ومسؤولة ومتحدة للاضطلاع بمسؤولياتها من اجل إنهاء العنف».
وذكرت الرئاسة العراقية أن الرئيس جلال الطالباني بحث مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، في اتصال هاتفي، «مجمل القضايا الساخنة على الساحة العراقية، وأكد نائب الرئيس الأميركي أن الولايات المتحدة تثني على كل الجهود التي تبذل من قبل الطالباني من أجل جمع القوى السياسية العراقية لحل المشاكل من خلال الحوار الجدي ودياً».
ردود
وقال «حزب الله»، في بيان، إن «هذه التفجيرات الإرهابية تحمل في توقيتها وطريقة تنفيذها بصمة المجرمين الذين قاموا بها، والمحرّضين عليها، وعلى رأسهم الإدارة الأميركية التي تعمل على الانتقام من الشعب العراقي الذي منعها بصموده وبمقاومته من تحقيق هدفها في الهيمنة على العراق ومن خلاله على المنطقة كلها». ودعا «أبناء الشعب العراقي إلى تمتين وحدتهم وتعزيز صمودهم، من أجل تفويت الفرصة على المحتل وعملائه، وحرمانهم من تحقيق أهدافهم الإجرامية».
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية السورية، في بيان، «أدانت سوريا بأشدّ وأقسى العبارات الأعمال والتفجيرات الإرهابية التي هزت بغداد. تتقدم سوريا من العراق الشقيق حكومةً وشعباً بأحرّ التعازي بسقوط هؤلاء الشهداء الأبرار وتعبر عن تضامنها ومواساتها لعائلات الضحايا آملين أن يعمّ الأمان والاستقرار في ربوع العراق الشقيق».
ودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، في بيان، «جميع الأطراف العراقية، وفي مقدّمتها المشاركة في العملية السياسية الابتعاد عن المصالح الفئوية الضيقة والحرص على المصلحة الوطنية العليا للبلاد والابتعاد عن الخطوات التصعيدية والاحتكام إلى صوت العقل والمسؤولية الوطنية ومعالجة المشاكل في إطار المؤسسات الوطنية وعبر الحوار الوطني المسؤول». وحذر «من أي انتكاسة للعملية السياسية التي قطعت شوطاً مهماً في وضع العراق الجديد على خريطة الإصلاح السياسي الذي يتطلع إليه الشعب العراقي وترسيخ دعائم الديموقراطية على أساس المواطنة واحترام حقوق الإنسان وبناء دولة المؤسسات والحكم الرشيد».
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، في بيان، «في هذا الوقت العصيب تقف الولايات المتحدة مع العراق كشريك استراتيجي وصديق مقرّب. مثل هذه المحاولات لتعطيل تقدّم العراق، ستفشل». وأضاف «ما زلنا نحث زعماء العراق على العمل معاً على مواجهة التحديات المشتركة». وتابع «العراق سبق وأن عانى من مثل هذه الهجمات المروعة في الماضي، وأظهرت قواته الأمنية انها قادرة على الرد والحفاظ على الاستقرار».
ودعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون الحكومة وجميع الاحزاب السياسية العراقية الى بدء «حوار غير مشروط وصادق يؤدي الى تذليل الخلافات السياسية». وشددت على ان «الحرص على ان تكون الحكومة العراقية فعالة وغير مقيدة هو افضل وسيلة لمواجهة اعمال العنف». وقالت ان «الحوار السياسي ضروري أكثر من أي وقت مضى».
المصدر: السفير+ وكالات
إقرأ أيضاً:
إضافة تعليق جديد