شركات تحويل أموال تتاجر بالحوالات وتسرق المواطن باسم الدولار وحجة الإنترنت
شهدت شركات حوالات الأموال في دمشق تحولاً ملحوظاً في عملها وانخفاض مستوى أدائها في تسليم الحوالات للناس وقلة عدد المكاتب العاملة إلى درجة الاحتكار الفج، ما أدى لتراكم الحوالات وازدحام الناس على أبواب مكاتب الشركة حتى باتوا يصطفون في طوابير طويلة، وبدأت هذه المعاناة من الفترة التي سبقت عيد الأضحى ولا تزال مستمرة حتى الآن ولا يتوقع لها أن تنحسر في الفترة القريبة.
توجهنا إلى عدة مكاتب في دمشق واستمعت لمعاناة المواطنين بسبب هذه الأزمة الخانقة، والتي فرضت عليهم أن ينتظروا بالساعات الطويلة على أمل الوصول إلى شباك الموظف المسؤول عن تسليم الحوالة، واتفق أغلب المواطنين على أن انتظارهم بلا طائل. ليعود كل منهم إلى بيته بخفي حنين، ليباشر في صباح اليوم التالي محاولته المحمومة لاستلام حوالته المنشودة، والتي تأمل استلامها قبل العيد لكي يتسنى له التحضير لهذه المناسبة، ولكن شركة الحوالات الوحيدة العاملة حالياً في دمشق كان لها رأي أخر، فأعلنت إيقاف الدوام والبدء بعطلة العيد منذ يوم الوقفة والتي استمرت لما بعد العيد بيومين، بحجة انقطاع خدمة الإنترنت كما قيل للمواطنين الذين أجمعوا بلا تردد على أن هذه الحجة ما هي إلا تهرب من الشركة ليتسنى لها كما قالوا «الاستفادة من فوائد الأموال وتشغليها ثم تسليم الحوالات لأصحابها، وخصوصاً أن المبالغ التي حولت من دول العالم إلى سورية هي مبالغ طائلة وعائدية فوائدها ستكون كبيرة»، ليذهب بعضهم إلى اتهام الشركة بسرقتهم مستغلة تفردها بسوق الحوالات بعد إغلاق السلطات عدة مكاتب وعزوف مكاتب أخرى عن الاستمرار في تقديم هذه الخدمة.
ولا يتوقف الأمر عند شكوى التاجر من تأخر الشركة في تسليم الحوالة وتعطيل أعماله وتجارته، بل يذهب إلى الشريحة الواسعة والمتمثلة بمن ينتظر حوالة بسيطة لا تتعدى العشرة الآلاف طلبها من قريب أو صديق له في بلاد الاغتراب لتعينه على قضاء حوائج العيد، وعند هذا الحد يظهر بوضوح انعكاس تأخير الشركة في تسليم الحوالات على واقع السوق المحلي، لأن هذه الأموال كانت ستصب في السوق المحلي في الفترة التي تشهد عمليات بيع وشراء بكثافة وهي فترة ما قبل العيد وسينتج عنها دائرة مال تعود بالفائدة على الوطن والمواطن.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، أين باقي شركات الحوالات التي كانت تعمل في الفترة السابقة؟ وما الفائدة التي عادت على جيب الحكومة من توقف هذه الشركات دون ترميم النقص ومعالجة الاختناقات؟ وخصوصاً أن العاصمة تشهد اختناقاً سكاني لا تغطيه شركة واحدة لا تملك إلا عدة مكاتب لا تكفي لسداد الاختناق الحاصل.
وفي هذا السياق قال الدكتور وائل حبش: إن قيام شركة الحوالات بتجميد الأموال المحولة للاستفادة من فائدتها وتشغليها هو إجراء غير قانوني ولكنه وارد، حيث تقوم الشركة بالتباطؤ بتسليم الحوالة وخصوصاً عندما يكون مبلغ عمولة التحويل صغيراً، ومن المعروف أيضاً قيام العديد من البنوك الخاصة بمثل هذا الإجراء مستغلة عدم وجود رقابة ومتابعة من العميل على عملها.
وأضاف حبش: إن الحال يتمثل في احتكار شركة لهذه الخدمة لأنها الوحيدة المتعاقدة حالياً مع الشركات العالمية المعروفة مثل (ويستر يونيون) بعد أن تم إيقاف عدة شركات نتيجة قيامها بمخالفة قوانين وتعليمات مصرف سورية المركزي، وعليه فإن الشركة لا تجد منافساً لها في السوق وبالتالي يؤدي الاحتكار إلى انخفاض جودة الخدمة.
ولفت حبش إلى أن المواطن من حقه التوجه إلى المصرف المركزي وتقديم شكوى بحق الشركة وهناك لجنة خاصة بمتابعة شركات تحويل الأموال معنية بمتابعة هذه الشكاوى، ولأن الشركة محتكرة للخدمة في السوق يجد المواطن نفسه مجبراً على السكوت كي لا يتم إغلاق الشركة على مبدأ (ما هو المضر والأشد ضرراً).
وأشار حبش إلى أن دور المصرف المركزي في هذه الحالة يقوم على تحفيز شركات أخرى للتعاقد مع شركة التحويل العالمية لخلق تنافسية تقديم الخدمة في السوق، ما ينعكس بالفائدة على الجميع، وخصوصاً أن هذه الحوالات يتم تسليمها بالليرة السورية وهو عامل دعم مهم للاقتصاد الوطني، لأن الحوالات المالية هي من أهم العائدات.
علي محمود سليمان
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد