رئيس قسم الإحصاء في كلية الاقتصاد يُبرر حجب الرقم الإحصائي خلال سنوات الحرب!!
صرّح رئيس قسم الإحصاء في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق عمار ناصر آغا بأن درجة الوثوق بالأرقام الإحصائية وفق المتاح حالياً تعدّ مقبولة إلى حد ما، مشيراً إلى أن منع نشر البيانات خلال سنوات الحرب ما هو إلا دليل على أهمية استخدام الرقم الإحصائي، فمن ناحية يكون استخدامه إيجابياً وضرورياً لوضع الخطط والآليات للتعامل مع الواقع في ظروف الحرب، وهي المهمة المنوطة بالدرجة الأولى بمواقع صنع القرار في الحكومة، ومن ناحية أخرى يمكن أن تستخدمه الأطراف المعادية لكشف نقاط القوة والضعف في البنية الاقتصادية والاجتماعية، ومن هنا فإن حجب الرقم الإحصائي الصحيح يكون مبرراً خلال سنوات الحرب.
ولفت آغا إلى أن العاملين في المجال الإحصائي ابتداء من جامع البيانات وصولاً إلى الباحث والمحلل هم جنود مجهولون يساهمون في بناء المجتمع، ويحتاجون للمزيد من الدعم، مبيناً أن هناك بعض التسهيلات المقدمة للإحصائيين وخصوصاً تلك المتعلقة بالدعم المقدم من الحكومة في تنفيذ المسوح، ومن الجانب الآخر يمكن ملاحظة التقصير من جهة بعض الدوائر والجهات في انتقاء الكادر الفني من حيث المؤهلات القادرة على تلبية احتياجات الوزارات والمديريات وحتى المكتب المركزي للإحصاء، فمثلاً نجد أن في كل وزارة أو مديرية هناك قسم خاص بالتخطيط والإحصاء وللأسف أغلب العاملين في هذه الأقسام غير مؤهلين إحصائياً وغير مختصين، وتقيم هذه الأقسام بمثابة عقوبة للموظف غير المنضبط وظيفياً.
وبخصوص درجة دقة البيانات المتاحة للإحصائي نوه آغا بأنه يمكن القول إنها مقبولة إلى حد ما وخصوصاً ضمن الظروف الراهنة، لافتاً إلى أن مستوى نشر البيانات المأخوذة من المسوح مرتبط فنياً بتصميم عينات المسوح، ولذلك يعتبر التعداد العام للسكان والمساكن أكثر المصادر الميدانية التي تتيح إمكانية نشر البيانات على مستوى القرى والمزارع، أما المسوح الميدانية الأخرى فإن إمكانية تعميم نتائجها تكون مرهونة بالتكلفة بالدرجة الأولى، ومن الصعب من ناحية ثانية بمكان نشر كافة الجدوليات التي يمكن استخراجها من المسوح فهي كثيرة جداً، وموضحاً أن البيانات التي يتم الحصول عليها من المسوح الميدانية هي بيانات دولية متعارف عليها كمؤشرات البطالة ومؤشرات الخصوبة بكافة أنواعها ومؤشرات سكانية واقتصادية أخرى.
وأشار آغا إلى أن العملية الإحصائية في سورية تحتاج الكثير من العوامل التي تجعلها متكاملة ويمكن إجمال هذه العوامل بزيادة الكوادر الفنية المؤهلة لإنجاز كافة عناصر هذه العملية، وتنمية الوعي لدى المواطنين بأهمية الإدلاء بالبيانات الحقيقية، وبأن استخدامها سيعود بالنفع عليهم بالدرجة الأولى، إضافة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة في الربط الشبكي بين الجهات الحكومية المعنية بإنتاج الرقم الإحصائي، واستخدام هذه التكنولوجيا في جمع البيانات وتحليلها، مؤكداً أنه يمكن البدء بتنمية الوعي الإحصائي لدى المواطنين من خلال المناهج الدراسية ووسائل الإعلام المنوط بها مهمة تعريف الجمهور بالعمل الإحصائي، إضافة إلى الأدوار الأخرى للقائمين على مختلف الفعاليات من ورشات عمل وندوات وغير ذلك.
وأوضح آغا أهمية الرقم الإحصائي في رسم السياسة وصنع القرار، ففي الحياة اليومية مثلاً تكون الكثير من القرارات مبنية في الحقيقة على رقم، فرب الأسرة على سبيل المثال تكون قراراته في الإنفاق مبنية على احتياجات الأسرة، وهذه الاحتياجات مرتبطة كذلك بعدد أفراد الأسرة وأعمارهم وغير ذلك، ويمكن المقاربة هنا في التخطيط على المستويات الأعلى، فالتخطيط السليم لبناء المدارس أو المستشفيات في بلدة ما يحتاج إلى أرقام وإحصائيات كعدد سكان البلدة وتوزعهم حسب الأعمار والسيناريوهات المستقبلية لهذه البيانات، بحيث تكون مؤسسات البنى التحتية المخطط لتشييدها قادرة على استيعاب الأعداد الجديدة.
ولفت إلى أن الرقم الإحصائي له من الأهمية بمكان على المستوى الاقتصادي فمن الضروري معرفة المؤشرات الاقتصادية ومنها على سبيل المثال مكونات الاقتصاد الوطني ومعدلات نموه والطلب على العمالة وغير ذلك، بهدف تقييم الخطط الموضوعة وتلافي الثغرات في الخطط المستقبلية، مؤكداً أن القدرات الإحصائية هي الشكل العام للقدرة على إنتاج بيانات إحصائيات سليمة وبناء مؤشرات يمكن استخدامها في عملية التخطيط ورسم الإستراتيجيات واتخاذ القرارات التي تسهم في تحسين الواقع، وبالتالي فهذه القدرة يمكن تعزيزها من خلال وجود الكادر الفني المؤهل والقادر على تنفيذ المهمة المنوطة بالعملية الإحصائية بكافة أبعادها، ابتداء بجمع البيانات وانتهاء باتخاذ القرارات، وهي عملية متكاملة تحتاج لتوفر الظروف المناسبة للتعاون الإحصائي من قبل جميع الأطراف المعنية بمصادر البيانات كالأسر والمنشآت والجهات العامة والخاصة على حد سواء.
الوطن
إضافة تعليق جديد