كتاب عن الإسلام والديمقراطية والعولمة
صدر للباحث المصري المتميز د. نبيل عبد الفتاح كتاب عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان تحت عنوان الاسلام والديموقراطية والعولمة "متضمناً خمسة فصول: الفصل الاول عن الاسلام والديموقراطية والعولمة – الحالة المصرية. الفصل الثاني عن القانون الفرنسي لحظر الرموز الدينية. الفصل الثالث عن الدولة والدين والاصلاح الدستوري. والفصل الاخير عن الازمات الطائفية في مصر.
جاء في مقدمة الكتاب:
"تشكل عمليات العولمة جزءاً من التحولات الموضوعية في عالمنا في مجالات عدة في ثورة التقنيات، والثورة الصناعية الثالثة وما بعدها، وتزاوج ثورة المعلومات والوسائط المتعددة مع الاتصالات والمرئيات.
ثمة انهيار للحدود، والمكان، وبروز الاسواق المعلومة، في مجالات الاديان والمذاهب والقيم والسياسة والثقافة، وثمة تداخلات بين الاسواق مع التمايز في ما بينها. وفي مجال الاديان ثمة اسواق للتنافس، والصراع والتعاون بين الاديان السماوية – ومذاهبها على اختلافها – وايضاً الاديان الوضعية، أو كريم المعتقدات – وفق التعبير الدستوري والقانوني السوداني – وهو الأمر الذي لا يزال يحتاج الى رصد، وتحيل سوسيو-ديني وسوسيو-سياسي، وسوسيو-ثقافي، لمتغيرات واحد من أبرز الاسواق العولمية.
ثمة دور بارز للاسلام العقيدة والقيم والثقافة ونظام الحياة في ديناميات السوق العولمي للأديان، في إطار الأديان الاخرى، ومؤسساتها وخطاباتها وآلياتها، ونزاعاتها العديدة.
الإسلام وجماعاته الاسلامية السياسية، اصبح جزءاً لا يتجزأ من ظواهر المد العولمي، وصراعات السياسة والثقافة والقيم، ولا سيما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والكتلة الماركسية والتي دارت في دوائره.
ثمة حضور طاغ للاسلام في الخطابات السياسية، والصراعات الرمزية في عالمنا المعولم، وخاصة بعد تحولات تنظيم "القاعدة"، والتغير في اهدافها واولوياتها السياسية بعد خروج الاتحاد السوفياتي من افغانستان، وبروز مناطق أخرى لحركتها في منطقة البلقان، والشيشان، وبروز مناطق تركز جديدة، لخلايا نائمة في اوروبا والولايات المتحدة. في هذا السياق من المتغيرات بعد نهاية الحرب الباردة، شكلت مجموعة من الحوادث العنيفة ونتائجها، نقطة تحول في مناطق عمل تنظيم القاعدة، كان على رأسها احداث 11 ايلول 2001، وما بعدها في مناطق عدة من عالمنا بما فيها الشرق الاوسط. شكلت وقائع العنف العولمي للقاعدة في الولايات المتحدة ومناطق اخرى على الخريطة السياسية للعالم المعولم محوراً لتغيرات عدة، ولا سيما بعد الاحتلال الاميركي – البريطاني وقوات التحالف الدولي للعراق، وانهيار نظامه السياسي السابق.
ثمة عولمة لجماعات الاسلام السياسي، وحركتها، ومواجهات عسكرية وامنية عولمية من الامبراطورية العولمية الاميركية، ودول التحالف الدولي، واخرى عديدة في هذا المجال لاعتبارات تتعلق بالأمن. برزت رؤى، واستراتيجيات سياسية ترمي الى تجفيف منابع الارهاب، والحركات الاسلامية السياسية الراديكالية في الشرق الاوسط، و جنوب شرق آسيا – بعد احداث بالي تحديداً وما بعد – ترمي الى اصلاح النظم السياسية والاقليمية في الدول العربية، وذلك عبر دمقرطة النظم السلطوية والاستبدادية من ناحية، وعبر السعي الى دمج الجماعات الاسلامية السياسية المعتدلة في اللعبة السياسية وأطرها ومؤسساتها الدستورية والقانونية.
من هنا برزت اسئلة وإشكاليات في بعض الخطابات الغربية الاستشراقية، والرسمية والاعلامية، حول إمكان دمقرطة المنظمات الاسلامية السياسية، والعلاقة بين الاسلام والديموقراطية، وكانت الاجابات المطروحة ما بين رؤى رافضة على أسس ايديولوجية، واخرى ترى إمكانية الدمج السياسي للجماعات الاسلامية ومنظماتها، على النمط التركي!
هذا الكتاب ينطوي على عدد من القضايا والاشكاليات في فصوله على اختلافها، والتي يجمع بينها التحولات الموضوعية للعولمة، وانعكاساتها على الاسلام السياسي وجماعاته، ولا سيما ان الثورة الديموقراطية نجحت في اقاليم عدة من العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، والدول الماركسية التي انتقلت الى اقتصاد السوق، وتبني الليبرالية السياسية ونظمها الدستورية والقانونية. بينما توجد اعاقات بنائية وسلطوية تواجه التحول الديموقراطي في الشرق الاوسط بحيث تبدو دوله ومجتمعاته وكأنها تشكل حالة استثنائية مستعصية على التطور الديموقراطي.
ان ظواهر ووقائع الصراع بين الامبراطورية العولمية الاميركية، وبين بعض الجماعات الاسلامية السياسية، ومواقف بعض الدوائر، والادارات السياسية، والاعلامية في الغرب، ومناطق اخرى ازاء الارهاب تدمج بين الجماعات الاسلامية الراديكالية كالقاعدة، وسواها، وغيرها من المنظمات الاسلامية السياسية، وبين الاسلام الديانة العظيمة والقيم والثقافة، وبين الارهاب. من هنا اخترت هذا العنوان للكتاب كتعبير عن سطوة رؤى وسياسات الامبراطورية العولمية الاميركية واستراتيجياتها في مواجهة جماعات سياسية اسلامية تمارس انشطتها العنيفة والراديكالية تفسيرات اسلامية تبرز في خطابها الذي يستند الى مدارس في الفقه واصوله تسوغ من خلالها شرعية ما تطرح من رؤى فقهية سياسية، بشرية الاهداف والمصالح. نحن إزاء صراع سياسي، وأمني ورمزي، وفي الأفكار بين مركز مهيمن على عالمنا المعلوم، وقوى تتمرد على الامبراطورية العولمية، - إذا جاز هذا التعبير وساغ – ومن ثم نحن ازاء صراعات رؤى واستراتيجيات ومصالح.. الخ ناهيك عن تجليات هذا الصراع في السياسة، والدين، والافكار، والأهم انعكاساته في ظواهر ووقائع سياسية وثقافية واجتماعية، حيث يستخدم التفسير والتأويل الديني خلالها بقوة، وفي ذات الوقت يوظف السياسي والرمزي من خلال بعض الظواهر بكثافة بارزة كما سنرى في ثنايا الكتاب".
إضافة تعليق جديد