خرق لفصائل الجنوب في درعا يستبق اجتماع أستانة
لليوم الثالث على التوالي تتواصل المعارك في حيّ المنشية في مدينة درعا، بعد إطلاق فصائل الجنوب معركة «الموت ولا المذلة»، تحت إدارة «غرفة عمليات البنيان المرصوص». المعركة التي تأتي في توقيت حساس، بالتوازي مع تحضيرات الاجتماع الثاني من لقاءات أستانة، الذي سيشهد مجدداً حضور الأردن الذي سبق أن طرح تعميم مظلة التفاهم الثلاثي، لتشمل مناطق الجنوب السوري.
وفي حال استمرار الاشتباكات في درعا بخلال اليومين المقبلين، ستدور تساؤلات عديدة عمّا سيكون في جعبة الوفد الأردني إلى الاجتماعات المنتظرة يوم غد في العاصمة الكازاخية. ويضاف إليها مصير المشاركة الفعالة والمحورية لـ«هيئة تحرير الشام» في الهجمات داخل درعا، إن تمكن الأردن من حشد الفصائل خلفه، على طاولة «الهدنة» في أستانة.
ومع التقدم الأخير لتلك الفصائل وسيطرتها على عدد من كتل الحيّ، الذي يعد أحد أبرز المناطق التي تتحصن فيها قوات الجيش السوري، وإعلانهم أمس سيطرتهم على مناطق «واسعة» من بينها «كتلة النجار»، فإن من الممكن قراءة الهجوم في خانة تحسين المواقع قبل الدخول في محادثات وقف إطلاق النار. فالحيّ الذي يعد بوابة القسم الجنوبي من مدينة درعا، والذي تسيطر عليه الفصائل المسلحة، سيكون في حال نجاح الهجوم مكسباً ميدانياً مهماً، قد يجري تثبيته عبر ترسيم خطوط وقف إطلاق النار، على طاولة الاجتماعات.
وفي تفاصيل أمس الميدانية، أشارت مصادر سورية إلى أنّ المسلحين تمكنوا في خلال ساعات المساء من التوغل في عمق حي المنشية، جنوب غرب درعا، لمسافة تقارب 200 متر، من محور دوار المصري، جنوب شرق الحي، مع استمرار الهجوم برغم خسائر المسلحين الكبيرة.
ووفق المصادر، فإن الطيران الحربي والمدفعية لم يتوقّفا في محاولة لمنع المسلحين من تحقيق أي توغل إضافي، ريثما تمنع القوات البرية المسلحين من التمركز والتحصين داخل النقاط التي تقدموا إليها. وتشرح المصادر أنّ إصرار المسلحين على الدخول إلى حيّ المنشية، يأتي لاعتباره مؤثراً في السيطرة على مدينة درعا وأحد مفاتيح دخول أحيائها الجنوبية. وتضيف أن وقوع الحي مجاوراً للمنطقة الحدودية، يكفل للمسلحين، فيما لو سيطروا عليه، إمداداً جديداً نحو درعا البلد ومنطقة الزيدي.
تكثيف ضربات الطيران والمدفعية على مراكز تجمّع المسلحين أفضى إلى خروج عدة مشافٍ ميدانية لهم عن الخدمة، ما أدى إلى محاولتهم فتح محاور إشغال للجيش من منطقتي طريق السد ومخيم النازحين، شرقي المدينة، غير أن الجيش تصدى لمحاولات الضغط عليه وأفشل الهجوم.
وترى المصادر الميدانية أنّ للجيش موقع الأفضلية في السيطرة داخل الحيّ، حتى اللحظة، إذ إن حيّ المنشية يشرف على أكثر من منطقة مفصلية في المعارك القائمة، وهو يكشف خطوط إمداد المسلحين. وعليه، فإن نداءات الاستغاثة لم تتوقف من قبل المسلحين، بغية تحريك جبهات أُخرى راكدة في درعا، غير أن ذلك لم يتحقق لهم بفعل إحباط محاولات سابقة لهم، برغم نيلها الزخم الإعلامي ذاته، الذي تناله معركة «الموت ولا المذلة». ويضع العسكريون السوريون في اعتبارهم أنّ عوامل لوجستية عدة لا تزال في مصلحة الجيش، وتعرقل تقدم المسلحين، ومنها لجوء بعض اليائسين منهم إلى تسليم أسلحتهم وتسوية أوضاعهم، بعد توالي الإخفاقات الميدانية في خلال الأشهر الفائتة، وهو ما حمّل قياداتهم أعباءً كبرى. غير أن كثرة الآليات المفخخة التي تتواصل على نقاط التماس، بهدف توسيع الخرق العسكري الحاصل في حيّ المنشية، أمرٌ لا يغيب عن القيّمين على المعارك، خشية تدهور الأوضاع لمصلحة المسلحين.
وعلى صعيد التحضيرات لأستانة، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى توجيه دعوة إلى ممثل الإدارة الأميركية، للمشاركة في لقاء أستانة، مشدداً على أهمية استثمار الاجتماع لمراجعة سير تنفيذ اتفاق وقف العمليات القتالية وتشجيع العملية التفاوضية في جنيف.
وأوضح أنه وُجِّهَت دعوة كذلك إلى المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا، إضافة إلى ممثل الأردن، مضيفاً أن الجانب الأردني «عمل على إقناع الجماعات المسلحة في الجنوب السوري بالانضمام إلى نظام وقف إطلاق النار». كذلك، أعرب لافروف عن أمله في إقامة تعاون فعّال مع الإدارة الأميركية الجديدة حول سوريا.
وقبل يوم واحد على موعد الاجتماع، أثارت تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» عن أحد «قادة المعارضة» السورية، شكوكاً في حضورها محادثات أستانة، على خلفية اتهاماتها لموسكو بعدم القدرة على «إلزام دمشق بالامتثال لاتفاق وقف إطلاق النار».
وقال القائد العسكري في «الجيش الحر»، محمد العبود، إن الوفد لن يحضر، لأن «هناك خروقات في الهدنة، والطرف الروسي لم ينفذ ما وعد به لوقف هذه الانتهاكات». وأضاف مسؤول معارض ثانٍ للوكالة، شرط عدم الكشف عن هويته، أن بضعة أفراد من المعارضة قد يحضرون، شرط إحراز تقدم في اليومين المقبلين. وأضاف أن «الوفد (بأكمله) لن يذهب».
وكان لافتاً في المقابل، إعلان الحكومة السورية على لسان «مصدر رسمي» «استعدادها لمبادلة مسجونين لديها بمختطفين لدى المجموعات الإرهابية رجالاً ونساء وأطفالاً مدنيين وعسكريين، حرصاً على كل مواطن سوري مختطف في أي مكان». ورأى المسؤول في حديثه لـ«رويترز» أن «البيان خدعة»، قائلاً إن «دمشق تحتجز عدداً أكبر من المعتقلين، من العدد القليل الذي تحتجزه فصائل المعارضة».
إلى ذلك، أعلن مكتب دي ميستورا، أن مفاوضات السلام حول سوريا ستبدأ في 23 شباط الجاري، في جنيف، بعدما كانت مقررة في 20 منه. وقالت المتحدثة باسمه يارا الشريف، في بيان إنه «تم توجيه الرسائل اليوم، والوفود ستصل يوم 20 شباط أو بحدوده... قبل البداية الرسمية للمفاوضات».
مرح ماشي
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد