فضائيات تستعين بالمشعوذين اعتماداً على غباء الجمهور
ما زالت قناة كنوز الفضائية تبتكر الطريقة تلو الاخرى لجذب أكبر عدد من جمهور البسطاء الذين يؤمنون بأي شيء إلا العقل والمنطق, فبعد أن عمدت الى علاج جمهورها (الذي حكمت على كل من يتصل منه بالقناة بأنه مريض) عن طريق اعشاب سحرية وأشلاء حيوانات نادرة لا تتوفر إلا عند النصابين الذين تستضيفهم, ولكن فيما يبدو أن بعض العطارين قد استغل هذه البرامج وراح من خلف ظهر أصحاب القناة يتاجر بما تسوق له القناة من أعشاب سحرية وأشلاء حيوانات نادرة, فشعر القائمون على القناة بالغبن وراحوا يطورون ادواتهم فابتكروا برامج تعتمد مبدأ بسيطا لا يحتاج الى اعشاب ولا من يحزنون.
الفكرة ببساطة هي استضافة مشعوذ لباسه ومظهره يحاكي مظهر رجال الدين, فيتصل أي شخص بالمشعوذ على الهواء ليخبره بأنه مريض إما عضويا, أو أن مساً شيطانيا قد اصابه فيعطيه وصفة من بعض التماتم التي يحفظها, وبعض الآيات القرآنية التي لا يجيد حتى قراءتها, وعندما يلمس أن شخصا لديه استعداد لدفع مبالغ اكثر من ثمن المكالمة, يطلب منه أن ينسق مع الكونترول لعقد صفقة معه (تحت الهوا) من أجل علاجه مما ألم به, ولكن حتى هذه الفكرة يبدو أنها راقت لبعض تجار الاعلام الفضائي فأخذت تتكاثر على الفضائيات المختصة ببرامج الشعوذة وراحت تنافس قناة كنوز (كقناة شهرزاد.. وغيرها) فعمدت أخيرا الى ابتكار برنامج شعوذة عصري, يتناغم مع تطورات العصر, ويؤدي الغاية التي وضع من أجلها (الربح المادي) فقد اصبح بإمكانك عزيزي المتابع لقناة كنوز أن تطرد جميع الشياطين التي تعكر حياتك, وأن تشفى من جميع امراضك دون حجب ولا تماتم تقرؤها أنت أو يقرؤها لك المشعوذ, فإن كنت تشكو من أي مرض أو مس شيطاني فما عليك إلا أن تتصل بقناة كنوز وتعطي اسمك واسم أمك, للمشعوذ العصري (الشيخ باسم) الذي يقوم بتأليف أغنية لازمتها اسمك واسم أمك يمتعك بها على الهواء مباشرة, وكلماتها هي عبارة عن حجاب مقفى يطلب فيه من الجان أن تقلع عن المساس بلسانك وأنفك وأذنيك وعينيك وكل جزء من جسمك, ومع أن الاغنية التي يغنيها المشعوذ لا تطرب أحدا الا أنه من المؤكد أن للجان ذوقهم الخاص, وبما أن التطور في مجال الشعوذة والاحتيال يتسارع بهذه القوة فإننا لن نستغرب أبدا من تلك القنوات والقنوات التي ستفتتح لاحقا بأن تتحفنا بحجابات لفك السحر على شكل فيديو كليب كي يستمتع المريض أثناء فترة علاجه بحجاب على شكل أغنية مع كليب لا نستبعد أن يكون عبارة عن شياطين تتقهقر أمام جبروت المشعوذ.
كما أننا لن نستغرب ظهور فضائيات أخرى منها ما يختص بتعليم النصب والاحتيال وأخرى تختص بتعليم سرقة المنازل وثالثة بسرقة السيارات ورابعة بتبييض الاموال وخامسة وسادسة .. الخ.
فهل من قانون يستطيع أن يوقف هذه المهازل أم أن تلك الفضائيات التي تنتشر كالفطر السام على شاشاتنا والتي تعمل بكل شيء إلا الاعلام, ستبقى وستتمكن من اعادتنا الى عصر السندباد وألف ليلة وليلة.">وليلة.
عبسي سميسم
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد