كلمة رئيس الحكومة في افتتاح معرض دمشق الدولي
برعاية الرئيس الأسد، افتتحت مساء فعاليات معرض دمشق الدولي بدورته الحادية والستين، تحت شعار «من دمشق.. إلى العالم»، وهي ثالث دورة خلال سنوات الحرب الإرهابية على سورية، إذ عقدت الدورة 59 في العام 2017.
واستهل رئيس مجلس الوزراء كلمته الافتتاحية بالقول «عاماً بعد عام يحلو اللقاء بكم في ربوع عاصمة الياسمين، عاصمة المقاومة، عاصمة السلام التي ظلت أبوابها مشرعةً لكل محب للسلام والوئام، حتى في أحلك لحظات الحرب، التي شنت على أبنائها ومعاملها وحقولها ومدنها».
وأضاف «تزهو دمشق اليوم بكم، وبحضوركم ومشاركتكم في معرضها الدولي، زهوها بانتصارات قواتها المسلحة الباسلة، التي صانت بتضحياتها وبطولاتها الأسطورية قروناً من الحضارات المتعاقبة، وعقوداً من العزة والفخار، ويشرفني أن أنقل لكم محبة السيد الرئيس بشار الأسد وترحيبه الكبير بضيوف سورية، وتقديره العميق للجهود التي بذلت على مدار الأشهر الماضية لانعقاد هذه الدورة بالصورة التي تليق بانتصارات سورية وجيشها».
وتابع رئيس مجلس الوزراء القول «إن مفخرتنا اليوم في سورية بعد نحو تسع سنوات حرب شرسة وقاسية هي في تضحيات قواتنا المسلحة وانتصاراتها المجيدة، التي بفضلها حرر تراب معظم مناطق البلاد من براثن الإرهاب والفكر التكفيري، وها هي اليوم قواتنا الباسلة تخوض بمزيد من العزيمة والإيمان بالنصر معركة تحرير محافظة إدلب، التي حولها التحالف الأميركي التركي إلى ملجأ لكل إرهابيي العالم، ومأوًى لكل تنظيم تكفيري، أسس ومول ودرب على أيدي استخبارات بعض الدول الغربية والإقليمية بغية زعزعة استقرار المنطقة وتحويل دولها إلى مجرد محميات تتقاسم الدول الغربية ثرواتها وخيراتها، وتجبرها على تمرير مشروعات وصفقات تنال من حقوق الأمة العربية وأراضيها، وقد كان ذلك جلياً منذ شرارة الأيام الأولى للحرب، إلا أن إيماننا في سورية بالنصر على الإرهاب لم يهتز لحظةً واحدةً، فإن كان هذا الإرهاب قد نجح في سرقة معمل هنا أو تدمير منشأة هناك، فإنه لم ينجح في سرقة الأمل منا، وإن كان قد صدم شعوب العالم ببشاعة جرائمه ومجازره، فإن العالم تعلم منا أيضاً معنى الحياة والثبات، وإن كان قد جهز آلاف الانتحاريين لجرائمه، فإن الخوف لم يعرف طريقه يوماً إلى قلوبنا».
ولفت رئيس مجلس الوزراء خلال كلمته إلى أن الحرب التي تعرضت لها بلادنا لم تكن ذات طابع عسكري وسياسي فحسب، بل كانت في جانب مهم منها حرباً إرهابيةً اقتصاديةً، جسدتها عمليات التخريب والتدمير الممنهجة للمنشآت والمعامل والممتلكات العامة والخاصة وعمليات النهب والسرقة للموارد والثروات الطبيعية، وجسدتها كذلك العقوبات الاقتصادية الخارجية الظالمة التي ترقى إلى مستوى الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية.
وأضاف «لولا وجود اقتصاد قوي متنوع مبني على تعددية واسعة وتكاملية، ولولا وجود مؤسسات عامة وخاصة، إنتاجية وخدمية متماسكة وراسخة بانتمائها الوطني، ولولا وجود كفاءات وخبرات بقيت على عهدها وإخلاصها لهذا البلد؛ لما تمكنا من الصمود وتجاوز كل ما حيك ويحاك علانيةً وسراً ضد لقمة عيش المواطن السوري وثروات وموارد وطنه وضد ذاكرة حضارية منقطعة النظير».
وتابع القول «من هنا، فإن مواجهة سورية للحرب التي فرضت عليها لم تكن هي الأخرى ذات طابع عسكري وسياسي فحسب، فإلى جانب قواتنا المسلحة وتضحياتها السامية كان عمالنا وفلاحونا في معاملهم وحقولهم حاضرين بإنتاجهم الذي دفع البعض حياته ثمناً لاستمراره، وما معرض دمشق الدولي بأجنحته ومشاركيه إلا أحد تجليات الصمود الاقتصادي المذهل للشعب السوري، صمودٌ بنى السيد الرئيس بشار الأسد إستراتيجيته على ثلاث ركائز رئيسية».
تضمنت الركيزة الأولى العمل على تأمين احتياجات شعبنا الأساسية من سلع وخدمات وضمان توفرها في الأسواق المحلية، سواءً عبر إعادة دوران عجلة الإنتاج المحلي للمنشآت بمختلف قطاعاتها وأشكالها، وقد قطعت الحكومة شوطاً كبيراً في هذا الشأن أو من خلال استيراد ما لا ينتج محلياً، وما يتطلبه ذلك من جهود خاصة في ظل العقوبات الغربية الجائرة المفروضة على سورية منذ الأيام الأولى للحرب.
وكان هناك توجيهات كريمة من الرئيس الأسد بألا تغيب أي خدمة من الخدمات التي تقدمها الدولة خلال هذه الحرب، وبذلك كان هناك عناوين مهمة، فالخدمات لم تغب عن عملها وكانت موجودة في المناطق كافة التي تعرضت للإرهاب وفي المناطق الآمنة أيضاً وهناك أمثلة كثيرة عن هذا الموضوع.
الإرهابيون كانوا يدمرون محطات الكهرباء والعاملون كانوا يعيدونها للعمل بين ليلة وضحاها، وهناك محطات دمرت بالكامل لكن تم توفير محطات بديلة في سبيل استمرار الخدمات، كما دمر الإرهابيون السكك الحديدية التي تعتبر الشريان الأساسي للاقتصاد السوري وتم توفير البدائل خلال أيام لنقل النفط إلى محطات توليد الكهرباء وآليات
لنقل الخدمات لكل متطلبات الحياة اليومية.. وعشرات المشاريع لم تتوقف على مدى سنوات من الحرب وهناك مشاريع استمرت وأعيد بناؤها كمحطات توليد الكهرباء والمنشآت والمشافي والمعامل.
أما الركيزة الثانية، فكانت في مواكبة انتصارات قواتنا المسلحة لإعادة الحياة بمختلف أشكالها وألوانها إلى المناطق المحررة عبر إصلاح بناها التحتية ومرافقها الخدمية، انطلاقاً من التزام الدولة بواجباتها ومسؤولياتها تجاه كل مواطن سوري، وهذا ما أثمر لاحقاً عن عودة الملايين من المهجرين إلى مناطقهم وأعمالهم.
وأضاف رئيس مجلس الوزراء «ولا تقل الركيزة الثالثة أهمية عن الركيزتين السابقتين، فما ينتظر البلاد في مرحلة ما بعد الحرب قد يكون أخطر مما واجهته خلال سنوات الحرب، ولذلك لابد من الاستعداد لتلك المرحلة لأن الخيار الوحيد المتاح أمامنا كسوريين هو وأد الموت واستيلاد الحياة والنجاح والنجاح فقط. من هنا فإن الحكومة عملت خلال الفترة الماضية على ملفات عديدة من شأنها توفير الأرضية المناسبة لتلك المرحلة، التي بدأت فعلاً مع تنفيذ مئات المشروعات التنموية في مختلف المحافظات، وإعادة هيكلة دور مؤسسات الدولة، بما يصون ويرسخ انتصارات قواتنا المسلحة ويحقق التطلعات المستقبلية المشروعة لشعبنا العظيم».
وأكد أن «هاجس سورية منذ الدورة الأولى لمعرض دمشق الدولي قبل نحو خمسة وستين عاماً كان تعزيز مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري بين مختلف دول المنطقة والعالم، وفتح آفاق جديدة لتبادل الخبرات والمعارف ونشر ثقافات الشعوب وفنونها، واليوم يعود معرض دمشق الدولي ليكمل من جديد رسالته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية، وليكون صلة الوصل بين الشرق والغرب، وجسراً للتبادل التجاري والتعاون الاستثماري والثقافي بين الشعوب الحرة، ومنصةً لتعاون اقتصادي إقليمي ودولي يحفظ للشعوب ثرواتها ومواردها، ويعزز من علاقاتها التجارية والاستثمارية البينية».
وأضاف «هكذا كان المعرض منذ نشأته، وهكذا سيكون اليوم والغد انطلاقاً من القناعة السورية القائمة على أن أي محاولة لوضع حد للأطماع الخارجية ومواجهة المشروعات المشبوهة في بلادنا تتطلب كما في السابق بناء شبكة واسعة من العلاقات الاقتصادية التي تخدم مصالح شعوب المنطقة والعالم، وتصون مستقبل أبنائها وأوطانها، لذلك فإننا في سورية نرحب بكل مشروع للتعاون الاقتصادي، ثنائياً كان أم جماعياً، خاصةً أن سورية تزخر حالياً وهي تتحضر لمرحلة إعادة الإعمار والبناء؛ بفرص استثمارية مغرية تدعمها جهودٌ حكوميةٌ مكثفةٌ لتوفير بيئة تشريعية وإدارية محفزة ومشجعة للاستثمار المحلي والأجنبي، ونأمل أن يشكل معرض دمشق الدولي فرصةً للمشاركين والضيوف للاطلاع على تلك الفرص وتطورات المناخ الاستثماري، وما دامت سورية كانت البيت الثاني لكل منكم، فإنها اليوم تمد يدها إليكم مرحبةً بحضوركم ومشاركتكم في دورة معرض دمشق الدولي لهذا العام، متمنيةً لكم طيب الإقامة والسرور، وتدعوكم إلى زيارتها دوماً».
وختم رئيس مجلس الوزراء كلمته بتوجيه بالشكر الجزيل إلى كل من أسهم، أفراداً ومؤسسات؛ في الإعداد والتحضير لدورة هذا العام، متمنياً للجميع دوام التوفيق والنجاح لما فيه خير سورية ورفعتها، وقال «كما بدأت كلمتي أنهيها متوجهاً بكل التحية والتقدير إلى قواتنا المسلحة الباسلة لبيض صنائعها وجليل تضحياتها، وإلى شهدائنا العظام مشاعل النور والحياة، معاهدين إياهم أن نصون ما ضحوا من أجله، وإلى جرحانا الأبطال، حراس فجرنا، اليوم وغداً، مؤكدين لهم أننا معهم وبجانبهم في كل لحظة، وكلنا يقينٌ أن دورة العام القادم ستعقد وعلمنا الغالي يرفرف فوق كل ذرة تراب من أرضنا الطاهرة المطهرة بفضل حكمة وحنكة قيادة سيد الوطن الرئيس بشار الأسد، وقبل عام وعدنا الجيش بتحرير إدلب وها هو يفي بوعده ويحرر جزءاً منها وسيستمر بتحريرها بالكامل، وهذه رسالتنا الإنسانية الحضارية من دمشق إلى العالم».
بدوره، أشار مدير المؤسسة العامة للمعارض والأسواق الدولية غسان فاكياني في كلمة له خلال الافتتاح، إلى أن مساحات العرض في المعرض لهذا العام تجاوزت مئة ألف متر مربع بمشاركة 38 دولة عربية وأجنبية، وألف وسبعمئة شركة، وهي أكبر مساحة في تاريخ المعرض، معرباً عن أمله بأن تحقق هذه الدورة من المعرض الأهداف المرجوة في زيادة تبادل المنتجات وإبرام العقود والصفقات، والاطلاع على الصناعة السورية مع دخول الاقتصاد السوري مرحلة التعافي، وأيضاً التعرف إلى الفرص الاستثمارية الموجودة في سورية.
الوطن
إضافة تعليق جديد