سياسات المركزي الأوربي تشكل توقعات السوق
إن أبرز الأحداث هذا الأسبوع كان بلا شك بيان رئيس البنك المركزي الأوروبي تريشه و لقائه الصحافي عقب صدور قرار بنك أوروبا المركزي حول الفائدة، الذي جاء طبقا للتوقعات بإبقاء هذه الأخيرة على ماهي عليه حاليا بنسبة 2.50%. قبل أن نتطرق لهذا الحدث و آثاره على السوق نبدأ هذا المقال بعرض مختصر لأهم الأحداث التي سبقته.
هذا الأسبوع بدأ و الدولار يحظى بنبرة قوية أمام أغلب العملات الرئيسية، إن بيان تانكان الضعيف الذي صدر على رأس الأسبوع ممزوجا بالمضاربات حول تدفق الرساميل اليابانية إلى الخارج على بداية السنة المالية الجديدة زاد الدولار دعما. لكن سرعان ما تقلبت الأوضاع بعد إنتشار إشاعات عن أحد أعضاء الحكومة الصينية بأنه إقترح تخفيض حصة الأموال الأمريكية من ممتلكات الصين و توسيع نطاق سعر الصرف. كما ساهم إرتفاع مؤشر ال-"بي أم أي" قبيل انعقاد مجلس البنك المركزي الأوروبي حول الفائدة في زيادة الظغط على الدولار و دعم اليورو. و هكذا وجدت البيانات الأتي ذكرها أرضا خصبا تنتعش فيها، فبعد أن أصدرت وكالة الأخبار "أم أن أس أي" تقريرا عن أوساط مطلعة لم تسميها مفادها أن أغلب أعضاء مجلس البنك المركزي الأوروبي مقتنعون بأن الإقتصاد الأوروبي لن يتضرر من رفع أخر للفائدة و أن البنك المركزي الأوروبي بإتجاه خطوة مقبلة لرفع هذه الأخيرة في شهر مايو. في نفس الوقت انتشرت من جديد أخبار أشعلت المضاربات حول عملية إعادة هيكلة إحتياطي العملات الأجنبية لبنوك مركزية عربية في منطقة الخليج. بعد تصريحات رئيس البنك المركزي للإمارات المتحدة العربية الأسبوع الماضي عن نيته في تغيير تشكيلة إحتياطي بنكه من العملات الأجنبية، عقب بعض رؤساء البنوك المركزية العربية في ملتقى لهم بأبي ضبي عن إستراتيجية إحتياطاتهم، فأدلى رئيس المكزي القطري بأن بنكه يفكر في رفع حصة اليورو من إحتياطه إلى حد أقصى يبلغ 40% . هذه التعليقات التي تركت مجالا واسعا للتأويل في أسواق العملة، و بالتالي أرسلت باليورو من محيط ال-1.21 إلى قمة 1.23 و أعلى مع بداية الأسبوع. الدولار ين تحرك في الغالب من جنب إلى جنب في نطاق 117.50 إلى 118.00، بينما بلغ اليورو ين قمته على 144.88. لقد أخذ تطور أسواق العملة مسارا جديدا بعد لقاء تريشه الصحافي الذي أحدث إنقلابا في السوق عندما سكب هذا الأخير الماء البارد على نارالتوقعات والمضاربات حول نية البنك المركزي الأوروبي لرفع الفائدة في خطوة مقبلة بشهر مايو المقبل. لقد وضح تريشه بأن قرار البنك المركزي حول رفع الفائدة يعتمد على تقديرات إتجاه الإقتصاد بالمدى المتوسط إلى الطويل و ليس على عدد عدد قليل متناثر من البيانات الشهرية أو الربع سنوية. و لكنه لم يترك مجالا للشك بأن البنك المركزي الأوروبي سيستمر بسياسة رفع الفائدة في الوضع الإقتصادي الراهن. المركزي الأوروبي يرى أيضا بأن مخاطر النمو يجب أن تكون في حالة إتزان خاصة وأن النمو قريب من الجهد الكامن فيه. فيما يخص التضخم لا يزال المركزي يرى مخاطرالجانب الأعلى بسبب إرتفاع أسعار الطاقة و قوة النمو المالي و القرضي. تريشة أشار بوضوح إلى خطوة رفع مقبلة للفائدة في شهر جوان كما عبر بأن المركزي ستكون لديه حينئذ معلومات واسعة و تقديرات جديدة حول نمو الإقتصاد. هذه التعقيبات من رئيس البنك المركزي الأوروبي كان لها أثر كبير على السوق في تخفيض توقعاتها حول خطواته في رفع الفائدة بعد أن كان الإعتبار على أن نسبة الفائدة ستبلغ بالتأكيد 3.25% مع نهاية العام. اليورو دولار الذي ربح في الميدان بسبب توقعات السوق حول إنخفاض سريع في الفرق بين الفائدتين في الولايات المتحدة و أوروبا تراجع و نزل تحت علامة ال-1.22. الأسبوع لم ينتهي مع هذا التراجع فنهايته شهدت تحركا كبيرا و دعما للدولار زاد من حدة الخناق على اليورو. بعد بيانات سوق العمل الممزوجة لم تعرف السوق في البداية كيف تتفاعل معها لأنها كانت بإنتظار بيانات واضحة فلم تجد مخرجا غير بيع الدولار. هذا الأخير تمكن من استرجاع بعض مكاسبه عقب عمليات جني الفوائد ثم استفاد مع انقضاء مدة أبشيونات ساهمت في تزحلق اليورو إلى محيط 1.21 . عملية دعم الدولار لم تتوقف عند هذا الحد بل تجاوزته بعد تصريحات عضو مجلس الفيدرالي بولي بأن الفائدة على 5.25% تعتبر على ضوء معرفته نسبة معقولة ليختم اليورو دولارالأسبوع على عمق 1.2092. وهكذا تغيرت نظرة السوق من حيث سرعة خطوات رفع الفائدة من اليورو إلى الدولار. نحن نعتقد بأن القوة الرئيسية التي دفعت باليورو إلى القمة خلال الأسابيع الماضية تكمن في توقعات السوق بأن البنك المركزي الأوروبي سيكون رد فعله على البيانات الإقتصادية الإيجابية هجوميا و لو نسبيا. و لكنه الأن و بعد أن أصبح شهر جوان هو المؤهل لرفع الفائدة كبحت تخمينات السوق فيه. الوضع برأينا سيرتاح بعض الشيء، خاصة و أنه من المستبعد أن تكون المعطيات الإقتصادية الأوروبية بنفس القوة و الإيجابية التي تقترحها مؤشرات الشعور الإقتصادي. نحن أيضا نعتقد بأن توقعات رفع الفائدة في منطقة اليورو وراء عملية النقاش حول إعادة تشكيل إحتياطي العملات الأجنبية لبعض البنوك المركزية. من الممكن أن تقل جاذبية اليورو في حالة تباطىء خطوات رفع الفائدة خاصة مع بقاء نسبة الفائدة بالولايات المتحدة على مستوى أعلى بكثير من مستوى منطقة اليورو أو اليابان. لكن اليورو ستدعمه جهود الولايات المتحدة في تخفيض قيمة الدولار أمام العملات الأسيوية و خاصة منها العملة الصينية.زيادة على ذلك لا ننسى أن الأسبوع المقبل يحتوي على كثير من الشكوك و المخاطر للدولار خاصة فيما يتعلق بميزان التجارة الأمريكيي، ببيان مبيعات التجزئة و أيضا فيما يخص نفقات المستهلكين التي تلعب دورا كبيرا في تشكيل و توجيه التوقعات.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد