وليمة لأعشاب البحر
برغم صعوبة السيطرة عليها، إلا ان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، باتت تعتمد وبشكل متزايد في عملياتها في الخارج على شركات أمنية خاصة تتميز بالمرونة والسرعة ولا تطرح كلفة سياسية على الحكومة الأميركية، كما هو الحال في العراق، حيث أصبحت هذه الشركات القوة المسلحة الثانية بعد الجيش الأميركي.
وفيما كانت هذه الشركات تهتم في الماضي بتأمين الحمامات والهواتف الخلوية والوجبات والمساكن للجنود الذين يقومون بمهمات في الخارج، أصبحت تقوم <الآن بأكثر من ذلك بكثير>، بحسب نائب رئيس شركة الاستشارات <بوز آلن هاملتون> مساعد وزير الدفاع السابق دوف زاكيم.
وتعنى هذه الشركات ومنها على سبيل المثال <بلاكووتر> اليوم، بحماية الشخصيات وتدريب القوات المسلحة المحلية وتامين الدعم اللوجستي والقيام بنشاطات استخباراتية. وتقول الأستاذة في جامعة جورج واشنطن ديبورا افانت، ان بعض هذه الشركات يعرض مجموعة من الخدمات، بينما يقدم بعضها الآخر خدمات متخصصة.
ويقول رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية مساعد وزير الدفاع السابق، جون هامري، ان هذه الاستعانة المتزايدة بالشركات الخاصة، نتجت بصورة رئيسية عن خفض عديد القوات الاميركية من 2.2 مليون جندي في العام ,1986 الى 1.3 مليون اليوم.
وفي العراق، توظف هذه الشركات عشرات الآلاف من الأجانب والعراقيين الذين تجتذبهم الرواتب المرتفعة، ما يجعل منها القوة المسلحة الثانية بعد الجيش الأميركي في هذا البلد. ويتعرض العاملون في هذه الشركات، مثل العسكريين، الى هجمات المسلحين. وقد ذكر موقع <كواليشن كاجولتيز> الذي يحصي الضحايا في العراق، مقتل 332 أجنبيا يعملون في شركات خاصة.
ويبدي هامري مخاوفه حيال أداء موظفي هذه الشركات حاليا في العراق قائلا <من جهة، يقدم المقاولون مساعدة ثمينة لا غنى عنها، ومن جهة اخرى يعتبرون خارجين عن السيطرة وخطيرين>. ويضيف <من الضروري وضع إطار> يمكّن من الاستعانة بهذه الشركات الخاصة بالشكل المناسب.
لكن نائب رئيس شركة <بلاكووتر> المسؤول السابق عن مكافحة الارهاب في وزارة الخارجية الاميركية، كوفر بلاك، يثني على أداء هذه الشركات، مشددا على سرعة تحركها وعلى نوعية خدماتها نسبة الى كلفتها. ويوضح <لدينا خبرة في العديد من المجالات>، معتبرا ان الاستعانة بهذه الشركات تسمح للقوات العسكرية بالانصراف الى مهام اكثر صعوبة.
من جهتها، تعتبر افانت ان هذه الشركات تتمتع بميزات كثيرة، في مقدمها قدرتها على التجاوب السريع ومرونتها وتخصصها، كما انها توظف العاملين فيها في جميع البلدان، خلافا للجيش الأميركي. غير ان أهم ما تقدمه هذه الشركات، هو انها لا تفرض كلفة سياسية على الحكومة مقارنة مع إرسال قوات عسكرية، إذ ان موظفيها يعتبرون متطوعين يسعون الى المكاسب المالية.
لكن هذه الميزات تقابلها مساوئ عديدة، أبرزها ان الشركات الخاصة قد تكون باهظة الكلفة إذا كان المطلوب نوعية رفيعة في مقابل مخاطر كبيرة. وتقول افانت حول هذا الموضوع <لا شيء يرغم المقاولين على البقاء حين يبدأ إطلاق النار>.
كذلك يطرح استخدام شركات خاصة، مشكلة الانسجام مع الجنود الأميركيين ومشكلة الغموض القانوني المحيط بها. وتوضح افانت ان <قوانين الحرب وضعت لجيوش تقليدية، وغالبا ما يكون الوضع القانوني لموظفي الشركات الأمنية الخاصة، غامضا>.
المصدر: أ ف ب
إضافة تعليق جديد