خفض الفائدة ينعش الأسواق الأمريكية

20-03-2008

خفض الفائدة ينعش الأسواق الأمريكية

حذر خبراء أسواق الصرف من احتمال استمرار تدهور الدولار وانعكاساته على أسعار النفط، متأثراً بخفض مجلس الاحتياط الفيديرالي الثلثاء سعر الفائدة 75 نقطة أساس إلى 2.25 في المئة. وساهم الخفض الجديد، الذي جاء ضمن سلسلة إجراءات جريئة وسخية بدأها المصرف المركزي في أيلول (سبتمبر) الماضي، لدفع شبح الركود الاقتصادي وحماية قطاع المال من الانهيار، تحت ثقل الخسائر الضخمة الناجمة عن فضيحة الرهن العقاري وأزمة السيولة المترتبة عليها، في تحقيق مؤشرات الأسهم مكاسب فورية محترمة وتقليص الورقة الخضراء خسائرها في مقابل اليورو والجنيه الإسترليني.

وبرر المجلس الخفض الضخم في سعر الفائدة، وهو الأول منذ منتصف تسعينات القرن الماضي، فيما عدا الخفض الاستثنائي المماثل الذي أقره في 22 كانون الثاني (يناير) الماضي، بتعرض آفاق النشاط الاقتصادي إلى مزيد من الضعف منذ الاجتماع الأخير للجنة السياسة النــقدية الأخيــر في نهاية كانون الثاني، وتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي وتراخي أسواق العمل.

وأفاد أن «تعاظم الضغوط على أسواق المال وتفاقم الانكماش في حركتي النشاط الائتماني وقطاع السكن، من شأنهما أن يحدا من النمو الاقتصادي في الفصول القليلة المقبلة»، بيد أنه لم يذكر الركود الذي يستحيل التنبؤ به قبل تحقق شروطه المتمثلة بالانكماش (النمو السلبي) في فصلين متتابعين.

ولاحظ محللون أن خطوة الفائدة الجريئة، عزّزت فعلاً آمال المتعاملين في أسواق السلع بأن المجلس، بخفض سعر الفائدة ثلاث نقاط مئوية منذ ظهور مؤشرات كارثة الرهن العقاري في أيلول الماضي، ودعم السيولة في قطاع المال بضخ مئات بلايين الدولارات، ومباركة محفظة الإنعاش الاقتصادي التي تبناها الكونغرس أخيراً، سينجح في درء أخطار الركود وبالتالي تقليل احتمال انخفاض الطلب على الطاقة والمواد الأولية والغذائية، ما فسر الارتفاع المفاجئ في أسعار غالبية هذه السلع، لا سيما النفط والقمح والذرة في بورصة شيكاغو، مع إعلان خفض الفائدة، بعد تراجعها بحدة في اليوم السابق.

وخاطب المجلس مخاوف الركود مباشرة بإعادة التأكيد في بيان لجنة السياسة النقدية، على أن جملة الإجراءات التي اتخذها حتى الآن، هدفها مساعدة الاقتصاد على تحقيق نمو معتدل، معلنًا أن اللجنة على أهبة الاستعداد لمجابهة الأخطار التي يمكن أن تحول دون تحقيق نمو مستدام. ورأى محللون، في هذا الإعلان، مؤشراً على أن إجراءات تخفيف السياسة النقدية ستستمر، خصوصاً بعد توقع المجلس تراجع الضغوط التضخمية عن مستوياتها المرتفعة الحالية، انعكاساً لـ «استقرار» أسعار النفط والسلع الأخرى كنتيجة للتباطؤ الاقتصادي في الفصول القليلة المقبلة.

وإضافة إلى أسعار السلع، أعاد خفض الفائدة الجديد، الحياة إلى أسواق الأسهم التي ارتفعت مؤشراتها الثلاث الرئيسة ـ «داو جونز» للأسهم الممتازة و «ستاندرد أند بورز – 500» و «ناسداك» – الثلثاء، نحو 4 في المئة لكل منها، وناهز حجم مكاسب القيمة السوقية المحققة للأسهم المدرجة فيها 700 بليون دولار. وخرجت أسهم المال المأزومة بأكبر حصة من هذه المكاسب (155 بليون دولار) إذ ارتفع مؤشرها الفرعي في المؤشر «ستاندرد أند بورز» 8.5 في المئة، بينما راوحت نسب الارتفاع التي حققتها المؤشرات الفرعية الباقية، ومن ضمنها مؤشر أسهم شركات الطاقة الفرعي، بين 1.75 و4.34 في المئة.

وعزا محللون الأداء القوي لمؤشر المال الفرعي، بعد شهور من الضعف، إلى أن خفض الفائدة يحفز نشاط الإقراض بين المصارف ويخفف أعباءه، إضافة إلى تراجع المخاوف من أن تدفع خسائر الرهن العقاري، عملاقي صناعة الاستثمار المصرفي والوساطة «غولدمان ساكس» و «ليمان برازرز» في طريق الانهيار الذي سبقهما إليه رفيقهما «بير ستيرنز.» وأكد مسؤول كبير في صندوق النقد الجمعة الماضي، مدى جدية هذه المخاوف، مشيراً إلى أن نصيب مؤسسات المال وشركات التأمين وصناديق التحوط والمعاشات الأميركية من خسائر الرهن العقاري العالي الأخطار والأصول المالية الأخرى المتعثرة يتوقع أن يناهز 400 بليون دولار.

وفي أسواق الصرف حقق الدولار مكاسب فورية طفيفة أمام العملة الأوروبية الموحدة والجنيه الإسترليني، عزاها محللون إلى عمليات تعديل في المراكز، استوجبتها خيبة آمال المتعاملين الذين توقعوا من المجلس 100 نقطة أساس. لكن خبراء الصرف نبهوا إلى أن هبوط الفائدة الأميركية إلى مستوى 2.25 في المئة أخذ من الدولار أحد أهم عوامل القوة المتبقية له إذ رفع فوارق عائده الاستثماري إلى 1.75 في المئة أمام اليورو و3 في المئة في مقابل الجنية الإسترليني وخمسة وستة في المئة أمام العملتين الأسترالية والنيوزيلندية على التوالي.

وتوقع خبير الصرف في «مورغان ستانلي» ستيفن جين، أن يتابع الدولار مساره الهابط إلى أن تتخذ السلطات النقدية في الدول الصناعية الكبرى ومعها الصين والسعودية، قراراً بالتدخل في أسواق الصرف لدعمه، مشيراً إلى أن التوصل إلى خطة على شاكلة «اتفاق اللوفر» عام 1987، من شأنه أن يخفف الضغوط التي تتعرض لها أسواق الطاقة حيث بات ضعف الدولار المستمر منذ شباط (فبراير) 2002، يشكل 32 في المئة من أسعار النفط.

محمد خالد

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...