14 آذار على خطى «أبو ابراهيم»: الابتزاز مجدداً
لم يكن ينقص أهالي المخطوفين التسعة في سوريا، بعد كل ما مر عليهم، سوى «تجّار» قوى 14 آذار. فجأة، قصد شاب طويل القامة مقر حملة «بدر الكبرى» في الضاحية الجنوبية. من أنت؟ سألوه هناك. أجابهم: أنا كريم الرفاعي، ممثّل المنظمات الشبابية والطلابية في قوى 14 آذار. استقبال الضيف واجب، فاستقبلوه. طلب عقد اجتماع مع عائلات المخطوفين، الذين يحتجزهم أبو ابراهيم، فكان له ذلك. تمنى على الأهالي أن تحمل 14 آذار قضيتهم، وأن يأتوا إلى وسط البلد (قال لهم داون تاون)، بجانب الخيم المنصوبة هناك، لإلقاء كلمات «وطنية»... إضافة (طبعاً) إلى زيارة الضريح. رفضت سبع عائلات التجاوب مع الطلب، وأكد أفرادها عدم رغبتهم في تسييس قضيتهم الإنسانية. الرفاعي لم ييأس. استطاع إقناع عائلتين. ليس أسهل من اللعب على عاطفة من له مخطوف. حدد الموعد، إنه يوم الثلاثاء (أمس) عند الساعة السادسة مساء. «الأخبار» كانت هناك. بداية المشهد، نساء وأطفال، يجلسون على درج المسجد، في الهواء البارد، ينتظرون أن يقودهم الشاب الطويل إلى الضريح. أدخلهم أخيراً، بعدما أعطاهم الورود ليضعوها على القبر. أحد مساعدي الرفاعي كان «معجوقاً» بالحدث. سألته «الأخبار» عن أسماء المخطوفين، فتبيّن أنه لا يعرفها. بعض أهالي المخطوفين كانوا «يُجلدون» أمس في «الداون تاون». كان من بين الحاضرين هناك، الناشط في قضية المخفيين قسراً من أيام الحرب الأهلية، غازي عاد. قال إن الدعوة وجهت إليه للحضور، فقبلها بشرط «عدم التسييس». بدا مرتاباً في نوايا المنظمين لهذه الخطوة. سألت «الأخبار» الرفاعي عن الغاية مما يفعل، فأجاب: «رأينا بعض الجهات تحاول سرقة قضية المخطوفين التسعة، فقررنا أن نعيدها إلى الخط الوطني». هكذا، يستخدم الرفاعي عبارات من العيار الثقيل... «الخط الوطني!». أكثر من ذلك، يريد من جمهور 14 آذار «أن يحمل هذه القضية». حسناً، أين أصبحت قضية المخطوفين؟ وهل ثمة مفاوضات سرية؟ يجيب الشاب، ذو البذلة الرسمية، الوحيد بين الواقفين: «بصراحة، لا نعرف هذه التفاصيل، ولكن سمعنا، كما سمع الجميع، أن هناك أخباراً جيدة وأن المخطوفين بخير». إنهم بخير إذاً. الرفاعي يؤكد الأمر. على الأهالي أن يطمئنوا الآن. تلك العبارة التي رددها الخاطف، أو من هو في الواجهة، أبو إبراهيم، منذ أشهر... «إنهم بخير».
ترى، هل تأتي هذه الخطوة رداً على تحرك الأهالي، قبل أيام، في وجه الأتراك والقطريين في لبنان؟ «كلا كلا، لا علاقة لتحركنا بهذا الأمر» يجيب الرفاعي. لكن أحد الحاضرين هناك همس قائلاً: «إنها رغبة عقاب صقر». إنه النائب الطائر مجدداً. اسمه تردد، أيضاً، من جانب الأهالي الذين رفضوا المشاركة مع 14 آذار. قريبة أحد المخطوفين قالت: «علمنا أن صقر هو من ضغط على الخاطفين، لكي يتصل بنا المخطوفون ويطلبوا منا التحرك أمام سفارتي سوريا وإيران، بعد حراكنا أمام السفارة القطرية، وقبلها أمام الأتراك». شقيق عباس شعيب، المخطوف بين التسعة، دانيال، قال لـ«الأخبار»: «اجتمع بنا الرفاعي ورفضنا طلبه، هذا ابتزاز دنيء لأوجاعنا، يريدون الآن استغلالنا». وأضاف: «إذا كان هذا ردهم على تحركنا، فلينتظروا إذاً المزيد من التحركات السلمية، وبوتيرة متصاعدة، في وجه القطريين والأتراك في لبنان». هكذا، يبدو أهالي المخطوفين، مرة جديدة، أنهم «يا وحدهم» في هذه الأزمة، في ظل مزيد من الابتزاز غير الأخلاقي لعواطفهم.
المفارقة أن اللقاء تضمّن كلمة لـ«السجين السابق في سوريا» علي أبو دهن. الأخير شتم النظام السوري، مراراً، من دون أن يتطرق بكلمة واحدة إلى خاطفي اللبنانيين التسعة، وهم من المعارضة المسلحة. ولمن لا يعرف، فأبو دهن كان عضواً في ميليشيا لحد المتعاملة مع إسرائيل، كما عمل لاحقاً في جهاز أمن القوات اللبنانية، قبل أن يعتقل أثناء وجوده في الشام بتهمة العمالة لإسرائيل.
محمد نزال
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد